القطار الملكي
في شهر أكتوبر تشرين الأول الماضي أطلق تيودور فيشان ميو وأندريه بيريندي كتابهما بعنوان "قصة القطار الملكي" وهو بحث علمي بثوب أدبي في تاريخ الأسرة المالكة الرومانية وأحد أبرز رموزها ألا وهو القطار الملكي.
Diana Baetelu, 16.11.2024, 15:30
في شهر أكتوبر تشرين الأول الماضي أطلق تيودور فيشان ميو وأندريه بيريندي كتابهما بعنوان “قصة القطار الملكي” وهو بحث علمي بثوب أدبي في تاريخ الأسرة المالكة الرومانية وأحد أبرز رموزها ألا وهو القطار الملكي.
يستخدم القطار الملكي حاليا من قبل أفراد العائلة المالكة السابقة وضيوفهم من الرومانيين والأجانب ويتكون القطار من قاطرة بخارية وخمس عربات هي عربة المطعم وعربة الملك وعربة الملكة وعربة الضيوف بالإضافة إلى عربة موظفي الأسرة المالكة . حول أهمية القطار وتاريخ السكك الحديدية في رومانيا حدثنا أحد مؤلفي الكتاب المؤرخ تيودور فيشان ميو المعروف باهتمامه بتاريخ الأسرة المالكة الرومانية :
“بداية أود التوضيح أنه كان هناك عبر التاريخ أكثر من قطار ملكي . أما الذي نحن بصدده فهو الوحيد الذي تبقى لنا منها وهو تحديدا القطار المصنوع في مصانع إرنستو بريدا بمدينة ميلانو الإطيالية والذي بدأت الأسرة المالكة باستخدامه في عام 1928 . مما لا شك فيه أن أهمية القطارات الملكية مرتبطة بضرورة تأمين الظروف المناسبة لأفراد الأسرة المالكة للسفر لمسافات طويلة وهي ظروف لم يكن بالإمكان توفيرها إلا في القطارات الخاصة. كما تجدر الإشارة إلى أن تاريخ القطارات الملكية هو جزء لا يتجزأ من تاريخ السكك الحديدية في رومانيا والذي تعود بداياته إلى عهد الأمير كارول الأول الذي أصبح مالكا لرومانيا في عام 1866. فلدى وصول الأمير كارول إلى رومانيا قادما من ألمانيا في عام 1864 لاعتلاء عرش إمارتي مولدوفا وفالاهيا المتحدتين لم يكن هناك كيلومتر واحد من السكك الحديدية غير أن مشاريع عديدة بهذا الشأن كانت طرحت على بساط البحث منذ سنوات طويلة دون أن تجد طريقها إلى التنفيذ . ولكن الأمير كارول الأول ساهم شخصيا في تسريع الأمور والبدء بإنشاء السكك الحديدية في البلاد .”
ماذا عن مصير القطار الملكي في الحقبة الشيوعية ؟ تيودور فيشان ميو :
“النظام الشيوعي حافظ على القطار الملكي واستخدمه لرحلات المسؤولين رفيعي المستوى لمسافات طيولة نظرا لدرجة الراحة العالية أثناء السفر على متنه . فكان غيورعي غيورغيو ديج الزعيم الشيوعي الذي استخدم القطار الملكي في خمسينيات ومطلع الستينيات من القرن الماضي . أما نيكولاي تشاوشيسكو فاستخدم قطارا آخر صنع في مدينة أراد الرومانية ومع ذلك حافظ على القطار الملكي وطالب بتحديثه في التسعينيات لاستخدامه لرحلات خصوصية .”
يمثل القطار الملكي نقطة جذب لهواة التاريخ . وقد نظمت رحلات على متنه إلى مختلف الوجهات للسماح للجمهور بمشاهدته وحتى زيارته. ولكن للقطار الملكي مغزى تاريخيا هاما كونه القطار الذي استقله الملك ميهاي آخر ملوك رومانيا لمغادرة البلاد ليلة الثالث من يناير كانون الثاني عام 1948 بعد أن أجبره الشيوعيون على التنازل عن العرش في الثلاثين من ديسمبر كانون الأول عام 1947:
“من المؤكد أن القطار يحظى باهتمام كبير من قبل الجمهور لأهميته التراثية. فقد تجلى هذا الاهتمام أثناء عرضه في محطة القطار الرئيسية في بوخارست حيث تدفق الجمهور إلى المحطة لزيارته. كذلك تدفق الناس لمشاهدته أثناء رحلات أفراد الأسرة المالكة على متنه إلى مختلف الوجهات في رومانيا اتبداء من عام 2012 . والجدير بالذكر أن الأسرة المالكة نفسها بادرت بتنظيم مثل هذه الرحلات ومن بينها الرحلة التي نظمت لأعضاء اتحاد الكتاب في عام 2009 على متن القطار الملكي بمناسبة ذكرى مرور مائة عام على تأسيس مؤسسة الكتاب والتي أصبحت لاحقا اتحاد الكتاب في رومانيا . بطبيعة الحال لا يمكن استخدام هذا القطار بإفراط لأهميته التاريخية حيث كان القطار الملكي شاهدا على أحداث هامة في تاريخ رومانيا ومن بينها رحيل الملك كارول الثاني والد الملك ميهاي عن رومانيا في عام 1940 وثم رحيل الملك ميهاي عن رومانيا في عام 1948 وأخيرا مراسم تشييع جنازة الملك ميهاي حيث استخدم القطار الملكي لنقل الموكب الملكي من بوخارست إلى المقبرة الملكية في بلدة كورتيا دي أرجيس .”
تداولت الدعاية الشيوعية خرافات مدعية بأن القطار الملكي خرج من رومانيا محملا بثروات وكنوزى بأمر من الأسرة المالكة قبيل مغادرتها البلاد في يناير كانون الثاني عام 1948 بعد تنازل الملك ميهاي عن العرش تحت ضعط السلطات الجديدة الموالية لموسكو وبدعم من الجيش السوفييتي . تيودور فيشان ميو مرة أخرى :
“تداولت في الفضاء العام القطار خرافة تتعلق برحيل الملك ميهاي عن رومانيا حيث قيل أن القطار كان محملا بثروات لا تحصى وقت خروجه من البلاد .. لكن دراسة أرشيف جهاز الأمن الشيوعي دحضت تلك الخرافة كما نفتها روايات أفراد حاشية الملك الذين رافقوا الأسرة المالكة في تلك الرحلة بقولهم بأن الملك وأقاربه خضعوا لمراقبة صارمة قبيل السفر ولم يسمح لهم إلا بأخذ بعض الأمتعة الشخصية عديمة القيمة فيما صودرت منهم المجوهرات وأطقم المائدة الفاخرة وكل الممتلكات القيمة الأخرى “.