التضخم في بلدان الاتحاد الأوروبي
ارتفاع التضخم بشكل متسارع أثار مخاوف في البلدان الأوروبية خاصة بعد بلوغ معدلاته مستويات قياسية في النصف الثاني من عام 2022
Diana Baetelu, 06.11.2023, 14:59
ارتفاع التضخم بشكل متسارع متواصل لفترة طويلة أثار مخاوف في البلدان الأوروبية خاصة بعد بلوغ معدلاته مستويات قياسية في النصف الثاني من عام 2022 . ورغم تراجع التضخم في الفترة الأخيرة إلا أن توقعات الخبراء تتجاوز المستويات المحددة في البلدان المتقدمة .فتقرير آفاق الاقتصاد العالمي الذي نشرته منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أظهر أن ميزانيات غالبية الحكومات تواجه ضغطا كبيرا رغم استمرار مؤشر التضخم العام في التراجع في بلدان عديدة نتيجة انخفاض أسعار الطاقة والغذاء في النصف الأول من العام الحاري بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي تضم خمسا وثلاثين دولة تمثل أقوى اقتصادات العالم . أما مؤشر التضخم الأساسي الذي لا يأخذ بعين الاعتبار المكونات الأكثر عرضة للتقلبات مثل أسعار الغذاء والطاقة فقد سجل انخفاضا طفيفا ولكنه لا يزال أعلى مما حددته البنوك المركزية. تقول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن “أحد المخاطر الرئيسية الناجمة عن هذا الوضع يتمثل في استمرار البنوك المركزية في رفع أسعار الفائدة حيث بدت جلية للعيان أكثر من أي وقت مضى آثار تشديد السياسات النقدية متمثلة في انخفاض ثقة الشركات والمستهلكين بالبنوك وارتفاع أسعار الفائدة على القروض التجارية والعقارية في بلدان كثيرة في العالم . رومانيا لا تمثل استثناء بهذا الصدد حيث يقول المحلل الاقتصادي كونستنتين رودنيتسكي إنه بالإضافة إلى التضخم المستورد من الخارج عبر الواردات تعاني رومانيا أيضا من انعدام الانضباط في إدارة الميزانية العامة بدليل أن العجز في الميزانية ارتفع إلى مستويات عالية فيما تستمر الحكومة في اقتراض الأموال .
كيف يقيم البنك المركزي هذه الأوضاع ؟ المتحدث باسم المؤسسة دان سوتشو: “توقعات البنك لنهاية العام الجاري لا تختلف في خطوطها العريضة عما كانت عليه في مطلع العام بل يمكنني القول إنها متطابقة مع ما ورد من توقعات في التقرير الصادر في شهر آب أغسطس الماضي بمعنى أن التضخم سيستمر في الانخفاض نتيجة تباطؤ ارتفاع التضخم في العام الجاري وإن كان هذا المؤشر لا يزال مرتفعا. ولكن من الواضح أنه آخذ في التراجع لا سيما وأن أسعار السلع والبضائع أقل مما كانت عليه في العام الماضي. كما أن العام الزراعي كان جيدا ما أدى إلى انخفاض أسعار المواد الغذائية أو تحديد سقف لها على الأقل. يضاف إلى ذلك السقف الإداري المفروض على الإضافة التجارية للمنتجات الأساسية والذي أقرته الحكومة منذ شهرين.”
من المتوقع أن يصل معدل التضخم إلى سبعة فاصلة خمسة بالمائة بحلول نهاية هذا العام على أن ينخفض إلى أربعة فاصلة أربعة بالمائة بحلول شهر ديسمبر كانون الأول عام 2024. ولكن هذه التوقعات ستواجه مخاطر عديدة في العام المقبل تتعلق بالإجراءات المالية الجديدة التي أقرتها الحكومة لخفض العجز في الميزانية من جهة وقدرة رومانيا على استيعاب الأموال الأوروبية من جهة أخرى و كل هذا في ظل الحرب في أوكرانيا التي لا تبدو نهايتها وشيكة وفي ظل النمو الاقتصادي الضعيف نسبيا في أوروبا . دان سوتشو: ” تشهد اقتصادات غرب أوروبا وشرقها تطورات لافتة ولكن رومانيا أفضل حالا شيئ ما من حيث النمو الاقتصادي مقارنة بدول أوروبية أخرى إن لم تكن الأفضل حالا على الإطلاق . فبعض الدول لم تحقق نموا اقتصاديا أو حققت نموا طفيفا يزيد عن لاشيء بقليل والبعض الآخر كألمانيا على سبيل المثال تراجع نموها الاقتصادي بشكل ملحوظ . إنها تطورات مهمة تساعدنا على فهم السياق الذي يسير فيه الاقتصاد الروماني وهذا أمر ضروري لتفادي توقعات مبالغ فيها . كلنا يريد المزيد من النمو الاقتصادي بطبيعة الحال ولكن السياق الأوروبي الحالي معقد بسبب الحرب في أوكرانيا وآثار أزمة الطاقة على التدفقات الإنتاجية . فكل هذه العوامل تسببت في معدلات نمو منخفضة نسبيا في الدول الأوروبية . ورغم ذلك حققت رومانيا نموا جيدا نسبيا يتوقع أن يزيد عن اثنين بالمائة . قد نقول إنه نمو طفيف ولكن الحقيقة أنه نمو جيد بالنظر إلى السياق الراهن وقد تحقق نتيجة الاستثمارات وخاصة على الأموال الأوروبية . لذا فمن المهم أن نستمر في جذب تلك الأموال لأنها كفيلة بتحقيق رفاهية يمكننا تعميمها فيما بعد “.
الانكماش الاقتصادي سيستمر كما ليس مستبعدا أن يكون تراجع معدل التضخم أبطأ بكثير مما كان متوقعا بحسب ممثلي منظمة لخبراء الاستثمار . نائب رئيس المنظمة أدريان كوديرلاشو :”الاجراءات المالية الجديدة التي أقرتها الحكومة لخفض العجز في الميزانية ستحدث صدمة لما تنص عليه من زيادة لضريبة القيمة المضافة على بعض المنتجات المدرجة في سلة الاستهلاك. بالإضافة إلى ذلك نلاحظ أن ارتفاع سعر النفط في الآونة الأخيرة سيؤدي إلى ارتفاع أسعار المحروقات . كما أن الضريبة الجديدة التي فرضت على قيمة الأعمال ستضع ضغطا على أسعار السلع والخدمات . زد على ذلك رفع الحد الأدنى للراتب وهو تكلفة إضافية على الشركات ستؤدي هي الأخرى إلى ارتفاع الأسعار.”
يقول أدريان كوديرلاشو أيضا إنه يتوقع زيادة للضغط التضخمي في الربع الأول من العام المقبل. هذا وأظهرت دراسة أجرتها منظمة خبراء الاستثمار أن معدل التضخم بحلول شهر أكتوبر تشرين الأول من عام 2024 قد يبلغ سبعة فاصلة خمسة بالمائة من الناتج القومي .