جمهورية مودلوفا أكثر قربا من الاتحاد الأوروبي
صوت مواطنو جمهورية مولدوفا لصالح تعديل الدستور بحيث يتضمن إشارة واضحة إلى انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروب وذلك في الاستفتاء الذي أجري في العشرين من أكتوبر تشرين الأول الماضي
Diana Baetelu, 02.11.2024, 14:19
صوت مواطنو جمهورية مولدوفا لصالح تعديل الدستور بحيث يتضمن إشارة واضحة إلى انضمام البلاد إلى الاتحاد الأوروب وذلك في الاستفتاء الذي أجري في العشرين من أكتوبر تشرين الأول الماضي كما أرسلوا إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية كلا من الرئيسة الحالية الموالية للغرب مايا ساندو وألكسندر ستويانوغلو المدعوم من حزب الاشتراكيين الموالي لروسيا على أن تجري جولة الإعادة في الثالث من نوفمبر تشرين الثاني . في المناظرة الوحيدة بين المرشحين اللذين سيخوضان الجولة الثانية من السباق الرئاسي شبهت مايا ساندو منافسها ب”حصان طروادة” الذي يستخدمه من يريدون أن يحكموا البلاد خلف الكواليس وسمته أكثر من مرة ب”رجل موسكو”.
ويذكر أن الرئيسة مايا ساندو أقالت ستويانوغلو من منصب المدعي العام لجمهورية مولدوفا متهمة إياه بإغلاق قضايا فساد كبرى تورط فيها سياسيان مواليان لروسيا هما إيغور دودون وإيلان شور بالإضافة إلى الأوليغارشي فياتشيلاف بلاتون . وكان ستويانوغلو قد عارض إجراء الاستفتاء على انضمام جمهورية مولدوفا إلى الاتحاد الأروبي ومع ذلك قال في المناظرة آنفة الذكر إنه يؤيد التكامل الأوروبي بقوة غير أنه لم يشارك في الاستفتاء كما تحدث عن إرادته لتعزيز العلاقات الودية مع رومانيا وأوكرانيا وأيضا العلاقات الجيدة مع روسيا والصين اللتين وصفهما بـ “الشركاء في التنمية” إلى جانب الاتحاد الأوروبي.
نددت جمهورية مولدوفا مرارا وتكرارا طوال الحملة الانتخابية بالتدخل الروسي في العملية الانتخابية فيما رفضت موسكو تلك الاتهامات . لكن مايا ساندو أشارت إلى ما سمتها ب “أدلة واضحة على محاولات جماعات إجرامية مدعومة من قوى أجنبية معادية للمصالح الوطنية ” لشراء ثلاثمائة ألف صوت أي ما يمثل عشرين بالمائة من إجمالي أصوات مليون ونصف المليون من الناخبين .
نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية تظهر أن مايا ساندو حصلت على نحو ثلاثة وأربعين بالمائة من الأصوات فيما أحزر ألكسندر ستويانوغلو نسبة ستة وعشرين بالمائة . أما الاستفتاء على تعديل الدستور الذي أجري بالتزامن مع الجولة الأولى فقد صوت أكثر من سبعمائة وخمسين ألف مواطن لصالح تعديل الدستور من أجل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي مما جلب الفوز لمعسكر المؤيدين ولكن بفارق اثني عشر ألف صوت فقط عما حصل عليه معسكر الرافضين للانضمام . وقد رجحت أصوات المغتربين المولدفويين كفة معسكر المؤيدين .
المحلل السياسي المولدوفي أناتول تسارانو يعتقد أن تمرير الاستفتاء بفارق ضئيل ليس في صالح مايا ساندو في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية ويفقدها ميزة سياسية هامة كانت ستحققها لو أن أغلبية ساحقة من الناخبين صوتوا لصالح التكامل الأوروبي:” النتائج المتقاربة للغاية للاستفتاء تثير القلق بشأن مدى انفتاح المجتمع المولدوفي على الخيار الأوروبي وتخلق مشاكل خطيرة للغاية للمبادرين بهذا الاستفتاء كونهم ظنوا أن مايا ساندو ستخوض الجولة الثانية ومعها رصيد سياسي متين متمثلا في نجاح الاستفتاء. ولكن هذا النجاح ليس واضحا بما فيه كفاية ولذلك يوفر لمعارضي مايا ساندو ذرائع لانتقادها”.
أما الأستاذ الجامعي إيوان بوغدان ليفتر فيرى أن ما يجري حاليا هو إعادة ترتيب الأمور في ضوء التقدم الذي حققته الرئيسة مايا ساندو على منافسيها في الجولة الأولى وهو تقدم قد يمثل من الناحية النفسية نوعا من المكافأة الانتخابية بحسب علماء الاجتماع : “النجاح الذي حققته مايا ساندو ولو بفارق ضئيل فضلا عن تمرير الاستفتاء على انضمام جمهورية مولدوفا إلى الاتحاد الأوروبي ولو بنقاط مئوية قليلة فوق خمسين بالمائة سوف يولدان رد فعل مماثلا أمام صناديق الاقتراع. فإذا أخذنا في الاعتبار الحسابات الانتخابية الصرفة ونتائج الجولة الأولى وأيضا العوامل النفسية فأعتقد أن نتائج الجولة الثانية قابلة للتنبؤ بسهولة أما أن تخسر السيدة ساندو الانتخابات الرئاسية فهذا سيفجر مفاجأة من العيار الثقيل ولا أعتقد أننا سنشهد مثل هذه المفاجأة”.
ما هو الهدف الجيوسياسي للانتخابات الرئاسية والاستفتاء في جمهورية مولدوفا؟ إنه القضاء على النفوذ الروسي الخبيث بحسب المحلل السياسي والعسكري رادو تودور: “من المؤسف أن على أراضي جمهورية مولدوفا وتحديدا في منطقة ترانسنيستريا هناك قوات احتلال روسية. فمنطقة ترانسنيستريا تنسقها وتمولها وتجهزها عسكريا روسيا وجمهورية مولدوفا تواجه هذا التهديد وهذه المضايقة منذ أكثر من أربعة وثلاثين عاما . دعونا لا ننسى أنه في عام 1992 لقي ثلاثمائة من الرومانيين مصرعهم على أيدي الروس لأنهم أيدوا اللغة الرومانية وطالبوا بالتدريس باللغة الرومانية في المدارس التي يدرس فيها أطفالهم ولهذا السبب قتلوا. فهذا التهديد الروسي الذي نراه في ترانسنيستريا وأيضا في الغزو الهمجي لأوكرانيا يجب ردعه على هذا النحو .
مهما صغرت مساحة الدولة ومهما بدت مايا ساندو وهنة سيكون كل شيء ممكنا إذا كانت هناك شجاعة وتصميم ودعم من قبل الغرب . فالهدف هو أن يكون هذا الشعب حرا وألا يكون غرضة للغزوات الروسية المتكررة كما حصل عبر التاريخ وأن يكون هناك على حدود رومانيا الغربية نفس النموذج الموجود على حدودها الشرقية. أي أن يستتب السلام والديمقراطية والاستقرار حول حدود رومانيا وألا يكون هناك طول الوقت سيف مسلط على رؤوسنا ووجود عسكري روسي عدواني على أبواب رومانيا وحلف الأطلسي”.
وأضاف المحلل رادو تيودور يقول إنه ” بدعمنا جمهورية مولدوفا ندعم أنفسنا لنبعد عن حدودنا المزعزع الأكبر للاستقرار والأمن في أوروبا ألا وهو روسيا.”