إضراب عمال السكك الحديدية في فبراير شباط عام 1933
وفي فبراير شباط عام 1933أعلن عمال ورشة السكك الحديدة في بوخارست إضرابا عن العمل إثر فشل المفاوضات بين الإدارة النقابات
Diana Baetelu, 03.04.2023, 07:48
أسواء الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين والمعروفة بالكساد الكبير عصفت بالعالم بين عامي 1923 و 1933 وكانت آثارها حادة وقاسية لاسيما على الأوضاع المعيشية التي تردت بشكل كبير في معظم بلدان العالم مهيئة الأجواء لاضطرابات اجتماعية خطيرة ومظارهات ومسيرات احتجاجية عارمة . تداعيات الكساد الكبير طالت أيضا رومانيا حيث اندلعت احتجاجات مناهضة للإجراءات التقشفية التي اتخذتها السلطات لمواجهة الأزمة ومن بينها تقليص رواتب العمال والموظفين فضلا عن ارتفاع الأسعار . وكان إضراب عمال المناجم في وادي جيو عام 1929 أكثر المظاهرات دموية إبان الأزمة إذ قتل أثناءه 22 من المتظاهرين. وفي فبراير شباط عام 1933أعلن عمال ورشة السكك الحديدية في بوخارست إضرابا عن العمل إثر فشل المفاوضات بين الإدارة والنقابات . سير الأحداث يكشف أن الإضراب جرى على مرحلتين بدأت أولاهما في الحادي والثلاثين من يناير كانون الثاني بمفاوضات بين نقابات عمال السكك الحديدية والإدارة وانتهت في الثاني من فبراير شباط بموافقة الإدارة على تلبية بعض من مطالب العمال وأهمها زيادة الرواتب . أما في المرحلة الثانية فقد تولت النقابة الخاضعة لسيطرة الشيوعيين ومنظمة الشيوعية الدولية تمثيل العمال في المفاوضات وسرعان ما تقدمت للإدارة بمطالب سياسية في مسعى منها لاستغلال الفرصة السانحة للتحريض وتأجيج اضطرابات اجتماعية وزعزعة الاستقرار . مطالب النقابة الشيوعية أدت إلى فشل المفاوضات وتراجع الإدارة عن تعهداتها السابقة واعتصام 4000 من العمال في معمل الورشة بتخريض من النقابة الشيوعية ما دفع الحكومة للتدخل وإعطاء الجيش أموار بإطلاق النار على المضربين. وقد سقط برصاص الجيش 7 منهم وأصيب 15 آخرون واعتقل أكثر من 100 من المضربين ..
استغل النظام الشيوعي الذي تولى السلطة في عام 1945 إضراب عمال السكك الحديدية لإغراض دعائية متذرعا بأن الزعيم الشيوعي غورغي غورغيو ديج الذي كان يعمل في ورشة السكك الحديدية وقت إطلاق الإضراب وكان أحد أنشط المحرضين أثناء الاحتاجاجت قد سجن بسبب مشاركته في الإضراب. لكن بعد عام 1989 كشفت التحريات النقاب عن حقيقة مختلفة تماما .في عام 1998 أجرى مركز التاريخ المروي التابع للإذاعة الرومانية مقابلة مع المهندس كونستنتين نيغريا الذي كان في عام 1927 يعمل في ورشة السكك الحديدية ببوخارست.وتذكر مظاهرات الاحتجاج التي شارك فيها مع زملائه في عام 1931 :
“في عام 1931 وعلى خلفية الكساد الكبير أبلغتنا إدارة الورشة بنيتها لتخفيض الرواتب وعليه قررنا إطلاق إضراب عن العمل في التاسع والعشرين من يناير عام 1931 احتجاجا على الإجراءات التقشفية لا سيما وأن الإدارة كانت قد بدأت بتحفيض الرواتب شيء ما . خرجنا من المعمل في الساعة الرابعة متجهين إلى جسر غرانت ومنه إلى الورشة مرددين هتافات رافضة لتخفيض الرواتب . كانت ترافقنا كتيبة من رجال الدرك . ولدى وصولنا على عتبة الجسر أخذوا يطلقون النار علينا فسقط اثنان من زملائنا قتيلين . “
بعد سنتين على ذلك الإضراب قرر العمال تغيير طريقة تنظيم الاحتجاجات لجعل صوتهم مسموعا بشكل أفضل:
“قررنا تنظيم مظاهرات الاجتجاج على تخفيض الرواتب ليس في الشارع كما في الإضراب السابق بل في الورشة بإطلاق صفارة الإنذار مرة كل نصف ساعة . كما قررنا الخروج من الورشة رغم البرد الشتوي القارس لتنظيم وقفة احتجاجية في الفناء حيث كانت الإدارة بصدد تنظيم حديقة صغيرة وكانت قد جلبت إلى الموقع كميات كبيرة من الرمل. أقمنا حواجز من الخشب وأشعلنا النيران في الحاويات لندفئ أنفسنا.”
تبنى بعض العمال أثناء الإضراب مواقف راديكالية فيما أعرب آخرون عن مخاوفهم على مصيرهم في حال أقدمت الإدارة على تسريحهم بدافع الانتقام:
“مع حلول الليل بدا بعض المضربين مترددين في مواصلة الإضراب . فقال أحدهم أن الإدارة ستسرحنا للانتقام منها وسنخسر مصدر رزقنا الوحيد . في ذلك اليوم أطلقنا صفارة الإنذار لآخر مرة في الساعة الخامسة مساء وفي السادسة إلا ربع بدأ الجنود بإطلاق النار علينا وأردوا ستة منا قتلى.”