المجتمع المدني يدعم التعليم في المناطق الريفية
حينما يطول انتظار تدخل مؤسسات وسلطات الدولة لحل المشاكل التي يواجهها المجتمع ينجح بعض الرومانيين في ملء الفراغ الناجم عن تأخر الدعم الرسمي
Diana Baetelu, 22.05.2024, 15:30
حينما يطول انتظار تدخل مؤسسات وسلطات الدولة لحل المشاكل التي يواجهها المجتمع ينجح بعض الرومانيين في ملء الفراغ الناجم عن تأخر الدعم الرسمي وذلك بواسطة المنظمات غير الحكومية التي تنجح بدورها في إيجاد ممولين . إحدى تلك المنظمات هي جمعية بوكلاند التي قامت بترميم وتحديث ثمانين مدرسة وروضة أطفال كانتتن في وضع يرثى له شأنها شأن مدارس كثيرة في المناطق الريفية وهي في حالة متقدمة من التهالك وجدرانها مصابة بالرطوبة وغير مطلية وهي مبان غير مناسبة أصلا لاستضافة مدارس وتفتقر إلى التجهيزات الحديثة .
خلال أربع سنوات فقط قامت جمعية بوكلاند بترميم وتحديث تلك المدارس ورياض الأطفال وتجهيزها بالمستلزمات الحديثة. وكان ارتفاع نسبة التسرب المدرسي في المناطق الريفية وفق الإحصاءات الرسمية هو ما دفع ناشطي الجمعية إلى بذل الجهود في هذا الاتجاه قناعة منهم بأن إهمال المباني التي تستضيف المدارس ورياض الأطفال يعد من بين أسباب إهمال الدراسة بحسب ميهايلا بيتروفان رئيسة جمعية بوكلاند : “وضع التعليم في المناطق الريفية سيء وخطير. فطالب من بين كل طالبين يترك الدراسة بعد إنهائه مرحلة التعليم الإعدادي أي بعد الصف الثامن الإعدادي .كما أن طالبا من بين كل أربعة طلاب في المناطق الريفية لا يمثل لامتحان البكالوريا. فالوضع صعب لكننا لا نستسلم لأن روحية العمل المدني تفرض علينا أن نمضي قدما وأن يكون لدينا حلم. قد نكون ساذجين أو حتى مجانين أحيانا لكن أهم شيء هو أن نظل واثقين من نجاحنا رغم الصعوبات . لقد بدأنا قبل أربع سنوات بترميم وتحديث مدارس ورياض أطفال في جميع المحافظات وخاصة في محافظة إلفوف المجاورة للعاصمة ونبحث عن مدارس أخرى لضمها إلى هذا المشورع لكن يبدو أن مدارس إلفوف تقدمت بطلبات الحصول على التمويل الأوروبي وهذا أمر رائع . أما جمعية بوكلاند فتنفذ مشاريعها بأموال رومانية أي بتبرعات الشركات المحلية والدولية أو المتعددة الجنسيات العاملة في رومانيا.”
أكبر إنجاز حققته جمعية بوكلاند يتمثل في تمكنها من إشراك المجتمعات المحلية في تنفيذ مشاريعها علما أن تلك المجتمعات غالبا ما تكون خاملة بحسب ميهايلا بيتروفان رئيسة جمعية بوكلاند التي حدثتنا عن المشاريع التي نفذتها في المناطق الريفية: “يترواح عدد المدارس التي قمنا بترميمها في كل محاظفة ما بين مدرسة واحدة وست مدارس – أي بمعدل مدرستين في كل محافظة . ففي محاظفة فرانتشيا على سبيل المثال قمنا بترميم ست مدارس . يسعدنا أننا تمكننا من إحداث تغيير هام في تلك المجتمعات . ففي البداية كانت المجتمعات المحلية خاملة وجامدة ربما لأنها كانت قد سئمت من التعهدات والوعود الكاذبة واستسلمت لكننا تمكننا من إقناع الجميع بالمشاركة فقام الآباء بتقديم وجبات ساخنة للعمال وقام الطلاب بتنفيذ بعض الأعمال السهلة بأنفسهم مثل صبغ السياج والجدران أو تزيينها برسومات . لقد شارك الجميع كبارا وصغارا . حتى القساوسة وطبيب القرية والخباز شاركوا أيضا .”
نجاحات الجمعية لا تمر مرور الكرام على سكان تلك المناطق . ميهايلا بيتروفان من جديد :
إحدى الأمهات في محافظة نيامتس قالت وهي تلاحظ اللوحة التي كتبت عليها أسماء جميع المتبرعين مشروع ترميم المدرسة وهم حوالي خمسين : “ما أروع أن نرى رومانيا متحدة من أجل أطفالنا”. إنها أم تسكن في قرية باسترافيني بمحاظفة نيامتس . تأثرت بقولها وأدركت أنها على حق لأننا نفذنا أعمال الترميم بمواد بناء وصلتنا من جميع أنحاء رومانيا وليس من محافظة نيامتس فقط. وبعد وصول مواد البناء تمكننا من حشد دعم الشركات من أجل المساهمة في دفع أجور العمالة. كما حشدنا دعم البلديات التي ساهمت غالبيتها بالمال المتوفر لديها من الضرائب والرسوم المحلية وليس بأموال من ميزانية الدولة .. معنى ذلك أن السكان هم من تحملوا تكاليف ترميم المدرسة. ونحن فخورون بأن هذا الثلاثي الناجح المكون من الشركات المتبرعة والبلديات والمجتمع المحلي قادر على تنفيذ مشاريع بالموارد المحلية وليس بالضرورة بأموال أوروبية.
المشروع التالي لجمعية بوكلاند يهدف إلى دعم التعليم المهني المزدوج ما قبل الجامعي أي دورات تدريب الحرفيين والفنيين في مختلف المجالات التي تحتاجها الشركات الراغبة في الاستثمار في تدريب الطلاب. وقالت ميهايلا بيتروفان إن أول حرم للتعليم المهني المزدوج ما قبل الجامعي قد يقام في محافظة آرجيس في قرية فولتوريشتي. أحدث تقرير لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يظهر أن التعليم المهني والفني يحظى بشعبية أكبر في رومانيا مقارنة ببلدان أخرى موضحا أن اثنين وثلاثين بالمائة من الطلاب الرومانيين الذين تتراوح أعمارهم ما بين الخامسة عشرة والتاسعة عشرة التحقوا بأحد أشكال التعليم المهني المزدوج ما قبل الجامعي.