عادات التسوق لدى الرومانيين
يذهب سبعة من بين كل عشرة رومانيين إلى مركز تجاري مرة واحدة في الأسبوع على الأقل
Diana Baetelu, 06.06.2023, 15:17
يذهب سبعة من بين كل عشرة رومانيين إلى مركز تجاري مرة واحدة في الأسبوع على الأقل وثلاثة منهم من النساء . الرجال هم الأكثر زيارة لمراكز التسوق الكبرى في حين أن النساء يقضين وقتا أطول في كل زيارة . أما فيما يتعلق بعادات الشراء لدى الرجال والنساء فإن المبالغ التي ينفقها الرجال في مراكز التسوق تزيد عشرة بالمائة عما تنفقه النساء حيث يقدر متوسط الإنفاق بنحو ثلاثمائة لي أي ما يعادل نحو ستين يورو للرجال مقابل متين وخمسة وسعبين لي أي ما يعادل نحو خمسة وخمسين يورو للنساء والفرق يكمن في طبيعة المشتريات التي يقوم بها الرجال مقارنة بالنساء بحسب دراسة أجراها معهد روماني لدراسات السوق وتشير إلى أن الرجال يشترون منتجات التكنولوجيا الحديثة كالأجهزة الإلكترونية الذكية على وجه الخصوص وهي غالبا تكون أغلى مقارنة بالسلع والمنتجات الأخرى . لكن نتائج البحث مفاجئة على أكثر من صعيد لتفكك الكليشيهات الشائعة ومن بينها أن الإقبال على التسوق في المراكز التجارية أكبر لدى النساء منه لدى الرجال . مفاجأة أخرى تتعلق بعدد الرومانيين الذين يزورون مركزا تجاريا مرة واحدة في الأسبوع على الأقل وهو كبير نسبيا قياسا على القوة الشرائية العامة في رومانيا . أما إذا تعمقنا في تحليل هذه البيانات وأخذنا بعين الاعتبار بعض العوامل التي تشجع على زيارة مراكز التسوق الكبرى وأهمها قربها من المناطق السكنية نتوصل إلى تفسيرات معقولة لهذه الأرقام بحسب عالم الاجتماع دان بيتري :
” من المعورف أن في رومانيا عموما وبوخارست خصوصا نجد أن معظم مراكز التسوق الكبرى شيدت داخل المدينة وليس في ضواحيها كما في العواصم الأوروبية الأخرى لذا فإن قربها من الأحياء السكنية يعد واحدا من العوامل التي تشجع الناس على زيارتها مرارا وتكرارا .من جانب آخر تحتل رومانيا المركز الأول بين البلدان الأوروبية من حيث نصيب الفرد من مساحة مراكز التسوق وهي أصلا كبيرة جدا . وتفسير آخر يكمن في أن وراء زيارة المول هناك ميلا وانجذابا إلى ما يتوفر فيه من فرص وتجارب متعددة كشراء اللوازم للعائلة أو اللاوازم الشخصية وخاصة الملابس وهي السلعة الأكثر مبيعا في مراكز التسوق الكبرى بحسب نتائج الدراسة – هذا بالإضافة إلى فرص التواصل مع الآخرين أثناء الاستمتاع بفنجان قهوة أو وجبة طعام . وبذلك أصبح مركز التسوق المكان الذي يوفر للزائر التجارب المتنوعة التي يحتاجها مجتمعة في مكان واحد.
زيارة مركز تجاري هي تجربة ذات شقين أولهما الشق العملي البراغماتي متمثلا في شراء البضائع والاحتياجات الأساسية أما الشق الثاني فاجتماعي عاطفي متمثلا في فرص التواصل الاجتماعي المتوفرة في مثل هذه الأمكان . من جانب آخر تسلط الدراسة الضوء على عادات التسوق لدى مختلف الشرائح العمرية موضحة أن متوسط إنفاق الرومانيون أثناء زيارة واحدة لمركز تسوق يبلغ حوالي ثلاثمائة لي أي ما يعادل ستين يورو وأن الإنفاق يختلف من فئة عمرية إلى أخرى حيث تبين أن الأكثر إنفاقا من الرومانيين ينتمون إلى الفئة العمرية ما بين السادسة والثلاثين والخامسة والأربعين بما يقارب ثلاثمائة وسبعين لي أي ما يعادل خمسة وسبعين يورو في كل زيارة لمركز تجاري يليهم ذوو الخمسة وأربعين عاما وما فوق بحوالي ثلاثمائة وثلاثين لي أي ما يقارب سبعة وستين يورو وأخيرا الفئة العمرية ما بين الرابعة عشرة والخامسة والعشرين عاما بمئتي لي فقط أي ما يعادل أربعين يورو. عالم الاجتماع دان بيتري :
“المبالغ التي ينفقها كل من الشرائح العمرية الآنفة الذكر هي مؤشر على مستوى الدخل الذي تحققه هذه الشريحة أو تلك . فجيل الألفية الذي يتمتع في الوقت الحالي بأفضل الفرص للحصول على وظائف وموارد فضلا عن فرص الوصول إلى مركز اجتماعي مرموق ينفقون أكثر من سواهم . يليهم ذوو الخمسة وأربعين عاما وما فوق الذين كان لديهم ما فيه الكفاية من الوقت لجمع الموارد والاستفادة منها وأخيرا الشباب الذين لا تزيد أعمارهم عن خمسة وعشرين عاما ولا يزالون يفتقرون إلى الموارد ولكن لديهم من أوقات الفراغ ما يعوض نقص المال إلى حد ما وبالتالي يقضون المزيد من الوقت في مراكز التسوق ولكنهم ينفقون القليل. “
فيما يتعلق بالوقت الذي يقضيه الرومانيون في زيارة مركز تجاري تظهر الدراسة أن ثلاثة وسبعين بالمائة من الرجال يزورون مركز تسوق كبير عدة مرات في الأسبوع ويذهب ثلاثة وعشرون بالمائة منهم إلى المول مرة واحدة إلى ثلاث مرات في الشهر ويزور أربعة بالمائة منهم المول أقل من مرة واحدة كل ثلاثة أشهر. في القمابل تزور سبعة وستون بالمائة من السيدات مراكز التسوق الكبرى مرارا في حين أن تسعة وعشرين بالمائة منهن يزرن المول مرة واحدة إلى ثلاث مرات في الشهر وأربعة بالمائة منهن يذهبن إلى المول أقل من مرة واحد في الموسم . كما تبين أن متوسط الوقت الذي يقضيه الرومانيون في مراكز التسوق الكبرى يزيد عن ساعتين بقليل .هذه البيانات لا تقول لنا الكثير بحد ذاتها ولكن إذا ربطناها بنتائج قياسات الاستهلاك الثقافي نحصل على صورة أشمل وأدق لطرق قضاء أوقات الفراغ المفضلة لدى الرومانيين . فأحدث دراسة استقصائية حول الاستهلاك الثقافي والتي أجريت عام 2019 أي بعام واحد قبل اندلاع وباء كورونا أظهرت أن خمسة بالمائة من الرومانيين شاهدوا عرضا مسرحيا وزار خمسة بالمائة آخرون المتاحف وذهب تسعة بالمائة إلى السينما وشاهد ثمانية بالمائة عروضا ترفيهية.. ولكن نفس الدراسة أظهرت أن العديد من المدن والبلدات الرومانية لا توجد فيها مسارح ودور سينما ومتاحف ومكتبات عامة على الإطلاق ما يفسر عدم ورود مثل هذه الأماكن ضمن خيارات قضاء أوقات الفراغ .الشيء نفسه ينسحب على زيارة مراكز التسوق الكبرى وفرص التواصل الاجتماعي والتي تتوقف هي الأخرى على الخيارات الحقيقية المتاحة للسكان بحسب دان بيتري:
“هناك خيارات عديدة لقضاء أوقات الفراغ كلما زادت يزيد الإقبال عليها. على سبيل المثال المهرجانات التي تقام في المدن وعلى رأسها العاصمة بوخارست بإغلاق شوارعها الرئيسية وتحويلها إلى مناطق للمشاة تستضيف فعاليات ثقافية وترفيهية متعددة . فكثيرون من سكان بوخارست يذهبون إلى تلك الأماكن للاستمتاع بالتجارب الثقافقة المتوفرة فيما من عروض طعام الشارع والحفلات الموسيقية والعروض الفنية أو لمجرد التنزه . كثرة زاور هذه المهرجانات تدل على أنه كلما زادت الفرص والخيارات المتاحة تتنوع إمكانيات قضاء أوقات الفراغ حسب اهتمامات المستهلكين . الاقتصاد الروماني يعتمد على الخدمات بشكل كبير الأمر الذي يحفز الاستهلاك.وفي هذا السياق يعتبر مركز التسوق الكبير المكان الذي يبلغ فيه الاستهلاك مستويات عالية جدا لكثرة التجارب الاستهلاكية المتاحة . وبما أن الاقتصاد الروماني موجه إلى الاستهلاك فلا عجب أن مراكز التسوق الكبرى والتي يبلغ فيها الاستهلاك مستويات عالية وتعود بالنفع على العلامات التجارية والمصنعين في آن معا قد شهدت مثل هذا التطور غير المسبوق في رومانيا.”
اعتمادا على ما سبق لا يسعنا إلى أن نتفق مع استنتاجات الدراسة ومردها أن مراكز التسوق الكبرى تلعب دورا هاما في حياة المستهلكين الرومانيين وتمثل قصة نجاح لا جدال فيها في السوق المحلية .