تحديات عام 2025
الحرب في أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض فضلا عن الانتخابات في فرنسا وألمانيا وبولندا هي أبرز الأحداث السياسية لعام 2025
Diana Baetelu, 20.01.2025, 15:30
الحرب في أوكرانيا والوضع في الشرق الأوسط وعودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض فضلا عن الانتخابات في فرنسا وألمانيا وبولندا هي أبرز الأحداث السياسية لعام 2025 .أما فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا فإن الاتحاد الأوروبي الذي طالما ظن أن أوروبا لن تشهد حربا كبرى مرة أخرى اضطر إلى البحث عن أنسب السبل للاستجابة للنزاع المسلح الذي اندلع في عام 2022 عقب الغزو الروسي لأوكرانيا .
فالاتحاد الأوروبي الذي كان قد أنشئ لإدارة السلام قد وجد نفسه مضطرا لمواجهة واقع قاس للغاية خلقته الحرب المستمرة في أوكرانيا منذ ما يقارب ثلاث سنوات والتي لا يعرف أحد متى وكيف ستنتهي. فالصدمة التي شعرت بها أوروبا آنذاك كانت قد تولدت من إدراكها أن حربا كبرى جديدة على أراضيها قد أصبحت حقيقة قائمة – بحسب الأستاذ الجامعي الدكتور دان دونغاتشيو.
ماذا تعلمت أوروبا حتى الآن؟ لقد تعلمت أن العلاقات والتفاعل والاتصالات والروابط الاقتصادية التي كانت مصدرا للسلام والأمن وأدت إلى إنشاء الاتحاد الأوروبي بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة التعاون الاقتصادي بين فرنسا وألمانيا – إن تلك العلاقات والروابط لم تعد قادرة على بناء السلام وتأمين الأمن في أوروبا :”العلاقات بين الدول لم تعد تساهم في الحفاظ على السلام والعلاقات الاقتصادية لم تعد تساهم في الحفاظ على الأمن بل على العكس من ذلك قد تؤدي إلى الحرب . فالتحدي الأعظم الذي يواجه الاتحاد الأوروبي هو أنه يحتاج إلى إعادة استحداث نفسه .
أما التحدي الثاني وهو أقل وضوحا في هذه اللحظة فهو أن الاتحاد الأوروبي الذي كان وقت إنشائه مشروعا للمرحلة ما بعد القومية دون أن يكون مشروعا معاديا للمصالح القومية لأعضائه بات يعيش واقعا ذا طابع قومي حاد ألا وهو الحرب في أوكرانيا. فمقاومة أوكرانيا للعدوان الروسي هي في المقام الأول مقاومة ذات طابع قومي لأن أوكرانيا تعمل على إعادة استحداث نفسها وتحقيق التطور والتقدم وما إلى ذلك. إنهما تحديان كبيران يتعين على الاتحاد الأوروبي مواجهتهما بطريقة أو بأخرى . فمدى نجاح الاتحاد الأوروبي في إدارة هذه التحديات سيكون بمثابة معيار لتقييم قدرته على مواصلة المشروع الذي انطلق قبل عقود طويلة من الزمن والذي يواجه حاليا أعظم تحد في تاريخه “.
بحلول نهاية عام 2024 عادت التطورات في الشرق الأوسط إلى واجهة الأحداث العالمية متقدمة على الحرب في أوكرانيا إلى حد ما – خاصة بعد سقوط نظام الأسد في سوريا الذي يعتبره البروفيسور دان دونغاتشيو انتصارا سياسيا واستراتيجيا لإسرائيل: ” سقوط سوريا ليس لصالح الدولة الإيرانية التي ترى نفسها محرومة من الممر السوري وهو الممر الرئيسي الذي كانت طهران تستخدمه لإرسال مختلف المواد إلى حزب الله – أقوى وكلاء طهران في المنطقة .
ماذا يعني هذا؟ وهذا يعني أنه مع تولي الإدارة الأمريكية الجديدة هذا الملف الذي قد يكون الملف الثاني على جدول أعمال الإدارة الأمريكية بعد الملف الأوكراني فإننا سنشهد إعادة ترسيم الشرق الأوسط بأكمله. فما حدث في سوريا لن يقتصر على سوريا لأن اتجاهات استراتيجية بالغة الأهمية تنطلق من سوريا. أحد تلك الاتجاهات يؤدي إلى تركيا واتجاه آخر يؤدي إلى إيران وثالث يؤدي إلى إسرائيل وهي اتجاهات استراتيجية يجب ترتيبها بشكل أو بآخر وهو ما لا يمكن أن يتحقق من الداخل . لذا فأعقتد أن إدارة ترامب ستحاول ترسيم الخطوط العريضة للتطورات القادمة في المنقطة. “
إنه ملف معقد للغاية سنتابعه طوال عام 2025 لأنه يمثل أهم تغيير في الشرق الأوسط في العام الجاري حتى وإن كانت ملامحه غير واضحة تماما في هذه اللحظة : “سنتابع باهتمام محاولات إدارة الرئيس دونالد ترامب للتعاطي مع قضايا الشرق الأوسط ولكن دون أن يكون لها تواجد عسكري فيها . ذلك أن أكثر ما يخشاه دونالد ترامب في مستهل ولايته الرئاسية الجديدة هو التورط في حرب لأن التورط في حرب يمثل وصفة فشل بالنسبة له . وكلنا يعلم أن لديه مشروعا رئيسيا واحدا فقط وهو أن يصبح أعظم رئيس أمريكي على مدى المائة عام الماضية.”
عودة إلى أوروبا حيث لا يزال التحدي الأكبر يتمثل في الحرب المعلوماتية والسيبرانية الهجينة التي تخوضها روسيا والتي تغذي التيارات المتطرفة في عام سيشهد انتخابات حاسمة في فرنسا وألمانيا وبولندا وكلها في غاية الأهمية بحسب دان دونغاتشيو الذي لفت الانتباه إلى أن أكبر خطر أمني يتمثل في خلق مناخ موات للدعاية الروسية التي تترسخ وتتمدد . فليست الدعاية بحد ذاتها الخطر الرئيس بل المناخ السائد في بعض المجتمعات على حد قول الأستاذ دان دونغاتشيو والذي يمثل أكبر فشل للأحزاب الأوروبية الرئيسية . إنها حقيقة على هذه الأحزاب أن تأخذها في الاعتبار في إعادة تقييمها للمشهد الأوروبي العام إذا ما أرادت تحصينه ضد التدخلات الروسية بشكل أفضل .