الهجرة – هل هي مشكلة في الاتحاد الأوروبي ؟
أقر البرلمان الأوروبي ميثاق الهجرة واللجوء الجديد على خلفية تزايد طلبات اللجوء وتنامي الهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي
Diana Baetelu, 13.05.2024, 16:20
أقر البرلمان الأوروبي ميثاق الهجوة واللجوء الجديد على خلفية تزايد طلبات اللجوء وتنامي الهجرة غير الشرعية إلى دول الاتحاد الأوروبي خاصة من شمال إفريقيا وقالت وكالة الاتحاد الأوروبي للجوء إن عدد طلبات اللجوء بلغ العام الماضي مليونا ومائة وأربعين ألفا وهو الأعلى على مدى السنوات الثماني الماضية فيما بلغ عدد حالات الدخول إلى بلدان الاتحاد الأوربي بشكل غير شرعي حوالي ثلاثمائة وثمانين ألفا. وقد أدى ارتفاع عدد المهاجرين من سنة إلى أخرى إلى تجاذبات وانقسامات داخل الاتحاد الأوروبي .ريموس بريكوبي رئيس المدرسة الوطنية للدراسات السياسية والإدارة قام في حديث لراديو رومانيا بتقييم الوضع الراهن مشيرإ لى ضرورة تصنيف المهاجرين وفق تسلسل هرمي معين مؤكدا ضرورة مساعدة اللاجئين الذين يعيشون في أوضاع صعبة .وتساءل عما إذا كانت هناك خيارات أخرى أمام الأوكرانيين السوريين على سبيل المثال ؟ الحقيقة أنه لا توجد هناك بدائل طالما استمرت الحرب والنزاعات في أوكرانيا وسوريا وطالما بقي الهروب الخيار الوحيد المتاح لهم ..لذا فمن المتسحيل أن نقول لهؤلاء : “لا نريد اتسقبالهم ولا نقبل باستقبالكم فارجعوا من حيث جئتم ” .هناك طبعا أوضاع مختلفة يتسغلها المهربون وهذا مبرر آخر لضرورة تصنيف اللاجئين والمهاجرين وفق تسلسل هرمي معين من شأنه تحديد الأولويات وفق الموارد المتوفرة لدى الاتحاد الاوروبي لاستقبالهم وهي في الواقع محدودة . كما تطرق الأستاذ بريكوبيه إلى سياسة الهجرة وتنامي الخطاب المتطرف :
”بسبب اختلاف الإجراءات والقواعد بين بلدان الاتحاد الأوروبي أصبحت تلك السياسة غير متسقة نسبيا . لكن قبل أن نقوم بتقييم كيفية إدارة تدفقات المهاجرين والقرارات التي اتخذت بشأن منحهم حق اللجوء من عدمه علينا أن ننظر إلى سياسات الهجرة واللجوء التي تنتهجها الحكومات لأن قضية الهجرة باتت في الواقع سببا من أسباب تصاعد الخطاب المنطرف في جميع البلدان الأوروبية . هذا ومن ناحية . أما من ناحية أخرى فإن إدارة تدفقات اللاجئين والمهاجرين باتت مسألة خطرة للغاية لأننا نتحدث عن ملايين الأشخاص على مستوى الاتحاد الأوروبي وليس عن عشرة آلاف أوعشرين ألفا . الهجرة ظاهرة قديمة قدم البشر وفي السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي كان عدد المهاجرين قليلا نسبيا قياسا على عدد سكان بلدان المقصد. أما اليوم ففي النمسا على سبيل المثال يبلغ عدد حاملي جواز السفر النمساوي أو بطاقة الهوية النمساوية من الأشحاص ذوي الأصول غير النمساوية عشرين بالمائة من إجمالي عدد السكان ويضاف إليهم المهاجرون الذين يعيشون في النمسا ولم يحصلوا على الجنسية النمساوية بعد .أما في ألمانيا فهناك أكثر من أربعة ملايين من الأتراك “.
ولفت الأستاذ ريموس بريكوبي الانتباه إلى مسألة أخرى هي أن الهجرة يمكن استخدامها كأداة جيوسياسية وبهذا الصدد أشار إلى تركيا التي كلما غضبت من الاتحاد الأوروبي فتحت صمام الهجرة.عودة إلى ميثاق الهجرة واللجوء الجديد وهو بمثابة لائحة وليس مجرد توجيه وبالتالي يجب تنفيذه في جميع دول الاتحاد الأوروبي . إنه أول تشريع من توعه يفرض تعاملا موحدا مع قضايا الهجرة واللجوء من قبل جميع البلدان الأعضاء. ما هي مستجدات هذه اللائحة ؟ إجراءات أبسط وأسرع لاختيار المؤهلين للحصول على حق اللجوء وفي الوقت نفسه إعادة غير المؤهلين إلى ديارهم خلال مدة تتراوح ما بين ثلاثة أيام وسبعة أيام . ومن بين المستجدات أيضا مسح جميع المهاجرين وإدراجهم في قاعدة بيانات مشتركة على المستوى الأوروبي وذلك من اجل لحد من دخول الأشخاص الذين قد يشكلون خطرا على أمن المجتمع. كما أن بصمات الأصابع وصو الوجوه لجميع الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن ستة أعوام ستسجل في قاعدة بيانات Eurodac الأوروبية. وفي الوقت نفسه ينص الميثاق الجديد على إلزامية الدول الأعضاء بالعمل وفق معايير موحدة في استقبال ومعاملة طالبي اللجوء من حيث ظروف المعيشة والتعليم والرعاية الطبية. سيتمكن طالبو اللجوء المقبولون من بدء العمل خلال مدة لا تتجاوز ستة أشهر بعد تقديم الطلب . وفي الوقت نفسه تنص الوثيقة على إنشاء آلية تضامن من أجل تحمل تكاليف الهجرة وتداعياتها بشكل مشترك بغض النظر عن كون دولة المقصد مطلة على البحر الأبيض المتوسط أو واقعة على طرق الهجرة البرية .هل هذه الإجراءت كفيلة بحل المشكلة ؟ الأستاذ بريكوبي مرة أخرى :
“لا يمكن التغلب على مشكلة الهجرة إلا إذا حاولت البلدان حل أسباب الهجرة في منشأها ولو جزئيا وذلك لإزالة الأسباب التي تدفع الناس لمغادرة بلدانهم وهذه الأسباب تكمن بشكل عام في الحروب كما في حالة سوريا وأوكرانيا وغيرهما من البلدان كما تكمن في الحكم الدكتاتوري والنتهاكات حقوق الإنسان والفقر. الهجرة ستتراجع إذا حاولنا مكافحة تلك الأسباب عبر سياسات أوروبية أو حتى عالمية على مستوى الأمم المتحدة . أما إذا قلنا: “لا نحن سنقيم جدارا أو سياجا فإن المهاجرين سيقفزون فوق الجدار لامحالة . ترامب أيضا قال إنه يريد إقامة جدار بطول أربعة آلاف كيلومتر ولم يفعل ولكن تم اعتقال ملويني شخص على الحدود الجنوبية للولايات المتحدة وفي العام الماضي وحده حيث حاول عشرون مليون شخص من المكسيك ودول أخرى في أمريكا الوسطى والجنوبية اختراق الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة. مما لا شك فيه أن الهجرة هي أهم قضية عالمية في الوقت الحالي باستثناء ظاهرة الاحتباس الحراري التي تتغلب من حيث الخطورة على جميع القضايا الأخرى .”
ميثاق الهجرة واللجوء الأوروبي الجديد سيدخل حيز التنفيذ في عام 2026 .