في الشيخوخة النشطة والصحية
قالت آنا أسلان إحدى أبرز شخصيات الطب العالمي ورائدة الأبحاث حول طول العمر وعلم الشيخوخة أن مفهوم الشباب يرتبط بالرفاهية النفسية
Diana Baetelu, 14.10.2024, 15:30
قالت آنا أسلان إحدى أبرز شخصيات الطب العالمي ورائدة الأبحاث حول طول العمر وعلم الشيخوخة أن مفهوم الشباب يرتبط بالرفاهية النفسية وما يصاحبها من مواقف وسلوكيات مثل التفاؤل والحرص على تحديد أهداف والسعي إلى تحقيقها . فالدكتورة آنا أسلان التي ذاع صيتها لإنجازاتها المتميزة في مجال طب مكافحة الشيخوخة ومن بينها عقار جيروفيتا الشهير الذي أحدث ثورة في طب مكافحة الشيخوخة على المستوى العالمي كانت تتحدث دائما عن أهمية نمط الحياة الصحي مع التقدم في السن والتركيز على الوقاية والعلاجات المبتكرة.
وفي خمسينيات القرن الماضي قامت آنا آسلان بتأسيس المعهد الوطني لطب الشيخوخة الذي كان الأول من نوعه في العالم وسرعان ما حقق الامتياز. وركزت أبحاث آنا أسلان على الوقاية ونمط الحياة الصحي والعلاجات المضادة للشيخوخة وهي مفاهيم لا تزال صالحة رغم مرور الزمن في حين أن إرثها لا يزال يلهم أطباء الأجيال الجديدة لمواصلة العمل على إيجاد سبل الحفاظ على الصحة والحيوية مع التقدم في السن.
من بين هؤلاء الباحثين الدكتورة لويزا سبيرو رئيسة مؤسسة آنا أسلان الدولية والعضو في فريق خبراء منظمة الصحة العالمية العاملين على إعادة تعريف مفهوم الشيخوخة النشطة. بحسب المعايير الدولية تبدأ الشيخوخة بعد سن الخامسة والستين ولكن الواقع مختلف تماما حيث تقول الدكتورة لويزا سبيرو أن الشيخوخة قد تحل بشكل أسرع متسببة في تقدم العمر البيولجي على العمر الزمني. وفي هذا السياق ذكرت الدكتورة سبيرو أن العالم بات يواجه ما يسمى بوباء شيخوخة الدماغ المبكرة وذلك بسبب الضغط المزمن والقلق والاكتئاب. هذا بالإضافة إلى عدم ممارسة التمارين الدماغية والذهنية وعدم مكافحة المشاعر السلبية كالحقد والأنانية التي تؤدي إلى الإصابة بأمراضي عصبية تنكسية.
وحذرت الدكتورة من تزايد عدد الشباب الذين يشيخون مبكرا: ”لقد قمنا بإعادة تعريف مفهوم الشيخوخة والصحة من أجل التركيز على الفرد وإيجاد الحلول المشخصنة لمكافحة الشيخوخة . لماذا؟ ولأن الفرد لا يعيش بمعزل عن العالم من حوله بل يعيش في نظام بيئي محاطا بعوامل ضغط عديدة لذلك فكما يعيش يشيخ . أود التوضيح أن التعامل الفردي والمشخصن والشامل مع الشيخوخة والمركز على إيجاد الحلول الفردية المشخصنة يسيصبح المفهوم الجديد لمنظمة الصحة العالمية بغية تطبيقه في جميع أنحاء العالم .
إنه يمثل فرصة لرومانيا للاستفادة من الأساليب الحديثة للوقاية من الأمراض المزمنة لا سيما وأن الأمور ليست على ما يرام من هذه الناحية. فهناك خطوات كثيرة يجب على رومانيا القيام بها ليس فيما يتعلق بالسياسات الدولية ذات الصلة فحسب بل أيضا فيما يتعلق بتدريب الفرق الطبية واتخاذ التدابير اللازمة للترويج للشيخوخة النشطة والصحية فضلا عن تثقيف المواطنين حول نمط الحياة الصحي والوقاية .”
التثفيف يلعب دورا أساسيا في مجتمع يتعرض لعوامل ضغط عديدة. وتقول الدكتورة لويزا سبيرو إنه تتوفر الآن اختبارات دم قادرة على تقييم مختلف علامات الشيخوخة البيولوجية وتحديد وتيرة شيخوخة الفرد فضلا عن مدى تعرضه لخطر الإصابة بمرض مزمن . أما العوامل التي تساهم بشكل كبير في إطالة العمر فقالت الدكتورة سبيرو : “الأمر يتعلق بنمط الحياة الذي نتبعه . فعلى المستوى الفردي هذا يعني الاهتمام بالذات وحب الذات.البعض يساوي بين حب الذات وبين الأنانية .. نعم – يمكنك أن تكون أنانيا بالمعنى الإيجابي للكلمة أي أن تنتبه لنفسك وألا تننظر اللحظة الأخيرة لكي تذهب إلى الطبيب . صحيح أن الأمور تختلف من فرد إلى آخر لكنني سأقول دائما أن كلا منا عبارة عن نمط حياته اليومية .
أتمنى أن أرى رومانيا على خريطة “المناطق الزرقاء” في العالم. ففي عام 2021 صورت فيلما مع قناة دي جي وورلد التلفيزيونية وبتلك المناسبة زرت بعض المناطق الزرقاء في رومانيا حيث التقيت بمسنين زادت أعمارهم عن تسعة وتسعين عاما كانت سيرة كل منهم استثنائية لدرجة أنه يصعب فهمها على الأجيال الحالية. فأولائك المسنون قالتوا في الحرب العالمية الثانية وعانوا الحرمان المادي مرارا وتكرارا لكنهم لم يستلسموا ولهم حياة اجتماعية نشطة رغم تقدمهم في السن ويمارسون التمارين الدماغية والذهنية دون أن يعلموا حتى بعد بلوغ مائة عام من العمر ويأكلون الأطعمة الصحية ويحبون الحياة كما هي ويستمتعون بكل ما يفعلون . يشعرون بالسعادة لمجرد أنهم يستيقظون من النوم في الصباح ويستطيعون المشي والذهاب إلى الكنيسة أيام الآحاد . طوال أعمارهم أخذوا على عاتقهم مسوؤليات والتزموا بها تماما وبدون تردد . فالمسؤولية هي إحدى الصفات المميزة للذين يتاح لهم أن يشيخوا بشكل نشط وصحي.”