ريغاس فيرايوس
أطلق المؤرخون على القرن الثامن عشر، قرن الأضواء بسبب الأفكار التي تطالب بالمساواة وتحرير جميع الناس من أي شكل من أشكال العبودية.
Steliu Lambru, 24.01.2019, 20:49
ريغاس فيرايوس Rigas Feraios
أطلق المؤرخون على القرن الثامن عشر، قرن الأضواء بسبب الأفكار التي تطالب بالمساواة وتحرير جميع الناس من أي شكل من أشكال العبودية. وقد انتقد مثقفوا القرن الثامن عشر مؤسسات الحكم الملكي والكنيسة والطبقات الاجتماعية كالنبلاء ورجال الدين بسبب امتيازاتهم. كما ظهرت في القرن الثامن عشر أفكار الحداثة التي مانزال نعلّمها حتى اليوم.
كانت البلاد الرومانية في سنوات التنوير ترزح تحت السيطرة العثمانية. في بخارست و ياش، عاصمتي الإمارتين الرومانيتين، جاء السادة من منطقة الفنار في القسطنطينية، التي يسكنها اليونانيون الأثرياء الذين اشتروا مناصبهم. كان الفاناريون يعتبرون لفترة طويلة، الموظفين الفاسدين التابعين للإمبراطورية العثمانية، الذين كانوا يسعون إلى الثراء، بينما كان الناس يعانون من الفقر. لكن يمكن اعتبار السادة الفاناريون فاسدين إلى حد ما.
مع الأخذ بعين الاعتبار خصوصية القرن والمنطقة التي تشكل الإمارات الرومانية جزءاً منها، ولأكثر من قرن حكم خلالها الأمراء الفاناريون، من عام ألف وسبعمئة وأربعة عشر إلى عام ألف وثمانمئة وواحد وعشرين، كان هناك أيضاً أمراء فاسدون وأمراء متنورون الذين روّجوا للحرية الشخصية ولاستقلال الأمم.
أدت التركيبة اليونانية – الرومانية في أراضي الإمارات الرومانية، إلى ظهور حركات التحرر الوطني اليونانية والرومانية، المناهضة للعثمانيين. كان ريغاس فيرايوس أو ريغاس فيليستينليس Rigas Velestinlis أحد ممثلي الحركة الوطنية اليونانية في مونتينيا، الذين كانت أصولهم العرقية، موضوع نزاع بين الإغريق والرومانيين.
وُلد ريغاس في عام ألف وسبعمئة وسبعة وخمسين، في قرية فيليستينو Velestino، التي يسكنها الأرومانيون، في مقاطعة تيساليا شمال اليونان اليوم. بعض المؤرخين الرومانيون يعتبرونه أرومان، فيما يؤكد المؤرخون اليونانيون، عدم وجود أي دليل مكتوب في هذا السياق.
من المؤكد أن ريغاس، من خلال كل ما كتب وما فعل، هو أحد أتباع الهيلينية، مؤسسي الدولة اليونانية الحديثة. كان بطلنا معلّماً في قرية ليست بعسدة عن قرية ناتال. وبسبب نزاع مع أحد الموظفين العثمانيين، يقوم ريغاس بقتله ويفر إلى الجبال، حيث ينضم إلى إحدى عصابات المتمردين اليونانيين.
وسرعان ما يذهب إلى جبل آثوس ومنه إلى القسطنطينية، حيث سيصبح أمين سر الأمير الفاناريوتي الجديد، أمير مونتينيا، ألكساندرو إبسيلانتي، أحد قادة المنظمة الوطنية اليونانية إيتيريا. في عام ألف وسبعمئة وخمسة وسبعين، وصل الشاب ريغاس إلى بوخارست مع إبسيلانتي، الذي تم تعيينه حاكم مونتينيا، ويظل ريغاس في خدمة خليفته ، الأمير نيكولاي مافروجيني. تشير المؤرخة جيورجيتا بينيليا فيليتي إلى ريغاس في بوخارست، كمتمرد اتصل بأفكار الثورة الفرنسية وأصبح متطرفاً.
هذا الشخص المثير للاهتمام جداً ريغاس، والذي هو أمين السرّ هنا، قديم لأسباب مختلفة في علاقته بالنبلاء، فهو أمين سرّ الأمير، يكتب، يعمل، يثور، يجب أن نقول بأنه يضع دستوراً. وهو صالح لجميع الدول في البلقان، دون تحديد دور كل منها، لكن النقطة الأساسية، هي الخلاص من نير العثمانيين. كانت نهايته مأساوية، حيث تم تسليمه من قبل النمساويين إلى بلغراد، التي أعدمته شنقاً في حصن كاليمغدان Kalemegdan عام ألف وسبعمئة وثمانية وتسعين.
خلال إقامته في بوخارست، كان ريغاس مترجماً في قنصلية فرنسا الثورية، التي افتتحت في عاصمة مونتينيا. وتحت تأثير الأفكار الثورية الفرنسية ، يكتب ثوريوس، التي اعتبرت نشيداً وطنياً يونانياً، وهي لحن مع الكلمات اللازمة، والتي تم نشرها من قبل اللورد بايرون. وخلال وجوده في فيينا، في عام ألف وسبعمئة وتسعين، توجهت جهوده باتجاه تكوين جماعة ضغط حول الملك المستقبلي نابوليون الأول، كي يتم تحرير جميع اليونانيين في الإمبراطورية العثمانية.
وقد نشر العديد من الكتابات الجمهورية، وخريطة للمناطق المأهولة في اليونان. كانت مساهمة ريغاس في تحرير جنوب شرق أوروبا، من خلال الدعوة الموجهة إلى الإغريق والرومانيين، لتشكيل تحالف دول البلقان ضد الإمبراطورية العثمانية، إلى كل المسيحيين بشكل عام ، للوقوف ضد الاستبداد العثماني.
اعتُبر ريغاس من قبل أولئك الذين درسوا أعماله، كجمهوري متطرف،من مناصري الليبرالية. أثناء وجوده في فيينا في عام ألف وسبعمئة وسبعة وتسعين، نشر خريطة جديدة لفالاهياValahiei وجزءاً من ترانسيلفانيا و الخريطة العامة لمولدوفا، بالإضافة إلى الخريطة اليونانية المذكورة سابقًا.
كانت نية ريغاس واضحة، مدرجة أيضاً على الخرائط، وهي لفت انتباه أولئك الذين قرأوها، بأن تلك الأراضي التي احتلتها الإمبراطورية العثمانية، ليس للتاج الحق الشرعي في الاحتفاظ بها. لم يعد يوجد من كلا خريطتي الإمارات الرومانية، سوى نموذج واحد، العائد لـمونتانيا في مكتبة كيوس، والعائدة لـمولدوفا في المتحف الوطني اليوناني للتاريخ في أثينا.
انتهت حياة ريغاس بشكل عنيف في عام ألف وسبعمئة وثمانية وتسعين، عن واحد وأربعين عاماً. خلال وجوده في فيينا، حاول الاتصال بجيش فرنسا الثوري، خصم النمسا القاتل، الذي كان في إيطاليا. وكونها حليفة الإمبراطورية العثمانية، سلمت النمسا ريغاس ومرافقيه إلى حاكم بلغراد، الذي أعدمهم. لكن الأجيال القادمة لم تنسى ريغاس، الذي تحول إلى الشخصية التي أنارت درب الحركة الوطنية اليونانية، والذي وقضى جزءاً مهماً من حياته في بوخارست.