ذكرى مرور 350 عاما على ميلاد الأمير الروماني ديميتري كانتمير
ولد ديميتري كانتمير عام 1673 لأمير مولدوفا كونستنتين كانتمير
Diana Baetelu, 04.02.2023, 18:00
الزعيم السياسي المثقف ظهر في تاريخ أوروبا في العصر الروماني القديم مع تولي الإمبراطور ماركوس أوريليوس زمام السلطة في القرن الثاني الميلادي . في كاتبه الشهير “الأمير” قال نيكولو ماكيافيلي إن أميرا أو زعيما مثقفا سيطرح دائما أفضل الحلول في التعامل مع شؤون السياسية . أما في تاريخ رومانيا فكان الأمير نياغوي باسراب حاكم إمارة فالاهيا في القرن السادس عشر صاحب ثقافة واسعة واقترن اسمه بأحد كنوز الأدب القديم في أوربا الجنوبية الشرقية هو مجموعة من النصائح والإرشادات كتبها نياغوي باسراب لنجله تيودوسي حول مبادئ الحكم والأخلاق التي تساعد على تربية الشباب وتكون بمثابة سبل إلى الرقي المعنوي . لكن أشهر الأمراء الرومانيين المثقفين هو ديميتري كانتمير، حاكم إمارة مولدوفا الذي ترك إرثا حافلا من الأعمال القيمة في التاريخ والجغراغيا والأخلاق والسياسة والموسيقى ..
ولد ديميتري كانتمير عام 1673 لأمير مولدوفا كونستنتين كانتمير .وكغيره من أبناء الأمراء أرسل إلى الإمبراطورية العثمانية للدراسة في عاصمتها التي عاش فيها لمدة 23 سنة إلى حين بلوغه سن السابعة والثلاثين .. أعماله تعكس تعمقه في بعض مجالات العلم والمعرفة ومن بين أشهر كتاباته ” الديوان ” الذي ترجم إلى العربية من قبل البطريرك أثناسيوس الدباس الدمشقي، بطريرك أنطاكيا في مطلع القرن الثامن عشر بعنوان “صلاح الحيكم وفساد العالم الذميم” .كما ألف كانتمير كتبا حول تاريخ مولدوفا والإمبراطورية العثمانية وتناول في إحدى دراساته ركائز الإسلام . ومن بين مؤلفاته أيضا كتاب في علم الموسيقى وسيرة حياة والده .. انتخب كانتمير في عام 1714 عضوا في الأكاديمية الملكية في برلين اعترافا بقيمة أعماله ومساهمته في تطوير العلوم كما ذكره مؤرخون معروفون في أعمالهم ومن بينهم المؤرخ البريطاني الشهير إدوارد جيبون الذي أشار إلى أعمال الأمير الروماني في كتابه “انهيار الإمبراطورية الرومانية وسقوطها “..لكن مسيرة ديميتري كانتمير السياسية لا ترقى إلى مستوى إنجازاته العلمية. فقد اعتلى عرش مولدوفا صوريا في عام 1693 وهو في العشرين من العمر إثر وفاة والده لكنه لم يستمر في الحكم لأكثر من أسابيع بسبب رفض الباب العالي تنصيبه .. في عام 1710 عينه الباب العالي أميرا لمولدوفا ولكن بعد عام واحد فقط اندلعت حرب بين روسيا القيصرية والإمبراطورية العثمانية وتحيز كانتمير للقيصرالروسي بطرس الأكبر . وبعد انتصار العثمانيين على الروس في إحدى المعارك أدرك الأمير أنه لا يستطيع العودة إلى مولدوفا فلجأ إلى روسيا مع أفراد أسرته حيث عينه القيصر مستشارا في ديوانه . في عام 1723 وافته المنية عن عمر ناهز 50 عاما ..
يصادف عام 2023 الذكرى الخمسين بعد الثلاثمائة لميلاد ديميتري كانتمير وذكرى مرور ثلاثمائة عام على وفاته. وبهذه المناسبة أقيم في مقر الأكاديمية الرومانية معرض لمخطوطات الأمير .. عضو الأكاديمية رزفان تيودوريسكو تطرق إلى مساهمة كانتمير في التقريب بين الثقافتين الغربية والشرقية:
“كان ديميتري كانتمير شخصية أوربية عظيمة .ألف كتابه حول إمارة مولدوفا بطلب من الأكاديمية الملكية في برلين التي أرادت الحصول على كتب حول مختلف المناطق في الشرق الأوسط التي كانت محط اهتمام مملكة بروسيا ..الحقيقة أن الأكاديمية الملكية في برلين حين انتخبت ديميري كانتميرعضوا لها أرادت إبداء تأييدها للقيصر الروسي إذ إنها اعتبرت كانتمير أميرا روسيا ووصفته بالرجل الأوسع ثقافة في الإمبراطورية الروسية ..وقد روج الأمير كانتمير للفكرة الأوربية بقوة في وقت كانت أوروبا تشهد بزوغ فجر حقبة جديدة هي الحقبة ما قبل الحداثة ..”
كونستنتين باربو ناشر أعمال كانتمير تحدث عن المخطوطات المعروضة في مقر الأكاديمية الرومانية :
“يتكون إرث كانتمير من 200 كتاب وتم نشر 104كتب. المخطوطات تعرض بالكامل بعد أن عثرت على الأجزاء المفقودة منها . كما حصلت على مخطوطات جديدة لم نكن على علم بوجودها من ذي قبل .. مخطوطات الأمير موجودة في رومانيا وأيضا في روسيا وألمانيا ويعرض بعض منها في هذا المعرض”.