دستور عام 1923
أقامت الأكاديمية الرومانية والسفارة الإيطالية في بوخارست حفلا رسميا بمناسبة مئوية دستور عام 1923
Diana Baetelu, 13.06.2023, 14:36
بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى بانتصار قوى الوفاق الثلاثي التي انضمت إليها رومانيا في عام 1916 على قوى المركز اتحدت الأراضي ذات الأغلبية الرومانية التي كانت تخضع لسيطرة روسيا القيصرية والإمبراطورية النمساوية المجرية مع مملكة رومانيا في الأول من ديسمبر كانون الأول عام 1918 .. عملية التوحيد جرت على مرحلتين : ففي مارس آذار 1918 اتحدت مع رومانيا منطقة باسرابيا أو ملدوفا الشرقية الواقعة ين نهري بروت ونيسترو والتي كانت روسيا القيصرية قد ضمتها في عام 1812 واكتملت المرحلة الثانية من عملية التوحيد في الأشهر التالية باتحاد كل من بانات وبوكوفينا وترانسيلفانيا مع رومانيا. الدولة الرومانية الموحدة التي أقيمت آنذاك وأطلق عليها مملكة رومانيا الكبرى اختلفت عن سابقتها في جوانب عديدة ما استدعى إقرار دستور جديد . وكان الدستور الساري المفعول في عام 1918 قد أقر في عام 1866 بعد وقت قصير من اعتلاء كارول دي هوهنزولرن سجمارينجين العرش وكان الأول ضمن سلسلة السبعة دساتير في تاريخ الدولة الرومانية الحديثة . فقد شهد عام 1923 إقرار دستور جديد مواكبة للتطورات الجديدة ما بعد التوحيد .وفي العهود التالية تم إقرار ما لا يقل عن خمسة دساتير أخرى كان كل منها انعكاسة للنظام السياسي الذي كان يحكم البلاد وقت تبنيه .. ففي عام 1938 انقلب الملك كارول الثاني على دستور عام 1923 وحل البرلمان وفرض نظام حكم سلطوي . الدساتير الثلاثة التالية أقرها النظام الشيوعي بين عامي 1948 و1965. أما أحدث دستور فقد تم إقراره في عام 1991 بعد الإطاحة بالنظام الشيوعي وكرس استعادة القيم الديمقراطية ولا يزال ساري المفعول.
دستور عام 1923 الذي نشر في الجريدة الرسمية في التاسع والعشرين من مارس آذار يعد إنجازا تشريعيا منقطع النظير حققه الفكر الدستوري في رومانيا في السياق التاريخي ما بعد الحرب العالمية الأولى . ولإحياء ذكرى مرور مائة عام على تبني دستور عام 1923 أقامت الأكاديمية الرومانية والسفارة الإيطالية في بوخارست حفلا رسميا حضره رئيس الأكاديمية الرومانية المؤرخ إيوان أوريل بوب الذي تحدث عن اللحظات الرئيسية في التاريخ الدستوري لرومانيا مشيرا إلى دور أحداث القرن التاسع في التمهيد لإقامة الدولة الرومانية الموحدة:
“كان لرومانيا دستور منذ عام 1866 لكنه لم يعد يعكس الواقع الجديد ما بعد الحرب ولم يواكب التحولات التي شهدتها رومانيا في مطلع القرن العشرين .. قال البعض أن الرومانيين وضعوا أول دستور لهم بتأخر كبير لكن الحقيقة أن إقرار الدستور جاء في الوقت المناسب وبالتزامن مع معظم البلدان الأوروبية الحديثة .”
القرن التاسع عشر شهد استبدال الأعراف والقيم القديمة بأخرى جديدة. إيوان أوريل بوب:
“الدستور هو القانون الأساسي لأي دولة لكني أود التوضيح أننا نتحدث فقط عن الدولة الحديثة لأن الدولة القروسطية لم يكن لديها دستور أصلا . القوانين العضوية التي أقرت في ولاتي مولدوفا وفالاهيا الرومانيتين بين عامي 1831 و1832 وأيضا في إمارة ترانسلفانيا الرومانية في نهاية القرن السابع عشر لم تكن دساتير بمعنى الكلمة رغم وظيفتها التأسيسية .إنها تشريعات فرضت على سكان تلك المناطق من قبل السلطات الأجنبية التي كانت تسيطر عليها ولم تكن ثمرة عمل سطلة تشريعية منتخبة ديمقراطيا من قبل الشعب الروماني في حين أن دستور عام 1866 كان أول دستور حديث في تاريخ رومانيا كونه مستوحى من الدستور البلجيكي مع تعديله وتكييفه مع وقائع الدولة الجديدة ونظام الملكية الدستورية “.
انتهى القرن التاسع عشر بالفعل في عشرينيات القرن الماضي بعد الحرب العالمية الأولى التي دارت رحاها بين عامي 1914و1918.. إيوان أوريل بوب :
“في عام 1918 تضاعف عدد سكان رومانيا وزادت مساحة أراضيها ثلاثة أضعاف تقريبا ما استدعى توحيد القوانين ضمن دستور جديد . فكان دستور عام 1923 ديمقراطيا وفق معايير الديمقراطية في دول جنوب شرق أوروبا آنذاك وقضى بأن رومانيا دولة وطنية موحدة غير قابلة للتجزئة وأراضيها غير قابلة للتصرف. وقد أطلق عليه “دستور التوحيد”
راح دستور عام 1923 ضحية للنظامين الفاشي والشيوعي . ففي عام 1938 في عهد العاهل كارول الثاني قضت عليه الأفكار الفاشية. ثم سقط مرة آخرى في عام 1948 تحت ضربات النظام الشيوعي:
” العمل بدستور عام 1923 استمر لأقل من عشرين عاما وتحديدا حتى عام 1938 عندما أقر الملك كارول الثاني دستورا جديدا عقب حل البرلمان وفرض سيطرته على الدولة .وبعد الحرب العالمية الثانية أعيد اعتماد دستور عام 1923 والعمل به إلى حين استيلاء النظام الشيوعي على السلطة كاملة في عام 1947 . بعد الإطاحة بالنظام الشيوعي تم في عام 1991 إقرار الدستور الحالي الذي يحتفظ ببعض من نصوص دستور عام 1923 مع تعديلات عديدة .”