هل يقترب الاقتصاد العالمي من أزمة جديدة؟
الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة مواتية وأزمة اقتصادية جديدة حسب لأستاذ الجامعي الأمريكي جيفري زاكس
Corina Cristea, 24.03.2018, 11:07
قام الأستاذ الجامعي الأمريكي المشهور (جيفري زاكس) بزيارة إلى بوخارست تلبية لدعوة من السلطات الرومانية وقدم بتحليل الوضع الاقتصادي على المستوى العالمي بعد مرور أكثر من عقد منذ اندلاع الأزمة التي أجبرت الدول العظمى والاتحاد الأوروبي على اختبار قدراتها على الرد السريع وإدارة الأوضاع الاستثنائية. ويرى الخبير الاقتصادي المشهور أن الاقتصاد العالمي يمر بمرحلة مواتية وأزمة اقتصادية جديدة قد يسببها في المستقبل القريب الزعماء السياسيون لدول العالم فقط وليس الأسس والقواعد الاقتصادية. ويشدد (جيفري زاكس) على هذا قائلا ما يلي:
إذا اقتربت أزمة اقتصادية جديدة فهي بسبب التأهيل الضعيف لزعماء العالم فقط ولا توجد هناك أسباب أخرى لاندلاع أزمة اقتصادية جديدة. إن الوضع الاقتصادي في جميع المناطق الكبيرة مثل الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا والصين والهند جيد الآن.
وبكلمات أخرى، الاقتصاد العالمي في حالة جيدة الآن ولكنه يتعلق بالقرارات التي سيتخذها زعماء العالم. ويضيف الأستاذ الجامعي (زاكس) المعروف أيضا لموقفه ضد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن الولايات المتحدة تسجل نموا اقتصاديا وليس نموا لمستوى معيشة سكانها التي تنخفض سنويا فالناس ليسوا مرضيين عن حياتهم ومتوسط العمر المتوقع ينخفض. وفي رأيه، تأتي الأزمات الاقتصادية من السياسيات الخاطئة فهناك مخاطر واضحة بهذا الخصوص. من جهة أخرى، يقول الأستاذ الجامعي (زاكس) إنه توجد أجندة اقتصادية إيجابية ومثيرة للاهتمام على الصعيد الدولي تشمل استخدام التكنولوجيات الجديدة لخلق المزيد من الرخاء لإنهاء الفقر وإنشاء اقتصاد عالمي يعتمد على الطاقة المتجددة. ويرى (جيفري زاكس) أن الناتج المحلي الإجمالي لا يعكس بشكل حقيقي ماذا يحدث في الاقتصاد والمجتمع مثل تلوث الجو أو جودة الحياة بصفة عامة مشيرا إلى إمكانية أن تستغل مجموعة من الناس أو الشركات النمو الاقتصادي. ويقول (جيفري زاكس) إن حياة الناس هامة جدا وكذلك ورخاءهم مشجعا الدول على التعاون المستمر والتفكير في كيفية ترسيم ملامح المستقبل سائلا: ما هو العالم الذي نريده؟ هل نريد كوكبا للسلام والرخاء والتنمية المستدامة؟ فالعالم الذي نريده يجب أن يكون في وسط أعمالنا السياسية. وشجع الأستاذ الجامعي (زاكس) الذي يعتبر من بين أهم الخبراء الدوليين في قطاع النمو الاقتصادي ومكافحة الفقر شجع رومانيا على ترويج فكرة اتحاد أوروبي أقوى بنظام اقتصادي مفتوح يزيد استثماراتها التي يجب أن تتركز على التنمية المستدامة:
تحتاج رومانيا إلى استثمارات متينة في القطاعين الحكومي والخاص مركزة على التنمية المستدامة أي في قطاعات الطاقة المتجددة والتكنولوجية المتقدمة ووسائل النقل الكهربائية والبنية التحتية المستدامة. فمواصلة تطبيق السياسة النقدية على المدى الطويل تسمح بالقيام بجميع هذه الاستثمارات على المدى الطويل فمفتاح التطور على المدى الطويل في الاقتصاد الحديث اليوم تمثله القوى العاملة المؤهلة والجامعات الممتازة والروابط بين الأعمال والجامعات والانفتاح إلى الشركاء والمستثمرين الأجانب علما بأن هذا الانفتاح يساعد في إنشاء الأسواق الدولية. فيما يتعلق بتطوير المناطق الرومانية فمن المهم أن نتسأل عن نوع تأهيل القوى العاملة وعن البنية التحتية هناك وعن الروابط المتواجدة بين هذه المناطق والأسواق الدولية وإذا نجحت هذه المناطق في جذب المستثمرين الأجانب بالإضافة إلى الإجراءات الخاصة بالسياسات العامة كي تستفيد منها جميع هذه المناطق.
تشير دراسة متخصصة أصدرتها مؤخرا شركة التدقيق Ernst&Young الدولية – الفرع الروماني – إلى أن 90% من أهم رجال الأعمال في رومانيا يرون أن نموذج التقدم الاقتصادي الروماني المعتمد على زيادة الاستهلاك ليس مناسبا تماما حيث تشكك 85% من الشركات الرومانية في تحقيق خططتها الاستثمارية بسبب السياسات النقدية المتغيرة. وتقدم لنا (ميهائيلا ماتيي) منسقة الدراسات في شركة التدقيق Ernst&Young المزيد من التفاصيل بهذا الخصوص قائلة:
يبرز أهم استنتاج لدراستنا أن رؤساء الشركات المتواجدة في رومانيا لا يثقون في النمو الاقتصادي المتوقع العام الجاري ولا في نموذج النمو الاقتصادي المتعمد على زيادة الاستهلاك وعلى استراتيجية البلاد. فنسبة 99% من المستطلعين تريد استراتيجية بلاد تعتمد على نموذج نمو اقتصادي مستدام وقابل للحياة وتقليص الفجوة بين رومانيا ودول أوروبا الغربية.
هذا وقدم ممثلو صندوق النقد الدولي خلال زيارتهم الأخيرة إلى رومانيا بعض التوصيات الخاصة بالاقتصاد الوطني التي تنص على مزيج متوازن من السياسات المالية والنقدية بالإضافة إلى دعم الاستثمارات لمواصلة إيقاع النمو المسجل خلال العام الماضي. وأكد ممثلو صندوق النقد الدولي على أهمية تحسين جمع الأموال إلى ميزانية الدولة وإبقاء الإنفاق العام في حدود قابلة للتحمل. وتقدر الحكومة الرومانية أن النمو الاقتصادي سيصل خلال العام الحالي إلى 6،1% على أساس الاستثمارات وخاصة على تلك المنفذة بالأموال الأوروبية.