تحذيرات لخبراء التغيرات المناخية
أعلن العلماء الذين اجتمعوا في مؤتمر لمنظمة الأمم المتحدة حول قضايا المناخ في بون مؤخراً، والذي ضم أكثر من تسعة عشر ألف مشارك، بأن من المنتظر أن ترتفع معدلات الانبعاثات العالمية لغاز ثاني أكسيد الكربون، في عام 2017 للمرة الأولى خلال السنوات الأربع الماضية
Corina Cristea, 18.12.2017, 20:48
السبب الرئيسي لهذه الزيادة، التي تقدر بحوالي نسبتين مئويتيْن – يعود إلى زيادة استخدام الفحم في الصين، وكذلك، في الولايات المتحدة أيضاً (حيث ازداد استهلاك الفحم للمرة الأولى منذ خمس سنوات، بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي)، كما أن أداء الاتحاد الأوروبي، كان أقل في 2017، مقارنة بالسنوات السابقة. ومن ناحية أخرى، كان للجفاف المسجل، دوراً هاماً، حيث أسفر عن انخفاض مستوى الأنهار، وبالتالي ضمنياً، تراجع إنتاج الطاقة الكهرومائية – يقول الخبراء في هذا المجال. وتأتي هذه الزيادة، بعد ثلاث سنوات من مستوى ثابت للانبعاثات العالمية، مسبوقة بعقد من الزمن كانت فيه انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، حتى عام 2014، ترتفع بنسبة ثلاث نسب مئوية سنوياً. مرتبط ارتباطاً وثيقاً بانبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، ارتفاع درجات الحرارة، ترك أيضاً بصماته.
ووفقا لتقرير صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، في افتتاح مؤتمر في بون، فمن المنتظر أن يكون عام 2017 من بين أشد الأعوام حرارة في تاريخ القياسات العلمية الدولية. إحصاءات الطقس تظهر أن السنوات العشر الأخيرة، كانت الأعلى حرارة في تاريخ القياسات العلمية الدولية، أما عدد الكوارث الطبيعية، فقد ازداد بخمسة أضعاف مقارنة بأكثر من 40 عاماً مضت. الأخبار السلبية تضع ضغطاً على المجتمع الدولي، المضطر إلى العمل معاً للحد من الانبعاثات في محاولة للتخفيف من آثار تغير المناخ.
–
مدعو للتحدث إلى الإذاعة الرومانية العامة (راديو رومانيا)، أشار الأستاذ الجامعي/ ميرتشيا دوتسو، رئيس الجامعة البيئية في بوخارست، إلى بعض الملاحظات حول ما يجب أن نفهم من تغيرات المُناخ:
إنها قد تمثل تغييرات مناخية، تعزى بشكل مباشر أو غير مباشر، إلى النشاط البشري الذي يُغير أو يتلف تكوين الغلاف الجوي على المستوى العالمي، تُضاف إلى ذلك التقلبات المناخية الطبيعية المرصودة على مدى فترات مماثلة. كما يوجد أيضاً تقلب طبيعي، وهو ما يعني أن التغيرات المناخية المتولدة عبر التطور الطبيعي، إنما هي عادية… فعلى سبيل المثال: النشاط الشمسي، والنشاط القطبي، وهلم جراً… ولكن عندما نتحدث عن تغير المناخ، نأخذ في الإعتبار هذه التغييرات الناجمة عن النشاط البشري. ماذا يعني ذلك؟ نتيجة انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مثل: ثاني أكسيد الكربون، والميثان، وبخار الماء، وغيرها. أما الاحتباس الحراري، فيُعد ظاهرة طبيعية، قد يصبح، في غيابه، متوسط درجة حرارة سطح الأرض -18 درجة مئوية – مما يجعل الحياة على الأرض مستحيلة، ولكن آثاره تُضخم نتيجة لهذا التلوث. وتنتج هذه التغيرات المناخية.
الرأي الذي اتفق عليه بالإجماع، وبصوت موحد، مفاده أن خطة عمل مشتركة في محاولة للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، أمر ضروري، لا محالة منه. ولكن هل يمكن التوصل بسهولة إلى مثل هذه الخطة؟ تجيبنا رئيسة قسم علم المناخ في إطار الهيئة الوطنية للأرصاد الجوية، الدكتورة/ روكسانا بوجاريو:
أود أن أقول أن ذلك ليس من السهل، ولكن مع ذلك، لا تزال توجد سبل، كما أنه أمرٌ حتميٌ، عمليا للحد من الانبعاثات. ونتحدث هنا عن كسب الوقت، لأننا قد أحدثنا مسبقاً تغيرات في النظام المناخي، ونعيش فعلياً هذه التغيرات – عام 2017 سيكون أحج أشد الأعوام حرارة، من المحتمل أن يكون في المركز الثالث، ولدينا أرقام قياسية تلو أرقام قياسية أخرى، ليست فقط فيما يخص ارتفاع الحرارة التدريجي على مستوى العالم، ولكن لدينا أيضاً إحصاءات لظواهر متطرفة. إن هذه الاتفاقيات على المستوى العالمي للحد من الانبعاثات تساعدنا على كسب الوقت، أي أن نتمكن من التكيف بوتيرة تسمح لنا بإبقاء الأمور تحت السيطرة. لأن، خلاف ذلك، إذا كان التغير سيأتي أسرع، مع انبعاثات تتجاوز ما خططنا، فلن نتمكن من مواكبة هذا التغيير، الذي هو على أي حال، سريعٌ جداً، إذا ما قورن بما حدث في الماضي الجيولوجي للأرض. عملياً، خلال مائتي عام ونيف، قد نصل إلى ارتفاع للحرارة ببضع درجات مئوية، بنفس القدر الذي كان أيضاً بين الحد الجليدي الأقصى الأخير والفترة الجليدية، أي مدة أكثر من عشرة آلاف سنة. إن هذا يدلُ على أننا خرجنا من المقياس الجيولوجي، ويجب أن نعود، بشكل ما، إلى مستوى انبعاثات أقل من ذلك بكثير.
الخبر السار هو أن مستوى الانبعاثات قد وصل إلى سقف معين، في السنوات الأخيرة، دون أن يتجاوزه، مما يدل على أن النمو الاقتصادي يمكن تحقيقه، حتى مع تقليص الانبعاثات. كما أن قضية تغير المناخ تأتي أيضا من منظور التأثير على صحة الناس. مرة أخرى، ميرتشيا دوتسو:
يظهر تقرير نشرته منظمة الصحة العالمية في 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2017 ، أن تغير المناخ له بالفعل تأثير ملموس على الصحة. حيث تسبب موجات الحرارة الإجهاد الحراري وتفاقم قصور القلب، مع زيادة خطر الفشل الكلوي المرتبط بالجفاف. وخلصت الوثيقة إلى الاستنتاج التالي: – إن الأعراض الناجمة عن ارتفاع متوسط درجات الحرارة والظواهر المناخية المتطرفة واضحة منذ عدة سنوات، وأثرها على الصحة أسوأ بكثير مما قد نظن.
مؤتمر بون هو أول اجتماع مناخي رئيسي، بعج إعلان الرئيس الأميريكي/ دونالد ترامب عن خططه بشأن سحب الولايات المتحدة من ميثاق باريس.