جو بايدن في بوخارست
هناك القليلُ مِنَ الدول الأوروبية حيث الساحةُ السياسة وكذلك الرأي العام لديْهِما مشاعرُ قويةٌ تجاه الولايات المتحدة مثلما هو الحال في رومانيا. بصفتها عُضوا في الحلف الأطلسي يربط بينها وبين واشنطن شَراكةٌ استراتيجية، ولاستضافتِها بعضَ القواعد العسكرية وعناصرَ من الدِرع الأمريكي المضاد للصواريخ — يمكن لرومانيا، بدورها، الاعتمادُ على الولايات المتحدة دون قيد أو شرط. كانتْ هذه هي الرسالةُ التي عَبَرَ عنها في بوخارست نائبُ الرئيس الأمريكي، جو بايدن. وليستْ هذه أولَ زيارةٍ يَعْقِدها الرجلُ الثاني في البيت الأبيض إلى رومانيا، ولكنه جاء هذه المرةَ تَحديدا لإعادةِ التأكيد على التزامِ أمريكا بأمن حُلفائِها في شرق أوروبا، القَلِقِينَ مِنَ التطورات في أوكرانيا الجارة. كما قال بايدن، باسمه وباسم الرئيس باراك أوباما، إنَ الأمريكيين يعتبرون أنه مِنْ واجِبِهِمْ الوقوفُ إلى جانبِ الرومانيين والحلف الأطلسي. الخِطابُ الذي ألقاه في بوخارست لَمْ يَكُنْ مُوَجَهًا إلى المُضِيفِينَ فقط وإنما كذلك إلى مُوسكو. بعد أكثرَ مِنْ عقديْن منذ تَفَكُكِ ما كان في الماضي يُسَمَى بإمبراطوريةِ الشَر، لاحظتِ الحكوماتُ الأوروبيةُ بدهشة عودةَ مُمارَسات الضَمِ الستالينية والخطابِ العُدواني من فترة الحرب الباردة. حدودُ أوروبا لا يجب تغييرُها مِنْ جديد باستخدامِ القُوة والأسلحة، لذا نُدِينُ باحتلالِ روسيا للقرم — هكذا أكد نائبُ الرئيس الأمريكي مُجددا على مَوْقِفِ واشنطن وحلف شمال الأطلسي. ومن جانبه، رَحَبَ رئيسُ الجمهورية الروماني، ترايان باسيسكو، بالرد الفَوْرِي للولايات المتحدة على ضَمِ القِرِم. وأضاف رئيس الجمهورية الروماني بِشَكْلِ قاطعٍ أنَ إرسالَ وحداتٍ إضافيةٍ مِنَ القوات الجوية والبحرية والبرية الأمريكية إلى المِنطقة يُثَبِطُ رَغبةَ روسيا في إعادةِ بِناءِ الاتحاد السوفيتيي. وَفقا لوزير الخارجية في بوخارست، تيتوس كورلاتسان، إنَ زيارةَ جو بايدن إلى رومانيا تُمَثِلُ إشارةَ دعمٍ بالغةَ الأهمية لحليف وَثيق وشريكٍ استراتيجي للولايات المتحدة، في هذه الفترةِ المُعَقَدَةِ في الحدود الشرقية للحلف الأطلسي. وبدوره، صَرَحَ رئيسُ الوُزراء، فيكتور بونتا، بأنَ رومانيا تنتظر مِنَ الولايات المتحدة ليس فقط ضمانَ الأمن في المنطقة وإنما كذلك الدعمَ لِضَمانِ استقلالها عَنْ روسيا في مجال الطاقة. زيارةُ بايدن، التي سَبِقَتْهَا زيارةُ الأمين العام للحلف الأطلسي، Anders Fogh Rasmussen، إلى بوخارست، تأتي تأكيدا لِرسالةِ هذا الأخير، ذلك أن رومانيا ليستِ البلدَ الوحيدَ الذي يُواجه تهديداتٍ إقليمية. كما رحب Rasmussen بالقرارِ الذي اتخذته بوخارست، ألا تستفيدَ من الأمن فقط وأَنْ تعمل كذلك على ضَمانِهِ، إضافةً إلى تخصيص المَزِيدِ مِنَ الأموال لميزانية الدفاع، قبل عام 2017، وبالتحديد نحو اثْنَيْنِ في المائة مِنَ الناتج المحلي الإجمالي. وبالتالي، ستكون رومانيا نَموذجا تَحتذي به الدولُ الأخرى الأعضاء في الحلف الأطلسي، وَفقا للأمين العام.
Bogdan Matei, 22.05.2014, 15:41