ما مدى حصول شباب المدن المتوسطة والصغيرة على الثقافة ؟
دراسة استقصائية أجراها فريق من خبراء علم الاجماع بدعم من فرع رومانيا لمؤسسة فريدرخ إيبرت حاولت تحديد مدى تقاطع الفعاليات الثقافية التي تقام في المدن المتوسطة والصغيرة مع القضايا الاجتماعية
Diana Baetelu, 02.03.2023, 10:00
الثقافة كنز قيم بحد ذاتها وأداة لنشر القيم . والفضاء الثقافي ليس المكان الذي يتعرف فيه المرء على المنتجات الثقافية بمختلف أشكالها فحسب بل هو أيضا المكان الذي يعبر فيه عن مبادئ ومواقف توجهات سياسية واجتماعية مختلفة . دراسة استقصائية أجراها فريق من خبراء علم الاجماع بدعم من فرع رومانيا لمؤسسة فريدرخ إيبرت حاولت تحديد مدى تقاطع الفعاليات الثقافية التي تقام في المدن المتوسطة والصغيرة مع القضايا الاجتماعية كما أردات تحديد مدى ارتباط الشباب بقيم اجتماعية معينة . الدراسة والتي حملت عنوان الاستهلاك الثقافي لشباب المدن الصغيرة والمتوسطة انطلقت من حقيقة أن البنية التحتية الثقافية ضعيفة للغاية في تلك المناطق لقلة المكتبات العامة ودور السينما ودور الثقافة التي تستضيف فعاليات ثقافية فعليا وليس أنشطة لا تمت للثقافة بصلة كما يحصل في أحيان كثيرة . وقد شارك في الدراسة أكثر من 22 ألفا من الشباب والشبات الذين تراوحت أعمارهم ما بين 13عاما و20 عاما ومثلت الشابات أكثر من خمسة وسبعين بالمائة من عينة الاستطلاع إذ كان عدد الشابات اللواتي رغبن في المشاركة في الاستطلاع أكبر من عدد الشبان .
الباحثة كارمين فوينيا منسقة الدراسة قالت إن معظم المشاركين في الاستطلاع ربطوا بين استهلاك أنواع معينة من المنتجات الثقافية ومدى تناولها لمختلف القضايا الاجتماعية :أبرزت الأجوبة العلاقة بين الاستهلاك الثقافي للمشاركين واهتماماتكم بقضايا المساواة بين الجنسين والاندماج الاجتماعي كما سلطت الضوء على الاحتياجات الثقافية لهؤلاء الشباب وخاصة الحاجة إلى فضاءات ثقافية جامعة أكثر أمانا وانفتاحا حتى على أفراد مجتمع الميم .. كما برزت في أجوبتهم الحاجة إلى إعطاء الثقافة دورا في تسوية المسائل المجتمعية وهنا تجدر الإشارة إلى أن كثيرين من المستطلعة آراؤهم قالوا إنهم تعرفوا على القضايا النسوية وقضايا الجنسين من خلال الأفلام فقط ..حاولنا أيضا التعرف على آرائهم حول الأماكن الثقافية العامة وعلاقاتهم بها حيث تبين أن البنية التحتية الثقافية وخاصة المكتبات العامة والمتاحف والمراكز الثقافية وإن وجدت على الورق على الأقل إلا أن عرضها من المنتجات الثقافية غير جذاب ولا يناسب اهتمامات الشباب ولا يستجيب لرغبتهم في مشاركة فاعلة في فعاليات تفاعلية وحتى في إنجاز مثل هذه الفعاليات وإقامتها .. أما مشاركة عدد أكبر من الشبات في الاستطلاع مقارنة بالشبان فنعتبرها دليلا على أن اهتمام الشبات بالاستهلاك الثقافي يفوق اهتمام الشباب ربما لأن بعض المنتجات الثقافية تعالج المسائل النسوية وغيرها من القضيا ذات الاهتمام.
بما أن الاستهلاك الثقافي للشباب يتوقف على وجود بنية تحتية مناسبة وعرض ثقافي جذاب فإن العادات الثقافية للشباب تعكس وضع الثقافة في المنطقة التي يقطنونها بحسب الباحثة كارمين فوينيا :
لاحظنا أن معظم الأنشطة الثقافية للشباب بصورة عامة هي أنشطة فردية ومنزلية كما تبين أن الفعاليات الثقافية المقامة في الأماكن العامة تنقصها التنوع والجاذبية ..فرغم أن كثيرين من الشباب قالوا إنهم يستمتعون بمشاهدة الأفلام في السينما إلا أن خمسة وأربعين بالمائة منهم اعترفوا بأنهم لم يشاهدوا فيلما في دار سينما منذ عام على الأقل وقال ثمانية وأربعون بالمائة منهم إنهم إذا أرادوا مشاهدة فيلم في السينما فعليهم السفر إلى مدينة اخرى.
قال معظم المشاركين في الاستطلاع إنهم يريدون دار سينما عاملة في مدينتهم تحل محل تلك التي أقفلت أبوابها منذ زمن بعيد ..لكن النبأ السار الذي تبرزه نتائج الاستطلاع أن المكتبات العامة أصبحت فضاء متعدد الوظائف الثقافية :المفاجأة الكبرى تمثلت في موقف المشاركين في الدراسة من المكتبة العامة والتي لم تعد في نظرهم مجرد مكان للمطالعة بل هي المكان الذي يستضيف فعاليات ثقافية متنوعة ذكروا من بينها نادي الثقافة الكورية وحفلات كاراوكي . وقال كثيرون إن المكبتة العامة هي المكان المفضل لديهم لدوره في تطوير الذات عبر المشاركة الفاعلة في إقامة الفعاليات الثقافية ..كما تبين أن سبعين بالمائة من الأماكن التي تستضيف فعاليات ثقافية هي أماكن عامة في حين أن الندوات حول القضايا النسوية تنظم في أماكن خاصة وبشكل غير رسمي .. معنى ذلك أن الأماكن العامة التي يرتادها الشباب لا تزال غير منفتحة بما فيه كفاية على مثل هذه القضايا.
إحدى توصيات الباحثين للسلطات بعد تحليل نتائج الاستطلاع هي أن تعمل على إنعاش الفعاليات الثقافية في الأماكن العامة وجعلها أكثر انفتاحا استجابة لاهتمامات الشباب على اختلاف توجهاتهم .