أفضل مبادرات مدنية في عام 2017
يمنح مركز الموارد للمشاركة العامة جوائز للنشطاء الأكثر مثابرة وإبداعا
România Internațional, 02.05.2018, 18:35
الاحتجاجات العديدة المستمرة منذ السنة الماضية تحت شعار “#أصمد” قد أصبحت مشهورة في داخل رومانيا وفي خارجها وهي عبارة عن روح المدنية التي تجلت بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة. ولكن ليس هذا النوع من روح المدنية، الذي تكون حول حالات كبيرة من الفساد، الوحيد الذي برز حديثا، وإنما يوجد نوع آخر لروح المدنية وهو الذي يتحقق مع كل التماس، مع كل حطوة، من خلال المثابرة والحوار مع صانعي القرار، أو، على أي حال، بالبحث عن الشروع في هذا الحوار. يتمتع بعض النشطاء هؤلاء بدعم منظمة غير حكومية اسمها “مركز الموارد للمشاركة العامة” (CERE) وهي تمنح جوائز منذ تسع سنوات للنشطاء الأكثر مثابرة وإبداعا، في إطار حفل توزيع جوائز المشاركة العامة. وفي هذه السنة، حاولت المنظمة أن تكافأ مشاريع السنة الماضية على نوعين من النشاط — أولهما يتجسد في احتجاجات ضخمة في الشوارع، أما الثاني فتمارسه مجموعات مبادرة صغيرة تهتم بمواضيع اجتماعية مثل ظروف الحياة في الأحياء، والتربية والمساواة في المدارس، وحماية البيئة. وتحدثنا عن موضوع حفل توزيع الجوائز لهذه السنة مع المديرة التنفيذية للمنظمة، وانا بريدا (Oana Preda)، التي قالت لنا:
“قمنا بإعداد حفل توزيع الجوائز لهذه السنة حول مفهوم التضامن، وفكرنا أن التضامن قد يكون طريقة لأن يتعارف هذان النوعان من النشطاء وأن يناضلا معا. فرأينا في السنوات الأخيرة تزايدا في روح المدنية بين المواطنين، والمزيد من النشاط ومن الرغبة في النضال. ولكن للأسف، لم يسبب تغير موقف الناس تغيرا عميقا على مستوى السلطات. في الجو شيء من التشاؤم، ولكن الناس عازمون على الصمد.”
من بين الذين صمدوا وأذاعوا وجهة نظرهم حتى عرفها السلطات توجد الأمهات من منظمة (SAMAS). في حملتهن “المجلس الوطني للسمعيات والبصريات أمام موضوع الرضاعة”، أقنعن المجلس الوطني للسمعيات والبصريات بأن يشمل في الفواصل الإعلانية للقنوات التيليفيزيونية رسالة تروج رضاعة الطفل حصريا من الثدي قبل أن يبلغ الشهر السادس من عمره. وتمثل هذه الرسالة نجاحا مهما بالنظر إلى أن اثنى عشر في المائة فقط من الأطفال يرضعون في أول ساعة بعد ولادتهم، ونسبة إرضاع الأطفال حصرا من الثدي في أول ستة أشهر من الحياة لا تجاوز ستة عشر في المائة. استمعنا إلى إحدى عضوات منظمة (SAMAS)، (Eli Roman)، وهي تتحدث في إطار حفل توزيع جوائز المشاركة العامة:
“لم تزل القنوات تتردد بإذاعة هذه الرسالة بقدر ما تذيع رسائل أخرى ذات اهتمام عام. أما نحن فأردنا أن نعبر عن رسالة لتشجيع الأمهات. ليس سهلا أن ترضع طفلا بل ليس مستحيلا كذلك. لا نلوم أحدا. إذا اختارت أم ألا ترضع ليكون خيارها هي فحسب. لكن اعرفوا يا سيدات، يا أمهات وآباء، أنه مبهج أن تعطي طفلك الجزء الأحسن منك — السائل الضروري للحياة.”
وليس أقل ضروريا الماء الآتي من الينابيع الجبلية. أوفيديو ميهوتس (Ovidiu Mihuț) مواطن متحمس بصيد السمك وهو تعاون مع صيادين آخرين من أجل حملة تسمى “التصحر في منطقة جبال فاغاراش والاستيلاء غير الشرعي على أراضي الدولة”. جذب أوفيديو ميهوتس انتباه الجمهور إلى التأثير السلبي على البيئة الذي تأدي إليه المحطات الكهرمائية الصغيرة في المناطق الجبلية المحمية. إضافة إلى ذلك دعى إلى تطبيق القوانين الأوروبية وجذب انتباه المفوضية الأوروبية التي فعلت آلية الانتهاك ضد رومانيا بسبب عدم الوفاء بالتزاماتها للحفاظ على البيئات الطبيعية في عملية ترخيص المحطات الكهرمائية الصغيرة في بلدنا. قال أوفيديو ميهوتس:
“لسنا منظمة بل نحن مواطنون عاديون ونريد القول إننا من أول من كشفوا أن بناء هذه المحطات الكهرمائية ذات القوة صغيرة في مناطق محمية هو مجرد خطة لتحقيق الثراء الشخصي على حساب جيوب باقي الناس. ويمكن مقارنة الكفاءة الاقتصادية لهذه المحطات مع كفاءة بطارية ساعة لو حاولت استخدامها لتشغيل قاطرة. ونجحنا في إثبات أن هذه المحطات تخفي فسادا كبيرا.”
أهمية المثابرة في التعريف بالتظلمات أثبتتها كذلك وانا فاسيليو (Oana Vasiliu) من خلال حملة “ثورة السكان في المساكن الاجتماعية في كانتا (Canta)”. وإن ظروف الحياة في المساكن الاجتماعية في ذلك الحي من مدينة ياش غير إنسانية. جربتها وانا فاسيليو بشكل مباشر. وقالت لنا:
“لقد هربت من مساكن كانتا. عشت هناك سبع سنوات مع أطفالي الثلاث. إن الحياة هناك صعبة جدا، فظيعة. يوجد هناك الكثير من الناس المرضى والمعاقين ومن الأطفال المصابين بالصرع أو التوحد وما زال جميعهم يعيشون هناك في غرف لا تجاوز تسعة أمتار مربعة. وترفض السلطات المحلية أي استبدال للمساكن مع سكان كانتا. أنا أرسلت طلبات متعددة لمدة سبع سنوات وهكذا تمكنت من الهروب من هناك. ولكن الذين بقوا يواجهون رفضا مستمرا ربما لأنهم لا يعرفون الدفاع عن أنفسهم. وبمساعدة الصحفيين، علمتهم حقوقهم. هناك أناس ينتحرون ومن غير إنساني أن السلطات تعرف ذلك ولكن لا تفعل شيء” .
بينما أدت الحملة المدنية في ياش إلى تنبيه الجمهور، في كونستانتسا، أقنعت حملة مدنية السلطات بافتتاح أول مركز للمشورة والمساعدة في حالات الطوارئ لضحايا العنف المنزلي. كان هذا ممكنا بفضل رابطة “بلا كلمات” (“Necuvinte”) التي قامت عبر حملتها “قافلة التغيرات” بتوعية الناس وإخبارهم بظاهرة العنف المنزلي. شاركت في الحملة سيمونا فويتشيسكو (Simona Voicescu) وحدثتنا عن عمل الرابطة قائلة: (Track) “فتح ملجأ وفتح خط هاتفي مجاني للمساعدة ولكن كل ذلك تم بعد الكثير من الجهود. كان استقبالنا في كونستانتسا بنوع من المعاداة، وبعد الافتتاح، عندما طلبنا معلومات عن هذا المركز، قيل لنا أن نكتب طلبا خطيا سوف يتلقى ردا بعد ثلاثين يوما.”
ورغم كل ذلك، الضغط الناتج عن المنظمات المدنية والرأي العام والصحافة المحلية أدى إلى اتخاذ قرار افتتاح هذا المركز بعد خمسة وعشرين يوما فقط. ولهذا السبب منح مركز الموارد للمشاركة العامة جائزة لهذه الحملة، إلى جانب الحملات الأخرى التي ذكرناها، في إطار حفل توزيع جوائز المشاركة العامة.