سبيس إكس ومستقبل البشرية في الفضاء
شهد استكشاف الفضاء ثورة حقيقية على مدى العقود الماضية
Diana Baetelu, 18.12.2023, 14:59
شهد استكشاف الفضاء ثورة حقيقية على مدى العقود الماضية مع تحقيق المزيد من المكتسبات وهو مجال برزت فيه على وجه خاص شركة سبيس إكس الأمريكية الخاصة لصناعة الطيران وخدمات النقل الفضائي إلى جانب برنامج أرتيمس الذي تقوم وكالة الفضاء الأمريكية ناسا بتطويره . كلاهما يطمح للوصول إلى القمر والمريخ وكلاهما يفتح أفقا جديدا أمام استكشاف الفضاء تمهيدا لاستيطانه في المستقبل. فشركة سبيس إكس التي أسسها إيلون ماسك في عام 2002 أصبحت لاعبا رئيسيا في عمليات الإطلاق الفضائية إثر نجاحها في زيادة فعالية تلك العمليات وتخفيض تكاليفها عبر إنشاء تظم إطلاق قابلة لإعادة الاستخدام. فإنشاء مثل هذه النظم بدأ في عام 2005 ولكن إنتاج محركات الميثان والأكسجين المعورفة برابتر يعود إلى عام 2012 وأعلنت الشركة عن خطتها لإنشاء مركبة إطلاق ثقيلة للمرة الأولى في عام 2016. فالمركة والتي إطلق عليها ستار شيب يبلغ ارتفاعها مائة وتسعة عشر مترا وتزن خمسة آلاف طن وهي أطول وأقوى مركبة إطلاق فائقة الثقل وأول مركبة يمكن إعادة استخدامها بالكامل. وتتكون المركبة من طبقتين تسميان أيضا مرحلتين : الطبقة الأولىهي فائقة الثقل وتقوم بإطلاق المركبة إلى الفضاء أما الطبقة الثانية ما الطبقة الثانية فتعمل كمركبة فضائية مستقلة لنقل الطاقم أو البضائع. أول اختبار لطيران مركبة ستارشيب على المدار أجري في العشرين من إبريل نيسان عام 2023 لكن المركبة دمرت بعد أن خرجت عن نطاق السيطرة قبل انفصال الطبقتين . وقد أجري اختبار ثان في الثمان عشر من نوفمبر تشرين الثاني ولكن رغم أن الطبقتين انفصلتا بنجاح إلا أن الطبقة الأولى فائقة الثقل انفجرت بعد ثوان من الانفصال . وبعد نحو ثمان دقائق على الإطلاق تمكنت المركبة من بلوغ ارتفاع مائة وثمانية وأربعين كيلومترا قبل أن تنفجر هي الأخرى ..
الباحث كلاوديو تانسيليا شرح المزيد في مقابلة مع إذاعة رومانيا : “شاهدنا اختبارا ناجحا وعملية إطلاق فاشلة . لماذا فشلت ؟ لأن سرعة الطيران لم تقترب من السرعة المدارية ولأن المركبة لم تدر حول الأرض قبل أن تهبط قبال سواحل جزر هاواي كما كان مقررا . لذا فمن هذه الناحية يمكننا القول إن العملية فشلت . ولكن هذا ليس بالضرورة أمرا سيئا من وجهة نظر شركة سبيس إكس فالاختبار كان ناجحا لأن مدة الطيران كانت أطول من مدة اتلطيران في الاختبار السابق و تمكنت المركبة أثناءها من اختبار بعض مراحل الرحلة . على سبيل المثال انفصال الطبقة الأولى أثناء تشغيل المرحكات حيث تبين أن جميع محركات الطبقة الأولى وعددها ثلاثة وثلاثون محركا عملت لمدة ثمان دقائق تقريبا . وهذا دليل على تحسين جودة محركات رابتر مقارنة بالاختبار السابق الذي أجري في أبريل نيسان الماضي . إنه حقا لأمر عظيم أن تعمل كل تلك المحركات لمدة ثماني دقائق . صحيح أن الطبقة الأولى انفجرت بعد الانفصال والطبقة الثانية انفجرت أيضا لذا فلا تزال هناك تساؤلات عديدة لكنها ليست على نفس الدرجة من السلبية كتلك التي ثارت بعد الاختبار السابق في أبريل الماضي والذي انتهى إلى تحطيم منصة الإطلاق وتعطل عدد من المحركات على الأرجح بسبب موجات الصدمة التي تكونت أثناء الإطلاق وعدم وجود نظام طوفان الماء الذي يحمي المركبة من الحرارة الشديدة وهو نظام أضيف لاحقا على المركبة . خلاصة القول إن الأمور تحسنت . ولهذا السبب يمكن القول إن الاختبار كان ناجحا حتى لوفشلت عملية الإطلاق”.
ولفت كلاوديو تانسيليا الانتباه أيضا إلى أن المركبة وصلت إلى الفضاء واجتازت ارتفاع مائة كيلومتر وإن لم تصل إلى المدار لكنها قطعت مسافة أطول مما سجل في اختبارات صاروخ أن واحد سوفيتي الصنع في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي عندما كان السوفييت يحاولون اللحاق بالأمريكيين في سباق الوصول إلى القمر. وهذا يعني أننا قد نشهد قريبا عملية إطلاق مدارية بحسب كلاوديو تانسيليا : ” المشكلة التي تقلقني بعض الشيء هي وتيرة تحقيق الأهداف المتعلقة ببرنامج أرتيمس من قبل شركة سبيس إكس . وذلك رغم أن الوتيرة عالية والعمل مكثف والموارد البشرية المالية المخصصة للمشروع استثنائية . فالسؤال هو متى سنصل إلى القمر وهل سنصل متأخرا أم مبكرا ونحن نعلم أن برنامج أرتميس يعتمد على مركبة ستارشيب التي لم تصل إلى المدار بعد رغم الجهود التي تبذلها شركة سبيس إكس . فمركبة ستار شيب يجب أن تصل إلى المدار عدة مرات لكي تقوم بتزويد سفينة الفضاء بالوقود من أجل إرسالها إلى مدار القمر ومنه إلى القمر حيث سيجري إنزال الرواد وهو ما تريد الناسا أن يتحقق بحلول عام 2025 أي في غضون أقل من عامين. لا أعرف كيف ستتمكن شركة سبيس إكس من تعويض التأخر في تنفيذ كل تلك المراحل خلال عامين فقط لكي تساهم فيما بعد في تنفيذ عملية الهبوط على سطح القمر المقررة لبرنامج أرتيمس ثلاثة . على الأرجح سنشهد تأجيلا للهبوط إلى عام 2030 حسب تقديري وذلك بالنظر إلى وتيرة إنشاء مركبة ستارشيب وصنع أزياء رواد الفضاء من قبل شركات خاصة أخرى وما إلى ذلك.”
يعتقد كلاوديو تانسيليا أن الهبوط على سطح القمر سيجري في بحلول عام 2030 لكن يبقى أن نرى من هو أول من سيقوم به في نهاية المطاف علما أن الصين تستعد أيضا لإنزال رواد فضاء على سطح القمر في نفس التوقيت. فالخطة النهائية هي الذهاب إلى القمر والبقاء هناك وليس فقط الذهاب وزرع العلم وثم العودة إلى الأرض وإنما الذهاب إلى القمر وإنشاء قواعد واستخدام المواد الخام الموجودة هناك لصنع الطابعات ثلاثية الأبعاد التي ستساعدنا على إنشاء المآوي والقواعد .. ربما سنتعود على العيش في المغارات القمرية وسنتعلم كيف نحمي أنفسنا من الإشعاع الكوني . أخيرا سننطلق من القمر إلى المريخ حسب قول الباحث كلاوديو تاناسيليا بيد أن ذلك لن يحدث قبل عام 2040-2050 على حد قوله ِ .