أهم المناجم الملحية في رومانيا
.تعد رومانيا واحدة من أكبر منتجي و مصدري الملح في العالم, الذي يُعتبر استخراجه من أقدم المهن في تاريخ البشرية
Daniel Onea, 17.11.2016, 17:40
أصبحت المناطق الملحية منتجعات تشكل مقصدا سياحيا منتشرا و مرغوبا من قبل الكثير من السياح، لخواص هوائها الملحي الذي يمنح الصحة و العافية. معظم هذه المنتجعات تقدم للسياح عروضا مغرية جداً، إلى جانب أنها أماكن للعلاج لعدد كبير من الأمراض.المنتجعات الملحية، مناطق جميلة تشد السياح إليها أكثر و أكثر في السنوات الأخيرة، إذ يعتبر الملح مصدرا هاما و أساسيا للصحة والعافية للإنسان، حيث إن للهواء الملحي خواصا علاجيةً عديدة. كل هذا أدى إلى ظهور العلاج الملحي و العلاج المناخي التي تتم تحت الأرض، في المغارات و في مناجم الملح، التي سنزور اليوم أشهرها في رومانيا.
نبدأ الرحلة من محافظة باكاو، حيث سنزور ترغو أوكنا، هذه المدينة المنتجع، القابعة في قلب مولدوفا الجميلة، في واد خلاب اسمه تروتوش، النشاط الرئيسي للمنجم فيها هو تصنيع و الاتجار بالمنتجات الملحية، إلى جانب تقديم الخدمات السياحية للراغبين في الإقامة والاستراحة في المنطقة التي يتم استخراج الملح منها منذ أكثر من خمس مئة عام، أما استخراجه بالطريقة التي تتم الآن فبدأت في العام 1967. إلييه يون مدير المنطقة الملحية ترغو أوكنا يقول: بداية الخدمات السياحية كانت في العام 1974 عندما تم تجهيز أول قاعدة سياحية للمنجم الملحي، فيما بعد في العام 1992، تم بناء أول كنيسة أورثوذوكسية على عمق يعادل الطابق التاسع، لكن تحت الأرض، في منجم ملحي في أوربا كلها، حملت اسم القديسة فارفارا، حامية عمال المناجم. ومنذ الحادي عشر من يوليو تموز 2005 أصبح الطابق التاسع تحت الأرض أهم جزء في المنجم، على عمق قدره مئتين و أربعين مترا، داخل الصخور الملحية. يستطيع الزوار الوصول إلى هذه القاعدة السياحية الترفيهية بالسيارات و الحافلات، التي تعمل دون انقطاع على نقل الزوار من جميع أنحاء العالم، طول الطريق المنحدرة الحلزونية المؤدية إلى قلب المنجم الملحي يصل إلى ثلاثة آلاف و مئة متر، أما فارق الارتفاع بين نقطة الدخول و سطح الطابق التاسع فيصل إلى مئة و ستة و ثلاثين مترا.نوفر للسياح شروطا ملائمة للاسترخاء، و للحركة أيضا في الملاعب المصغرة لكرة القدم و كرة السلة و كرة المضرب، كل هذا إلى جانب العلاج لأمراض الجهاز التنفسي (مثل أمراض الربو و التهاب القصبات و الأمراض التحسسية).
أما للأطفال فأعددنا مساحات للعب فيها جميع أنواع الألعاب، من المراجيح إلى المزالق و الكراسي الهزازة التي يحبونها، كما قمنا بإعداد مجموعة من الألعاب الميكانيكية أو البليارد، و جهزنا مساحات لألواح التزلج على الجليد و التزلج على عجلات. في القاعدة السياحية بإمكاننا زيارة و مشاهدة معروضات متحف الملح، يتابع إلييه يون حديثه: نستطيع زيارة متحفٍ مثير و فريد هو متحف الملح، الذي يعرض أشياء قديمة تُذَكِر بالماضي العريق للمكان، تَعرِضُ بدايات تشكيل الرواسب الملحية في ترغو أوكنا، التي تعود إلى العام 1380. توجد أيضا عيادة طبية، و بحيرة مياهها مالحة، نصبت عليها نوافير اصطناعية رائعة الجمال، و محل تجاري يبيع الهدايا التذكارية، ومقهى صغيرا يستطيع الزائر فيه تناول كوب من الشاي أو من القهوة، كل على عمق يصل إلى 240 م، في قلب الجبل الملحي. على مدى السنين، زار المكان أعداد كبيرة من السياح من جميع أنحاء العالم، ثم غادروه بانطباع لا يوصف و شعور بالسعادة و الراحة معا. تحدثت إلى مجموعة من الزوار جاؤوا من اليابان، عن طريق مترجم جعل حديثنا عن المكان و الانطباعات ممكنا، لكنه لم يستطع التعبير عن كل ما أراد هؤلاء قولَهُ، لكن وجوههم عبرت عن كل ما في قلوبهم، ونظراتهم كانت كافية لتقول كل شيء.
نتجه نحو الشمال لنزور محافظة سوتشيافا، بالتحديد مدينة كاتشيكا، التي تم ذكرها وثائقيا للمرة الأولى في القرن الثامن عشر.المنجم بأكمله من الملح، وهو من صنع يدوي، على يد أخصائيين بولونيين و أوكرانيين، يقول العلماء إن في المنجم كمية ً من الملح تكفي رومانيا لخمس مئة عام قادمة. نذكر أن استخراج الملح من كاتشيكا بدأ في العام 1791. إيوانا كرويتورو، دليل سياحي في كاتشيكا، تقول، لنستمع إليها: كلمة كاتشيكا، تعني بالبولونية بطة، وتعود التسمية إلى أن المنطقة كانت مستنقعا كبيرا، تعيش فيه أعداد كبيرة من البط البري. على عمق ثمانية و ثلاثين مترا، توجد بحيرة اصطناعية، ما يزال يُرى فيها القارب الذي كان عمال المنجم يستعملونه في التنزه مع أطفالهم والترفيه عن أنفسهم بعد الانتهاء من أعمالهم الشاقة ِ في المنجم. كما توجد على عمق واحد وأربعين مترا، صالةُ احتفالاتٍ، استُعملت في إقامة الحفلات والسهرات الخاصة والعامة للعمال, ومن أجل قضاء أجمل الأوقات فيها. أما على عمق سبعين مترا فيوجد مخزن كان مخصصا لتحزين الجبن، حيث تصل الحرارةُ فيه إلى عشر درجات مئوية، وهي الحرارة الأفضل من أجل الاحتفاظ بالجبن في أفضل الشروط. في مكان المخزن الآن، تم تجهيز ملعب رياضي، من أجل السياح الذين يحضرون للعلاج هنا من مرض الربو و من أمراض تنفسية أخرى، إلى جانب أماكن للعب و تسلية الأطفال أيضا .
آخر مناطق زيارتنا اليوم هي ترانسلفانيا، ونذكر هنا برايد التي تم توثيقها تاريخيا منذ العام 1564، سالينا برايد أو المنطقة الملحية برايد تقع في محافظة هارغيتا التي تُعتبر واحدةً من أكثر المحافظات الرومانيا امتدادا، منجمُ برايد الملحي الذي ارتفع عدد زواره هذا العام بأكثر من خمسة و ثلاثين ألف زائر، مقابل الفترة نفسها من العام الماضي. في المتوسط يهبط إلى المنجم تحت الأرض كل يوم ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف شخص. المشهد رائع، لا يوصف بسهولة، سيبرودي زولتان، مدير المنجم يقول: يتم الدخول إلى المكان بالحافلات، على طريق تحت الأرض طولها ألف و مئتي مترا، تنزل على منحدر مئةَ متر تحت الأرض، يسير بعدها السياح على درجات يصل عددها إلى مئتين و أربعين درجة ليصلوا إلى حجرات. يحضر إلى المنجم سياح أجانب كُثُر، أكثر من ثمانين % منهم جاؤوا من هنغاريا، أم الباقون فمن الدول الأوربية الأخرى، و من آسيا و أمريكا، ترى على وجوههم الدهشة و السعادة معا مما يرون. كما أريد أن أوجه إلى جميع مستمعيكم رسالة فحواها: أنتم على الرحب والسعة في منطقتنا، ونحن بانتظاركم لتتمتعوا وتندهشوا بما ترون في برايد و منجمها.