انضمام رومانيا إلى مجال شنغن – هدف ذو أولوية
منذ أكثر من اثني عشر عاماً ورومانيا وبلغاريا الدولتان العضوان في الاتحاد الأوروبي محرومتان من عضوية مجال شنغن
Diana Baetelu, 25.09.2023, 14:13
منذ أكثر من اثني عشر عاماً ورومانيا وبلغاريا الدولتان العضوان في الاتحاد الأوروبي محرومتان من عضوية مجال شنغن رغم وفائهما بالشروط والمعايير التقنية . التداعيات عديدة على كلا البلدين ومنها أن المواطنين الرومانيين والبلغار هم آخر الأوروبيين الذين يخضعون للفحص في المعابر الحدودية حيث يضطرون لانتظار إتمام الإجراءات الضرورية لساعات طويلة في بعض الأحيان . ولكن أكبر الخسار اقتصادية. رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا قالت إن إبقاء أبواب شنغن مغلقة أمام البلدين أمر غير عادل وغير مبرر مضيفة أن تأجيل قبولهما يحد من حرية التنقل ويزيد من حجم الخسائر الاقتصادية لكلا البلدين . فقد قدر اقتصاديون مستقلون حجم الخسائر التي يتكبدها اقتصاد رومانيا بحوالي مئتي مليون يورو شهريا فيما قدره مسوؤلون في الحكومة الرومانية باثنين بالمائة من الناتج المحلي مشيرين إلى إمكانية المطالبة بتعويضات. في غضون ذلك أعلنت المفوضية الأوروبية مرارا وتكرارا عن تأييدها لقبول كلا البلدين في مجال شنغن .ففي الخطاب السنوي عن حالة الاتحاد طالبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين النمسا بالموافقة على قبول رومانيا وبلغاريا في مجال شنغن دون أي تأخير. مطلب لم يكن له صدى في النمسا حيث قال مسؤولون في قيينا أن توسيع مجال شنغن في الوقت الحالي أمر غير معقول وقال وزير داخليتها غرهارد كارنر “إن أرقام الهجرة تتزايد في أوروبا ” مشيرا إلى ضرورة زيادة عمليات الفحص على الحدود وليس تقليلها ” . وتزعم الحكومة النمساوية أن رومانيا وبلغاريا غير قادرتين على مراقبة حدودهما بشكل فعال وهو ما تناقضه الإحصائيات الرسمية في كل من بوخارست وبروكسل وفي هذه الأخيرة أكدت أورسولا فون دير لاين أن “رومانيا وبلغاريا أصبحتا بالفعل نموذجا للممارسات الحسنة فيما يتعلق باللجوء وإعادة المهاجرين.
الأستاذ الجامعي شتيفان بوبيسكو محلل السياسة الخارجية علق على تصريحات رئيسة المفوضية الأوروبية بقوله : “إنها مهمة كإشارة سياسية بشكل عام .فمنذ سنوات وممثلو المؤسسات الأوروبية يرسلون رسائل إجابية بهذا الشأن وبينهم عدد من المفوضين إلى جانب رئاسة المفوضية الأوروبية. المشكلة هي الدول لذا فلا فائدة من طرح مسألة توسيع شنغن للنقاش وإطلاق رسائل بشأنها ما لم نتحدث عن طريقة اتخاذ القرارات في الاتحاد الأوروبي. وبهذا الصدد لا بد من الإشارة إلى أن إلغاء حق الفيتو الذي يتمتع به كل دولة للاتحاد الأوروبي واستبدال قاعدة الإجماع بقاعدة الأغلبية قد يكون سلاحا ذا حدين لأنه قد يفيد رومانيا في مسألة الانضمام إلى شنغن لوجود أغلبية مؤيدة لها ولكنه قد لا يفيدها في قضايا أخرى إذا تشكلت بشأنها أغلبية معارضة لرومانيا ” .
أقر البرلمان الأوروبي وفي يوليو تموز الماضي قرارا يؤيد فيه انضمام رومانيا وبلغاريا إلى مجال شنغن بحلول نهاية العام الجاري وجعلت أسبانيا التي تتولى الرئاسة نصف السنوية لمجلس الاتحاد الأوروبي من هذه المسألة هدفا ذا أولوية لفترتها الرئاسية ..في غضون ذاك رفعت المفوضية الأوربية آلية التعاون والمراقبة التي فرضتها على مجال القضاء في كل من رومانيا وبلغاريا منذ انضمامهما إلى الاتحاد الأوروبي قبل سعبة عشر عاما . رئيس الوزراء الروماني مارتشيل تشولاكو وصف القرار بمثابة تأكيد على أن دولة القانون راسخة ومتينة في رومانيا معتبرا ذلك مبررا إضافيا لقبول رومانيا في مجال شنغن ومذكرا بأن العديد من أسباب الاعتراض على انضمام البلاد تعلق بعدم استقلال القضاء. ووصف رئيس الوزراء معارضة النمسا بأنها تعسفية وغير مبررة موضحا أن رومانيا سترفع دعوى ضد فيينا لدى محكمة العدل الأوروبية في حال استخدمت حق الفيتو مجددا في الاجتماع القادم لمجلس العدل والشؤون الداخلية وهو الهيئة المكلفة باتخاذ قرار انمضام رومانيا وبلغاريا إلى مجال شنغن .
ويذكر أن النائب الأوروبي الروماني عضو حزب الحركة الشعبية يوجين توماك كان قد رفع مثل هذه الدعوى ضد النمسا منذ شهر فبراير شباط الماضي . يوجين توماك :”في الثامن من ديسمبر كانون الأول من العام الماضي ناقش مجلس العدل والشؤون الداخلية انضمام رومانيا وبلغاريا وكرواتيا إلى شنغن بالنظر لاستيفائها المعايير المطلوبة . وأقر الاجتماع قرارين — أحدهما برفض قبول رومانيا وبلغاريا والثاني بقبول كرواتيا . قلنا آنذاك أن النمسا مارست حق الفيتو بسوء النية لأنها كانت قد اكدت مجددا معارضتها لتوسيع مجال شنغن ورغم ذلك صوتت لصالح توسيعه بقبول كرواتيا . بذلك تكون النمسا قد انتهكت العديد من أحكام معاهدة الاتحاد الأوروبي بما في ذلك قانون شنغن. فالمفوضية الأوروبية وهي المؤسسة التي تقيم مدى التزام دولة ما بقانون شنغن وشروطه قالت مرارا وتكرارا طوال الاثني عشر عاما الماضية أن رومانيا متهيأة للانضمام إلى مجال شنغن. من جانبه صوت البرلمان الأوروبي على قرارات إيجابية بهذا الشأن . وفي المقابل نرى أن هولندا أولا وثم النمسا استخدمتا حق الفيتو في الاجتماعات الوزارية للمجلس الأوروبي بسوء النية لمنع دولة أوروبية من الاستفادة من المزايا التي توفرها السوق الأوروبية الموحدة وحرية تنقل السلع والأشخاص وتقيدان حقها المشروع في التمتع بنفس الحقوق التي يتمتع بها أكثر من أربتعامئة وخمسين مليون مواطن أوروبي وهو حق من الحقوق المنصوص عليها في المعاهدات الأوروبية “
في غضون ذلك يقول مسؤولون في فيينا إن الفيتو النمساوي ليس ضد رومانيا وإنما ضد نظام شينغن “الذي تشوبه عيوب ” لذا فإن “ِ الحدود الخارجية الآمنة وحدها كفيلة بتحقيق رؤية أوروبا بلا حدود داخلة” – على حد قولهم .