سولينا، المقبرة متعددة الأديان
تقع مدينة سولينا في شرق أقصى رومانيا وتمثِّل ميناءً على البحر وعلى الضِّفّة الغربية لنهر الدانوب.
Radio România Internațional, 02.06.2024, 12:32
تقع مدينة سولينا في شرق أقصى رومانيا وتمثِّل ميناءً على البحر وعلى الضِّفّة الغربية لنهر الدانوب. أصبحت المدينة مَصْيفًا في سبعينيات القرن الماضي عندما جَذبت السُيّاح المُهتمّين بجمال دلتا الدانوب والمستمتِعين بالشاطئ النائي برمْلِه الناعم. وتُذكِّرُ مباني سولينا التاريخية أيّام المجد
الغابِر، عندما كانت المدينة مقرَّ لجنة الدانوب الأوروبيّة، التي أشرفت على حركة السُّفن في الدانوب، وِفقًا لمعاهِدة باريس في العام 1856. وتمَّ مشروع تنظيم المِلاحة على الفرع الأوسط لنهر الدانوب تحت إشراف المهندس الإنكليزي تشرالس هارتلي الذي شارك في تصميم مشروع قناة السويس.
في النصف الثاني للقرن التاسع عشر فتحت في سولينا قنصليات ومكاتبُ لملاك السفن والتجار، وأيضا جرى نشاط تجاري مهم، خاصة بالحبوب وأصبحت المدينة تزدهر. وطبعًا فُتحت حاناتٌ كثيرةٌ على الضفّة الغربية لنهر الدانوب في الميناء. واختفى الكثير من المباني القديمة في الحكمِ الشيوعيّ عندما تمّ تشييدُ مبانٍ سكنيّة مكانَها. بالإضافة إلى الميناء في سولينا والمباني القديمة التي لا تزال قائِمَةً، تمثِّلُ المقبرة متعدّدةُ الأديان وجهةً سياحيّة حيث إنها شاهِدٌ على المجتمع المتعدد الجنسيّة الذي عاش في سولينا منذ قديم الزمن. وقد أُنشِئَت المقبرةُ في العام 1864 وكانت تشرف عليها لجنة الدانوب الأوروبيّة نفسها، وقد دُفِن فيها تجار وأميرات ونساء لهن قصص شهيرة وقراصِنَة وبحّارَة وأيضا المَوتَى من سكّان المدينة وبعض المغامرين من شَتَّى أنحاء العالم. فالَنتين لافريك ، وهو مدرِّس في سولينا وعُضو مُؤسَّسة “اكتشِفْ سولينا” التي تُروِّج لهذه الوجهة السياحيّة، يقدّم لنا المزيدَ من المعلومات عن قصص الناس المدفونة هناك:
“أشهر قَبْر هنا هو قَبْر القرصان الذي كان اسمه جرجيس كنتوجوريس ووِفْقًا للأسطورة هو كان يسرِق من الأَغْنياء ويُعطي للفقراء، ويشبه بهذا شخصية روبن هود. ولد في كيفالونيا ومات في سولينا في الثالثة والثلاثين من عمره، في الخامس وعشرين من مارس وقد شُيِّدت المقبرةُ من قبل أخيه، غريغوري وهذه هي المقبرة الوحيدة في أوروبا التي تَحوي رُفاةَ قُرصان. وكان يخدَع السفن بخُدْعة بسيطة حيث كان يُشيرُ بمصباحٍ من على الشاطئ، مُلَمِّحًا لها بأنّ هناك ماءا بما فيه الكفاية للعبور، والسفن تعتقد أن هذه علامةٌ رسميّةٌ من الميناء وتأتي بكامل سرعتها، فتَنغَرِسُ في رمل الشاطئ، وبعدها يَنْهَب القرصان هذه السفن التي تعلِق على الشاطئ بدون معارك كبيرة، وقد جعله هذا شديدَ الثَراءِ، حيث يُرى هذا بِوُضوحٍ من شكل مَقْبَرَتِه.”
في العام 1871، وهو العام الذي مات فيه القرصان، تمّ إنشاء المنارة التي كانت تُرشِد السفنَ إلى الميناء، وتُعْرَف حاليًا باسم المنارة القديمة، وتوجَد في وسط المدينة بعيدًا عن الشاطئ. وفي كل عام تزداد مِساحة اليابسة بسبب الرواسب التي يُحضرها ماء الدانوب فظهرت هناك منطقة يابسة بين فَرْعَي سولينا وكيليا، والتي أصبحت مكانًا للجوء العصافير، حيث تمثّل منطقةً محميةً يمكنكم رؤيتُها من على متن القارب في رحلات على سولينا.