مجموعات مدنية من أجل الحفاظ على المساحات الخضراء في بوخارست
متنزه تيتان الواقع في الحي الذي يحمل نفس الاسم ببوخارست تبلغ مساحته خمسة وثمانين هكتارا وتتوسطه بحيرة اصطناعية ويعد من بين أكبر الحدائق العامة في العاصمة
Diana Baetelu, 29.12.2023, 14:23
متنزه تيتان الواقع في الحي الذي يحمل نفس الاسم ببوخارست تبلغ مساحته خمسة وثمانين هكتارا وتتوسطه بحيرة اصطناعية ويعد من بين أكبر الحدائق العامة في العاصمة . فالمتمزه كان يعرف في الحقبة الشيوعية بحديقة مصنع المعدات البصرية لوقوعه على مقربة من المنشأة وهو اليوم أحد الأماكن المفضلة لدى سكان بوخارست للتنزه وقضاء أوقات الفراغ في الهواء الطلق . هواء لم يسلم للأسف من التلوث المتفاقم الذي يعاني منه سكان العاصمة منذ سنوات طويلة . علاوة على ذاك أعيدت رقعة بمساحة اثني عشر هكتارا من أرض المتنزه إلى مالكها السابق عام 2005 بموجب حكم قضائي مثير للجدل صدر في إطار عمليات إعادة العقارات التي صادرتها أو أممتها السلطات الشيوعية إلى ملاكها السابقين . وبمجرد انتقالها إلى الملكية الخاصة تعرضت تلك الرقعة للتدميرو التخريب وأضرمت فيها النيران مرارت ومرارت حيث عد سكان الحي ما لا يقل عن اثني عشر حريقا في حديقة تيتان أتت على الأخضر واليابس وحولت مساحاتها الخضراء إلى أرض جرداء .الأمر الذي دفع سكان الحي إلى تشكيل مجموعة أطلقوا عليها “مجموعة المبادرة من أجل حديثة تيتان العامة”. أليكس إيكودين العضو في مجموعة المبادرة المدينة نلديه التفاصيل:
“كنا نسكن حيا أخضر فيه حديقة تيتان الجميلة بممراتها وأزقتها وملاعبها. ولكن من سنة لأخرى تتقلص مساحاتها الخضراء أكثر فأكثر حتى باتت مهددة بالاختفاء . فأشجار المتنزه تتعرض للتسميم والإحراق بينما تعاد أجزاء من أرضه إلى أشخاص طبيعيين بمقتضى سندات مشكوك فيها نعمل حاليا على إثبات عدم شرعيتها وإبطال أثرها . وفي غضون ذلك تجف الأشجار وتسقط بسبب التسميم وكأن مرور الوقت وسوء الأحوال الجوية لم تكن كافية بحد ذاتها لإلحاق الأضرار بها . لقد أضرموا النار في الأشجار والنباتات وفي كل مرة اتصلنا برجال الإطفاء وطلبنا مساعدتهم لإخماد الحرائق . هل لكم أن تتخيلوا حرائق أشجار ونباتات تمتد على مساحة مئات الأمتار المربعة وسط العمارات السكنية .. فالهدف وراء تدمير الحديقة هو تحويلها إلى صحراء لا تصلح للتنزه واللعب ثم تحويلها إلى أرض تصلح لإنشاء مساكن ومكاتب عبر تدابير وتدخلات غير شرعية . فالحديقة التي استمتعنا بالتنزه فيها ونتمنى أن يستمتع بها أطفالنا وأحفادها ستصبح أثارا بعد عين إذا استمرت الأمور على هذا النحو ”
بعد احتجاجات المجموعة قامت السلطات ببعض الخطوات الخجولة دون أن تحقق نتائج تذكر. على سبيل المثال حاولت البلدية استعادة رقعة الأرض المعادة من مالكها الحالي لكنها لم تفلح . أما المساعي التي يقوم بها سكان الحي فيقول أليكس إيكودين :
” نحاول مساعدة سكان الحي على استعادة رقعة الأرض المتنازع عليها لكن الأمر معقد للغاية بسبب وجود أحكام قضائية سابقة لصالح المالك الحالي وليس لصالح البلدية . هذا بالإضافة إلى وجود مصالح متضاربة عديدة بشأنها حيث يريد بعض الأشخاص تحقيق أرباح من وراء بناء مساكن ومكاتب فيها. ولكن في المقابل تمكننا من حشد المواطنين للمشاركة في وقفة احتجاجية في الربيع الماضي عبروا فيها عن رفضهم لحرمانهم من تلك المساحة الخضراء.”
في الخريف الماضي وبعد سنوات طويلة من الاحتجاجات حققت المجموعة انتصارا رمزيا حيث فرضت بلدية العاصمة غرامة قياسية قدرها خمسة وثلاثون مليون يورو بتهمة تدمير مساحات خضراء. مبلغ مدهش فعلا ولكن هل يستطيع أحد دفعه ؟ المالكة الحالية لرقعة الأرض المتنازع عليها التي استعادتها ودمرتها هي متقاعدة ثمانينية يعتقد أعضاء المجموعة أن وراءها رجال أعمال ومصالح معينة . لنتسمع إلى كريستيان نياغوي :
“هذه الغرامة هي في الواقع رسالة هامة يطلقها عمدة بوخارست ومفادها أن الأمور لا يمكن أن تبقى على ما هي عليه . إنها غرامة قياسية فرضت إثر إدراج الإبادة البيئية في قائمة المخالفات والجرائم التي قد يتركبها المطورون العقاريون . لسوء الحظ فإن الغرامة جاءت متأخرة بعد تسميم الأشجار وإزالتها وقد سيستغرق الأمر عشرات السنين حتى تعود النباتات إلى الحياة مرة أخرى كما يحتاج إلى الجهد والمال أيضا لأن المساحات الخضراء تلك مدمرة بشكل كلي . ليس لدينا الكثير من الوقت لإعادة تأهيل تلك المساحة وسائر المساحات الخضراء في بوخارست لأن الطقس بات أكثر دفئا على مدار العام والمدن باتت أشبه بالجزر الحرارية. لذا فإن الحاجة إلى مساحات خضراء باتت ملحة في بوخارست خاصة وأن الإحصاءات الرسمية تظهر أن نصيب الفرد من المساحات الخضراء يقل عن سبعة اتمار مربعة في حين أن منظمة الصحة العالمية توصي بألا يقل عن خمسين مترا مربعا.”
في غضون ذلك طعنت مالكة رقعة الأرض المتنازع عليها في حكم تغريمها ما يعني مقاضاة جديدة ستستمر أثناءها مضايقة سكان الحي وأعضاء مجموعة المبادرة من أجل حديقة تيتان العامة فضلا عن ممارسة مختلف التيكيتات لردعهم .لكن أعضاء المجموعة يؤكدوِن اعتزامهم مواصلة العمل من أجل حقهم المشروع في العيش في حي نظيف ينعمون به بهواء نقي ويستمتعون بمساحات خضراء جميلة .