التضليل عبر الإنترنت
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة - اليونسكو العام الماضي عن خطة لمكافحة انتشار الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية عبر الإنترنت
Diana Baetelu, 10.06.2024, 15:30
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة – اليونسكو العام الماضي عن خطة لمكافحة انتشار الأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية عبر الإنترنت تهدف إلى حماية العمليات الديمقراطية والمشهد المعلوماتي العالمي.الخطة والتي تقوم على سبعة مبادئ أساسية هي ثمرة عملية تشاور غير مسبوقة شملت أكثر من عشرة آلاف مساهمة تلقتها المنظمة من مائة وأربع وثلاثين دولة على مدى ثمانية عشر شهرا .وقالت المديرة العامة لمنظمة اليونسكو أودري أزولاي إن “هناك حاجة ملحة لضوابط في هذا المجال لأن المعلومات الزائفة على الإنترنت والتي تساهم منصات التواصل الاجتماعي في نشرها بسرعة كبيرة وتقوم أيضا بتضخيمها تمثل خطرا كبيرا على التماسك الاجتماعي والسلام والاستقرار”.
وقد أظهر استطلاع للآراء أجراه معهد إبسوس بطلب من منظمة اليونيسكو في ست عشرة دولة تجرى فيها انتخابات في العام الجاري بما فيها الولايات المتحدة أن ستة وخمسين بالمائة من مستخدمي الإنترنت يحصلون على الأخبار من منصات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل أساسي وهي نسبة تتجاوز نسبة الذين يحصلون على الأخبار من التلفزيون والمواقع الإلكتروينة لوسائل الإعلام التقليدية. وقد أثار التحول إلى شبكات التواصل الاجتماعي كمصدر رئيس للأخبار المخاوف والقلائق ذلك أن مصداقية منصات التواصل الاجتماعي تقل عن مصداقية وسائل الإعلام التقليدية. وقد أعرب أكثر من خمسة وثمانين بالمائة من المشاركين في الاستطلاع عن قلقهم الشديد إزاء تداعيات التضليل عبر الإنترنت فيما اعتقد سبعة وثمانون بالمائة أن التضليل ألحق أضرارا بالمشهد السياسي في بلادهم.
بناء على نتائج الاستطلاع صنفت منصات وسائل التواصل الاجتماعي على أنها البيئة الرئيسية لنشر المعلومات الكاذبة في جميع البلدان المشاركة في الدراسة حيث وصفها ثمانية وستون بالمائة من المشاركين بأنها المسؤول الرئيسي عن نشر المعلومات الزائفة والمضللة. ففي سياق الأزمة الجيوسياسية والأمنية الحالية والانتخابات التي تجرى هذا العام في العديد من الدول حول العالم تبين أن الأخبار الزائفة تنتشر بشكل أسرع من تلك التي قد تم التحقق من صحتها ما يزيد من خطر التعرض للتضليل بحسب المحاضر الجامعي في كلية الصحافة وعلوم التوصل في جامعة بوخارست الدكتور أنطونيو موموك الذي تحدث في مقابلة مع راديو رومانيا عن التواصل عبر الإنترنت :
“هناك العديد من الدراسات حول منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة – تويتر وفيسبوك وتيك توك وانتسغرام .وقد خلصت الدراسات إلى أن الأخبار الزائفة تنتشر بشكل أكبر وأسرع من الأخبار التي تم التحقق من صحتها. إنها حقيقة مثبتة إحصائيا. فالاحتمال كبير أن يكون عدد الذين يقرأون أخبارا زائفة أعلى بكثير من عدد الأشخاص الذين يقرأون أخبارا تم التحقق من صحتها. الشيء نفسه ينطبق على نظريات المؤامرة والقصص المختلقة حول التاريخ والتقاليد وما إلى ذلك بحيث نجد نظرية جديدة من هذا القبيل على تيك توك في كل لحظة ناهيك عن أشكال التزييف العميق وما إلى ذلك.
ولكن يجب القول بأن منصات وسائل التواصل الاجتماعي تؤدي مهمتها وهي تقديم المعلومات اللافتة والمثيرة التي تبقي المستخدمين على المنصة لفترة طويلة لتدر إيرادات. كم يجب القول بأن ما ينشر ويضخم ويقتطع من سياقه أو يفسر على عكس معناه على منصات التواصل الاجتماعي هو في الواقع الشعور بالإحباط والكراهية والغضب وهي مشاعر نعتقد أننا نستطيع التنفيس عنها عبر التعليقات وردود الأفعال على منصات وسائل التواصل الاجتماعي”.
لهذا السبب أصبحنا رهائن لتلك المعلومات والنظريات والأخبار الزائفة التي تدفعنا إلى التصويت ضد النظام القائم . فمن الواضح أن الصحافة الكلاسيكية تضررت من المنصات والتطبيقات الرقمية فعليها أن تتكيف بسرعة مع الاتجاهات الجديدة وأن تكون حاضرة في البيئة الرقمية بمعلومات صحيحة وعالية الجودة بحسب الخبير أنطونيو موموك:
لقد أجرينا دراسة حول استهلاك الإنترنت والتلفزيون قبل جائحة كورونا وبعدها أظهرت نتائجها أن استهلاك التلفزيون زاد قبل الجائحة وأثناءها وبعدها وانطلقنا من فرضية أن استهلاك الإنترنت قد زاد ولكننا أدركنا لاحقا أن استهلاك الإنترنت كان قد استنفد قدرته على النمو في واقع الأمر . صحيح أن الناس استهلكوا الإنترنت بشكل أكبر أثناء الجائحة بمعنى أنهم أجروا عمليات شراء أون لاين وقضوا معظم الوقت في المنزل ولكن فيما يتعلق باستهلاك المعلومات فكانوا يتحققون من صحة الأخبار عبر الإذاعة والتلفزيون أوالمواقع الإلكترونية للصحافة المكتوبة .معنى ذلك أن التلفزيون والراديو لا يزالان يحظيان بثقة الجمهور بفضل الصحفيين المحترفين الذين يقدمون لهم أخبارا عالية الجودة . بالطبع هناك صحفيون محترفون كثر في المنصات البديلة . فالإنترنت يمثل بيئة مفتوحة أمام الصحافة عالية الجودة “.
يستنتج مما سبق أن التربية الإعلامية التي تدلنا على مصادر المعلومات الموثوق بها فضلا عن التفكير النقدي والثقافة العامة هي أسلحة فعالة لمواجهة التضليل عبر المنصات الرقمية.