هل يسرق الذكاء الاصطناعي وظائفنا؟
يثير الذكاء الاصطناعي المخاوف من أن استخدامه على نطاق واسع سيقلل من شأن العمل البشري وسيؤدي إلى تسريح الموظفين وارتفاع معدلات البطالة

Diana Baetelu, 26.02.2025, 15:32
يثير الذكاء الاصطناعي المخاوف من أن استخدامه على نطاق واسع سيقلل من شأن العمل البشري وسيؤدي إلى تسريح الموظفين وارتفاع معدلات البطالة . وعلى الرغم من التنبؤات المتفائلة بأن الذكاء الاصطناعي لن يحل محل البشر إلا في المهام المتكررة أي تلك التي لا تتطلب مشاركة العنصر البشري بمهارات الإبداع أوالابتكار فمن الواضح أن العاملين في وسائل الإعلام والمجالات الإبداعية يعتقدون أن الواقع أكثر قتامة بدليل أن أكثر من ثلث المترجمين قالوا أن حجم أعمالهم انخفض بسبب الذكاء الاصطناعي في حين أن شركات كثيرة تقوم بتسريح كتاب المحتوى ولم تحتفظ إلا بالحد الأدنى اللازم لإضفاء لمسة إنسانية على أعمال الذكاء الاصطناعي . وأعرب ستة وأربعون بالمائة من المشاركين في دراسة استقصائية أجريت في الولايات المتحدة عن مخاوفهم من أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل مراسلي وسائل الإعلام ومؤلفي الكتب.
لويزا بانياي خبيرة الموارد البشرية منذ أكثر من عشرين عاما ومستشارة التحول التنظيمي قالت إن تحسين الأداء والتطوير الذاتي المستمر باتا أكثر أهمية من أي وقت مضى. ولكن لا بد أن يهتم بذلك الموظف وصاحب العمل على حد سواء :”من المستحسن أن يؤدي استخدام الذكاء الاصطناعي إلى زيادة أهمية التعلم المستمر.إنها مسؤولية تقع على عاتق كل منا بما في ذلك الرئيس في العمل والذي يتعين عليه أن يوفر للموظف الأدوات والمعارف اللازمة للقيام بمهامه وأيضا لتطوير مهاراته داخل الشركة لصالحه أو لصالح الشركة على حد سواء .
أصعب شيء هو أن تقوم بتكييف الموظف ثقافيا وألا تكتفي بتطوير مهاراته فقط . فالتكييف يساعد الموظف على فهم سير الأمور وفهم أعمال الشركة ويمكنه من الارتقاء في السلم الوظيفي . فإذا كانت مهمة صاحب العمل هي أن يوفر للموظف أدوات تطوير الذات داخل الشركة إلا أن مسؤولية التكيف وتطوير الذات تقع على عاتق الموظف حصريا .”
تعتقد لويزا بانياي بأن الخوف يؤثر سلبيا على الأشخاص الذين تسبب الذكاء الاصطناعي في التقليل من شأن الوظائف التي تدربوا عليها وصولا إلى التخلي عنها نهائيا : “ينبغي على الموظف أن يحدد ما الذي يريده وما هي الأعمال التي يروق له القيام بها وما هي الواجبات المدرجة في وصف وظيفته والتي لا يزال الطلب عليها قائما ولا تزال تكافأ براتب . أو ما الذي يمكن للموظف أن يقوم به بشكل مختلف بحيث يصبح موظفا متميزا في الشركة ؟
الإجابة عن هذه الاسئلة أنه يتعين على الموظف أن يتدرب على ن على الموةمهارات جديدة ليس إلا . فكل شئ يتغير بما في ذلك الوظائف.فهل كان هناك أوبر قبل بضع سنوات ؟ هل كان القيام بالترجمات العالمية متاحا قبل بضع سنوات ؟ شخصيا أتوقع ظهور وظائف جديدة كأخلاقيات الذكاء الاصطناعي وكشف الأخبار الكاذبة على سبيل المثال وهي وظائف في غاية الأهمية في الشركة”
تقول لويزا بانياي أن رومانيا لم تستثمر بشكل كاف وفعال في تطوير مهارات الموظفين في أقسام الموارد البشرية حتى يتمكنون من مساعدة الموظفين على تطوير ذواتهم . كما أن عملية تطوير مهارات الإدارة المتوسطة أخفقت في تدريب المديرين على سبل تطوير المهارات البشرية داخل الفرق التي يقودونها بطريقة مستدامة.وبالتالي فإن هؤلاء المديرين لا يملكون الأدوات اللازمة لمساعدة الآخرين على تطوير ذواتهم والبقاء منخرطين في شؤون الشركة : ”لقد حصل ذلك بالفعل إبان الأزمة الاقتصادية ما بين عامي 2008 و2009 التي كانت أزمة كبرى. ثم مررنا بأزمات أخرى كجائحة كورونا وغيرها . فأثناء تلك الأزمات اضطرت الشركات لعمل كل ما بوسعها وبأسرع وقت من أجل البقاء .ولذلك كانت بحاجة إلى أشخاص يركزون فقط على تحقيق نتائج جيدة . فقد نجح هؤلاء الأشخاص في تطوير ذواتهم وتحقيق النتائج المرجوة ولكن فقط فيما تعلق بأعمال الشركة.
ولكن من جهة أخرى لا يمكن تحسين الإدارة إلا بالاستثمار في التطوير الذاتي للموظفين وتشجيعهم على تطوير ذواتهم وفق استراتيجية مناسبة . معنى ذلك أن قسم الموارد البشرية كان ينبغي عليه أن يدرب المدير على استخدام المطرقة والسندان وأن يخلق البيئة المناسبة لتطبيق كل ما اكتسبه من معارف جديدة . ولكن لم يكن هناك وقت لذلك. وبالتالي فقد تم ترقية بعض الموظفين إلى مناصب قيادية شكليا فقط وفي بعض الأحيان لمجرد الاحتفاظ بهم في الشركة وهو أمر خاطئ لأنه لا يؤدي إلى التطوير الذاتي للموظفين ولا يخلق ارتباطا حقيقيا للموظف بالشركة وليس سوى شكل من أشكال تأمين عقد العمل. فآثار ذلك التعامل تظهر في سلوكيات العاملين في الشركة من جهة وفي افتقار الشركة إلى قائد حقيقي قادر على توجيه الأمور والتأثير على سيرها بشكل إيجابي.”
أظهرت دراسة حديثة أن خمسين بالمائة من الموظفين الرومانيين يعتقدون أن برامج إعادة التأهيل المهني لم تنجح في تطوير مهارات التواصل والتكيف مع البيئة المهنية . وفي الشركات الكبرى تصل هذه النسبة إلى ستة وخمسين بالمائة . وتقول لويزا بانياي إن الدور الذي يمكن أن تلعبه الشركة في حياة الموظفين هو دور مشرف لأن الشركة قادرة على تطوير مهارات مفيدة للموظفين ليس في العمل فسحب بل أيضا في الحياة اليومية. إن تعلم طرق التواصل الفعال والمشاركة الفاعلة في صنع القرار فضلا عن تقديم وتلقي الملاحظات هي الصفات التي تساهم في حياة أفضل ومجتمع أفضل بشكل عام. وبالتالي فإن المنظمات التي تؤمن بالتعلم المستمر سيكون موظفوها على أتم استعداد للاستجابة للتغيرات العصرية وسيعتبورن التكنولوجيا حليفا لهم وليس مصدر خوف وهلع .