العلاج من خلال اللعب
بما أن العطلة الصيفية قد بدأت، فنقترح أن نتحدث عن اللعب. و كما تعلمون، فإن اللعب مهم جداً للتنمية الاجتماعية و العاطفية و الجسدية و الإدراكية للطفل
Ana-Maria Cononovici, 21.08.2013, 18:16
الطفل الصغير يستخدم كل حواسه أثناء اللعب. الدافع الذي يجعل اللعب يمثل المرحلة الأولى من التعلم و النشاط الإبداعي. فأثناء لعبه، يكتسب الصغير قدرات و مهارات و خبرات جديدة، و ينمي في نفسه روح الملاحظة و الذاكرة و الإنتباه و الخيال و التفكير و الروح الفنية. و مع نمو الطفل، ينمو معه لعبه، و يصبح أكثر تعقيداً و تخيلاً على نحو متزايد، حيث أنه يمارس مواهبه وقدراته من خلال هذا الوسط.
إن مشروع “لنعيد اكتشاف المدرسة”، الذي دخل عامه الثالث، مصمم للأطفال ذوي الإعاقة، و يهدف إلى الوقاية من خطر هجر المدرسة. أما نهج التناول، فهو اللعب، و لكن المشروع يأتي بشيء جديد. دانييلا فيشويانو، مديرة المشروع تقدم لنا مزيداً من التفاصيل:
“جديد المشروع، هي العمل مع الثنائي “الطفل- الوالد”. و في جميع أنشطتنا نعمل مع الطفل و والده. و توجد عدة مراحل للمشروع: أولاً نعمل مع البالغين الذين يشاركون في العمل مع الأطفال، و مع أولياء أمورهم، الذين ندربهم و نؤهلهم كوسطاء تربويين، حتى يكونوا مورداً في المدارس أو في الخدمات التي يشكلون جزءاً منها، فبعضهم موظفون في الخدمات الإجتماعية، و بعد أن ينهي هؤلاء الوسطاء، الجزء الأول من دروس الدورة، الخاصة بالتوثيق و الإعتماد و الترخيص، سيكونون مجبرين، كجزء من إتفاقنا، بالتفاعل، خلال أسبوع الممارسة و التطبيق العملي، مع مجموعة من الأطفال”.
ورش العمل مع الأطفال، سبق و أن نُظمت، بل حتى بعض الأنشطة مع والديهم، و لكن في رومانيا، لم يسبق العمل معهم، في نفس الوقت في نفس ورشة العمل. أما ميزة هذا النهج، فتشرحها لنا، أيضاً، دانييلا فيشويانو:
“بالعمل بشكل ما، بحيث يجب على الآباء أن يضعوا أنفسهم تحت مصالح الطفل، أي أن يتركوا الطفل يدير بنفسه اللعب، أن يقول الطفل لوالده: لون هذا، أو ساعدني بذاك. إنه في الواقع، عكس للسلطة أو قلب للقوة. فالطفل لديه شعور دائم بأنه يفعل ما يريده و ما يحبه، و خاصة هؤلاء الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة، و على وجه أخص، هؤلاء الآباء و الأمهات الذين يتعرضون لضغوط كبيرة جداً. فاللعب بالنسبة لهم، يمثل بما في ذلك، أسلوباً علاجياً. و يكسب ما نفعله أهمية، في هذا المشروع، هو تقديم المشورة النفسية للوالدين، و أن نجمع هؤلاء الآباء والأمهات، الذين لديهم أطفال ذوي إعاقات مختلفة و إحتياجات خاصة سوياً. حتى أن الأطفال الذين يعرفون بعضهم البعض، و يعانون من إعاقات مختلفة، يرون أشياءً قد تعوضهم عن العجز، و بأن لديهم أيضاً، قدرة أو مهارة تساعدهم على القيام بعمل ما أفضل من أطفال غيرهم بإعاقة مختلفة. فكل منهم يرى ما يحظى به من أشياء جيدة أو ما هو متاح له لتدبير أموره بنفسه”.
في أواخر شهر يونيو/حزيران الماضي، إنتفع الأشخاص الذين شاركوا في المشروع بخبرة المعالجة البريطانية/يونيس ستراغ، الإخصائية النفسية التي تحظى بأكثر من 26 عاماً من الخبرة في مجال الصحة النفسية، و المختصة في العلاج باللعب، و باللعب بالرمل. في المرحلة الأولى، عملت يونيس مع ثمانية أطفال من ذوي الإعاقة و مع أولياء أمور هؤلاء. أما في المرحلة الثانية، فقد أوضحت المختصة البريطانية، فوائد العلاج باللعب للمشاركين في برنامج “لنعيد اكتشاف المدرسة” – من أخصائيين نفسيين و وسطاء، و غيرهم.
والهدف الرئيسي لهذا النوع من العلاج هو إيجاد حلول للمشاكل العاطفية أو السلوكية، و يُفهم من هذا بالتالي، تحسين التواصل و التفاهم بين الوالدين و الطفل. و من ثم، يتم إستهداف تحسين التعبير اللفظي، و قدرات المراقبة الذاتية، و التحكم بالدوافع و المحفزات، و تطوير طرق السيطرة على القلق و الإحباط، و تحسين القدرة على الوثوق بالآخرين و التواصل بهم. و لتحقيق هذه الأهداف، تعتمد المعالجة على التطور المعرفي الذي يميز مراحل مختلفة من التطور العاطفي لدى الأطفال، بالإضافة إلى الصراعات الخاصة المميزة لكل فئة عمرية.
شيئ جديد في مشروع من هذا القبيل، هي فكرة تطوير نوع ما من استقلال الطفل الذي يتطلب رعاية خاصة، بحكم الإعاقة التي يعاني منها، أمام والديه. تعود دانييلا فيشويانو لتحدثنا مجدداً:
“إقترحنا على أنفسنا، أن ترك مساحة للطفل و الأبوين، فليس بإمكانهما بناء حياة مع طفل بحاجة إلى رعاية خاصة. و عندما يستيقظ أحد الوالدين أمام مثل هذا التحدي، بأن ينجب طفلاً يعاني من إعاقة، و يتطلب إحتياجات خاصة، فإنهم يعيدون تنظيم حياتهما حول هذا الطفل، و يكرسون من 10-20 عاماً من حياتهما حصرياً لتلبية إحتياجات الطفل. أما الخوف الأكبر، فهو أن لا يضيف الوالدعجزاً نفسياً إلى جانب إعاقة الطفل، و أن لا يزيده ضغطاً بتذكيره بالتضحيات المبذولة”.
و إذا كان قد شارك في هذا المشروع حتى الآن حوالي 800 أسرة، أي حوالي 1600 شخص، من منطقة جنوب رومانيا، فإن النية هي مضاعفة هذا النوع من المشاريع و توسيعها على المستوى الوطني.