المسؤولية عند الرومانيين
للتحقق من مستوى الشعور بالمسؤولية المالية، يجب إدراجها في السياق الأوسع للمسؤولية العامة
Christine Leșcu, 08.03.2018, 20:05
هذا ما فعله الفرع الروماني “رايفايزين” النمساوي، طالباً بإجراء دراسة إجتماعية حول المسؤولية. الدراسة التي تبرز مرة أخرى، التباينات والتناقضات الخاصة بالإدراك الذاتي لدى الرومانيين. وعلى سبيل المثال، وفقاً لاستطلاع الرأي هذا، فإن 97% من الرومانيين يعتبرون أنفسهم مسؤولين. ولكن 8% فقط يعتبرن أن المجتمع الروماني مسؤول بأكمله. وفي نفس الوقت، يشعر 89% من المواطنين الرومانيين أنهم مسؤول تجاه المجتمع. عن كيفية ترجمة وفهم هذه البيانات يحدثنا الخبير الاجتماعي/ باربو ماتييسكو:
“يوجد اختلاف كبير جداً، لوحظ في حال درسات بشرية أخرى، بخصوص الفطرة السليمة للرومانيين، والتي يمكن تقليصها إلى صيغة بسيطة جدا مثل: أنا أحظى بصفة أو بقيمة معينة، ولكن قلما يحظى بها الناس أو أحيانا لا أحد تقريباً. أما فيما يتعلق بالمسؤولية، مثل غيرها من المسائل، يوجد شعور بأن كل شخص يؤدي عمله، وأن ذلك صحيح”.
ولكن كيف وصلنا إلى هذه النتيجة؟ يجيب على هذا السؤال/ باربو ماتييسكو:
“توجد ناحيتان: الأولى تتعلق بإرث الفترة الشيوعية السابقة، الذي تسبب في إضعاف الثقة بالمجتمعات، في جميع الدول التي خضعت للحكم الشيوعي في الماضي. في النظام الشيوعي، كانت المجتمعات شكلية، وكانت مشكلة وخاضعة للسيطرة الخارجية، وليس لسيطرة أفراد تلك المجتمعات. من ناحية ثانية، يدور الحديث حول خليط بين الحس الانتقادي القوي الممتد على مستوى المجتمع بأكمله، حيث يعتبر ان الأمور تسير بشكل سيء، مقابل رأي جيد جداً حول الذات”.
مثال على ذلك، تمثله البيانات حول مسئولية الفرد عن البيئة: حيث أن 95% من الرومانيين يشعرون بالمسؤولية إزاء البيئة المحيطة، في بلد مُعاقب من مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بسبب العجز في جمع وفرز النفايات. باربو ماتييسكو، يقول بهذا الخصوص:
“المسؤولية إزاء البيئة، يعتبرها السكان، أهم من المسئولية أمام الأصدقاء، والزملاء والرؤساء في العمل أو المرؤوسين، وتأتي في المرتبة الثانية بعد المسئولية أمام الأسرة. وهذه المسؤولية تجاه البيئة، تعتبر هامة جداً في المدن الكبيرة والكبيرة جداً في رومانيا، فكلما كانت المدينة أكبر، كلما كانت تعتبر هذه المسئولية أهم. وهذا ربما يشير إلى آثار التلوث التي يشعر بها السكان بشكل مختلف في مدينة كبيرة مثل العاصمة بوخارست، مقارنة بمدينة أصغر مثل “فالتيشين” (في محافظة سوتشافا في شمال شرق رومانيا). ورغم ذلك، في نفس الوقت، المسؤولية تجاه البيئة تبدو لمعظم المواطنين الرومانيين، بأنها ظاهرة تقتصر على مستوى منخفض، فعلى سبيل المثال، قد تنحصر بمستوى بذل جهد للعثور على سلة مهملات في الشارع بدلا من رمي عُبوة على الأرض. في رومانيا، لم توجد أي نشاط ملحوظ جداً للمنظمات البيئية غير الحكومية، أو نقاش عام ضخم بشأن مسائل بيئية. بل بالأحرى، موضوعات متناثرة، وصلت إلى صدارة الأجندة العامة فقط”.
كما يوجد أيضاً، جدول آخر لترجمة وفهم هذه البيانات بطريقة أخرى. حيث يرى الرومانييون المسؤولية تجاه البئية المحيطة هامة، في ظروف كون المسؤولية تجاه الآخرين (المجتمع، الأسرة، الأشخاص الذي يحتاجون إلى مساعدة) تصل إلى مستويات عالية: 98% من الرومانين يشعرون بالمسئولية تجاه أسرهم، و92% تجاه أصدقائهم، 91% تجاه أشخاص لا يستطيعون مساعدة أنفسهم، و88% تجاه زملائهم، 85% تجاه رؤسائهم. وعلاوة عن ذلك، وفقاً للدراسة، فإن 98% من المستطلعة آراؤهم، يعتقدون أن من المهم أن تكون مسؤولاً لكي تكون ناجحاً. وبالتالي، فإن فكرة النجاح، تفهم عبر الشعور بالمسؤولية تجاه الآخر — يعتبر باربو ماتييسكو:
“إن النقطة المرجيعة الرئيسية للمجتمع الروماني هي الأسرة والعلاقة مع الأقارب، وخاصة مع الوالدين والزوج أو الزوجة ومع الأولاد. وبشكل أكيد، يُبرر النجاح عبر الحفاظ على التماسك الأسرة، ولو بشكل رسمي، وعبر تأمين تربية الطفل، حتى يحظى بوضع اجتماعي ومالي لائق عندما يبلغ سن الرشد. عندما يأتي الحديث حول الجوانب المالية، وحول تعريف النجاح من ناحية مالية، فلربما بسبب الأزمة الاقتصادية الأخيرة، فإن أغلب الرومانيين حذرون. فهم يعتبرون أن أسلوب معيشة رصين، بلا ديون أو بديون سريعة التسديد، كاف ومناسب لضمان النجاح في الحياة.”
تفصيل أسلوب معيشة رصين ومسؤول في مفهوم الرومانيين، يظهر في بيانات أخرى للدراسة، فتسعة من عشرة رومانيين يقولون إنهم يسددون ديونهم في الوقت المحدد، دون تأخير، بينما يؤكد ثمانية من عشرة أنهم ينفقون بقدر استطاعتهم، بينما ستة من عشرة أشخاص من الذين استطلعت آراؤهم، يظهرون رغبتهم في التوفير، في حين أن ثلث هؤلاء فقط ينجحون فعلا بادخار بعض النقود. في هذه الظروف، سألنا باربو ماتييسكو، كيف تبدو صورة المواطن الروماني المسؤول؟:
“اعتقد أن المسئولية تعتمد بشكل كبير، أيضاً على الظروف الخاصة للمسار الحياتي. فمثلا، قد تعرف المسؤولية في بلدة معينة في منطقة ترانسيبفانيا (وسط البلاد) حيث يوجد رأس مال محلي كبير بما فيه الكفاية، وحيث لم توجد مشاكل كبيرة فيما يخص العثور على أماكن عمل. مفهوم آخر، مختلف تماماً، للمسؤولية قد يكون في بلدة مماثلة في منطقة مولدوفا (شرق البلاد) ولكن حيث لا توجد أماكن العمل المتوفرة في ترانسيلفانيا. وهذا أدى هجرة جماعية لسكان منطقة مولدوفا إلى دول الاتحاد الأوروبي. توجد حالات كثيرة مختلفة، بحيث يصبح من الصعب وصف المسئولية باختصار، ولكن الصفة الأساسية للمسئولية، تبقى الارتباط بالأسرة، أما هذا فيشمل أي موضوع آخر. أما الدليل والخيط المُرشد لجميع الأعمال المسؤولة فهو الأسرة”