تدريس العلوم في مراحل التعليم ما قبل الجامعي
تدريس العلوم ونقل المعلومات العلمية في الحصص الدراسية كان موضوع منتدى بوخارست للعلوم
Diana Baetelu, 12.10.2023, 14:51
إذا كانت الفوارق الاجتماعية بين أقاليم رومانيا ومناطقها معروفة للجميع ومنذ سنوات طيولة إلا أن الفوارق التربوية وهي نتيجة حتمية للأولى باتت موضع اهتمام المختصين في الآونة الاخيرة فقط . دراسة أجرتها مجلة نيوزويك الرومانية مؤخرا تظهر أنه على رغم الميداليات التي توج بها التلاميذ والطلاب الرومانيون في مسابقات الأولمبياد الدولية في عام 2022 إلا أن نتيجة اختبارات بيزا التي تقيم معارف ومهارات التلاميذ في الخامسة عشرة من العمر في القراءة والعلوم والرياضيات وقدرتهم على استخدامها تضع رومانيا في المركز ما قبل الأخير بين البلدان الأوروبية . وتجدر الإشارة إلى أن نتائج اختبارات بيزا تساعد أيضا على تحديد مستويات الأمية الوظيفية بحيث أثبتت أن أكثر من أربعين المائة من التلايمذ الرومانيين يعانون من الأمية الوظيفية ويواجهون بالتالي صعوبات في فهم النصوص التي يقرؤونها واستخدام المعلومات الواردة فيها ..لذا فكان تدريس العلوم ونقل المعلومات العلمية في الحصص الدراسية ومدى استيعابها من قبل التلاميذ موضوع منتدى بوخارست للعلوم الذي انعقد في العاصمة الرومانية مؤخرا بمشاركة أساتذة جامعيين وطلاب المرحلة الثانوية .
كرتستينا توداشكا نائبة رئيس كلية الهندسة الكيميائية والتكنولجيات البيولوجية التابعة للجامعة الهندسية في بوخارست قالت حول تدريس المواد العلمية في مرحلة التعليم ما قبل الجامعي :
“تدريس المواد العملية يفتقر إلى البعد التجريبي في المرحلة ما قبل الجامعية لأن حصص العلوم المقامة في مختبرات الفيزياء أو الكيمياء قلت بشكل كبير . لقد تبين أن فهم المفاهيم العلمية واستيعابها من الشرح النظري المجرد وما يكتبه المدرس بالتبشير على الصابروة أمر صعب للغاية إن لم يكن مستحيلا . لو ركزنا أكثر على البعد التجريبي منذ السنوات دراسة الأولى لأصبح فهم النطريات العلمية أيسر تمكن التلاميذ من اكتساب المعارف العلمية بشكل أسرع لأنه من الأسهل عليهم أن يستوعبوا معلومة علمية نظرية إذا أتيحت لهم مشاهدة طريقة عملها وآثارها أثناء تطبيقها في المختبر العلمي . الأطفال الذين يحصلون على معلومات علمية بانتظام منذ المرحلة الابتدائية يقدرون لاحقا في المرحلتين الإعدادية والثانوية على تعلم الرياضيات والفيزياء وعلم الحاسوب وعلم الأحياء بسهولة أكبر مقارنة بأمثالهم الذين لم تتح لهم مثل هذه الفرصة. “
الحاجة إلى التجارب المختبرية في المراحل التعليمية ما قبل الجامعية هي أحد المواضيع التي يتناولها المختصون مرارا وتكرارا ولكن دون أن يؤدي ذلك إلى نتائج ملموسة . من جانب آخر يحتدث المختصون عن ضرورة إقران التجارب العلمية بالتفكير النظري الفلسفي لما له من فوائد تساعد الأطفال على تعمق المعارف العملية المدروسة . وقد تطرق إيميليان ميهايلوف المحاضر في كلية الفلسة التابعة لجامعة بوخارست إلى التوقيت المناسب لبدء تدريس الفلسفة والعلوم : “أعتقد أن السؤال عن التوقيت المناسب لبدء تدريس هذه المواد وجيه لإن الإجابة عليه تبين مدى التقارب بين التربية الفلسفية والتربية العلمية وهما المدتان اللتان كانتا في قديم الزمان متقاربتين إلى حد التماهي وكانت التربية العلمية جزءا من التربية الفلسفيية . لماذا كانت هكذا ولماذا يا ترى كانت المادتان ترافقان إحداهما الأخرى ؟ لأن الفلسفة تتولد من الاندهاش والعلم كذلك . أعتقد أن التربية العلمية الفلسفية يجب أن تبدأ في مرحلة الطفولة لأن الأطفال هم من يتجسدون حالة الاندهاش على أفضل وجه . لذا فأعتقد أن التربية العلمية الفلسفية يجب أن تبدأ منذ مرحلة التعليم الابتدائي حيث بإمكاننا تطبيق المناهج التعليمية التي تستكشف حالة الاندهاش والانبهار لدى الطفل وليس ذاكرته . هذا لا يعني أن الذاكرة ليست مهمة بل العكس هو الصحيح لأن حفظ المعلومات يساعد على تطوير الدماغ وعلينا أن نعمل على تنمية القدرة على الحفظ ولكن علينا أيضا أن نركز على الأشياء التي تنال إعجاب الأطفال.”
أثبت المرهقون الرومانيون قدرتهم على تحقيق التفوق في مجالات لا نكاد نجدها في البرامج الدراسية للمرحلة الثانوية ومن بينها علم الفلك الذيينذجب ‘ليه الكثير من المراهقين ربما من باب الفضول وأيضا لسعة خيالهم في مثل هذا العمر . كريستيان كيتسو مدير شركة رومانية تتعاون مع وكالة الفضاء الأوروبية : ” من اللافت حقا أن رومانيا حازت على ميداليات قيمة في الأولمبياد الدولي لعلم الفلك والفيزياء الفلكية في الوقت الذي تغيب فيه هذه المادة عن البرامج الدراسية للمرحلة الثانوية. فحصص علم الفلك اختيارية وتقام ليس في المدارس بل في مراكز علمية مستقلة كأندية الطلبة على سبيل المثال التي يرتادها مدرسون ومرتهقون مولعون بهذا المجال . ورغم ذلك حققنا نتائج مدهشة في المسابقات الدولية . شخصياً لا أعتقد أنه ينبغي إدخال مادة علم الفلك في البرنامج الدراسي كمادة إلزامية بل أعتقد أنه من الأجدى أن تكون هناك مجموعة من المواد العملية الاختيارية ومن بينها علم الفلك والفيزياء الفلكية لأن المشكلة في عدم وجود مثل هذه المواد الاختيارية في متناول طلاب الثانوية الراغبين في دراستها .أعتقد أن البرامج الدراسية للمرحلة الثانوية تفتقر إلى التنوع . “
ماذا عن التلاميذ غير المهتمين بعلم الفلك أوغيره من العلوم بشكل خاص وهم الأغلبية ولكنهم سيحتاجون إلى معارف علمية في حياتهم كبالغين .كريستيان كيتسو لديه الإجابة :
“من المعروف أنه لا يمكن إجبار أحد على الدرلسة فالذين لا يرغبون في دراسة مادة ما لن يتعلموا منها شيئا ولكن المشكلة ربما ليست في عدم اهتمام التلاميذ بدراسة المواد العلمية بقدر ما هي في إخفاقنا نحن المختصين في لفت انتباه تلاميذ المرحلتين الابتدائية والإعدادية إلى المواد العلمية وإثارة فضولهم على الأقل وجعلهم يطرحون على أنفسهم أسئلة حول مواضيع علمية – على سبيل المثال كم عدد الكواكب في النظام الشمسي؟ فإذا طرحنا هذا السؤال على التلاميذ سنتلقى إجابات مختلفة وهذا ليس بالأمر المستغرب في عالم لا يزال فيه أناس يعتقدون أن الأرض مسطحة.”
الحاجة إلى المزج بين النظرية والتجربة وتجشيع الأطفال على التفكير في المفاهيم العلمية الأساسية فضلا عن تحفيز الفضول في سن مبكرة ستساهم في رأب الفجوة بين التفوق المدرسي والأمية الوظيفية والمتمثلة في العدد القياسي من المتوجين في مسابقات الأولمبياد الدولية مقابل النسبة الكبيرة من الأميين الوظيفيين بين تلاميذ المدارس الرومانية.