أولويات بوخارست – الجزء الأول
تنتظر رومانيا سلسلةٌ من المناسبات والمسؤوليات شديدة الأهمية على الصعيديْن الأوروبي والدولي
Corina Cristea, 04.01.2018, 18:55
تنتظر رومانيا، سلسلةٌ من المناسبات والمسؤوليات شديدة الأهمية على الصعيديْن الأوروبي والدولي، في عالم بالغ التعقيد، على نحو لم يكن له مثيل منذ وقت طويل – جاء البيان مؤخراً على لسان رئيس الدبلوماسية في بوخارست/ تيودور ميليشكانو، في لقاء موسع منحة للإذاعة الرومانية العامة (راديو رومانيا). في هذه الحلقة سنشير إلى بعض أولويات السياسة الخارجية لبوخارست، مع التركيز على السنوات العشر التي مضت منذ انضمام رومانيا إلى عضوية الاتحاد الأوروبي. مواضيع أخرى، مثل انضمام رومانيا إلى مجال شنغن، العلاقات مع الولايات المتحدة وروسيا الإتحادية أو جمهورية مولدوفا (السوفيتية السابقة، ذات الأغلبية الناطقة باللغة الرومانية)، وموقف بوخارست من أزمة اللاجئين، الهجمات الإرهابية أو التوجه الاقتصادي في سنتناولها في حلقاتنا القادمة.
ما هي أولويات السياسة الخارجية الرئيسية لرومانيا خلال الفترة المقبلة؟ يجينا تيودور ميليشكانو:
في هذا العام نستكمل عقداً من الزمان على عضويتنا في الاتحاد الأوروبي، وقرابة عقد ونصف على انضمامنا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو). لقد وجدنا أنفسنا في الإرتباط بتاريخ أعمق، بالنسبة للاحتفالات المتعلقة بالقرن العشرين، في موقعنا الطبيعي، أود أن أقول، الأسرة الغربية والأوروبية والأورو- أطلسية. ومن خلال ازدهارنا وأمننا اللذين لم يسبق لهما مثيل في تاريخنا، ولكن، يجب أن نتأكد من أننا سنبقى ملتزمين استراتيجياً ومتثبين بمركز هذا المجتمع. وتعرفون أهدافنا الأولوية بكل وضوح وتحديد: الذكرى المئوية الكبرى في عام 2018، ورئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي في عام 2019، والترشح لمكان عضو غير دائم في انتخابات مجلس الأمن، في عام 2019 أيضاً، والهدف الخاص – الانضمام إلى منظمة التعاون والتنمية الإقتصادية. سأبدأ بأوروبا، لأنها القارة التي نعيش فيها. من وجهة نظرنا، فإن واجبَنا الأساسي هو أن نطور أنفسنا في اتجاه التقارب والتكامل الصلب والمستمر. نحن نشعر بقلق خصوصاً، فيما يتعلق بحقوق المواطنين الرومانيين في الاتحاد الأوروبي، وضمنيا، في سياق خروج بريطانيا منه، وكذلك إلى الانضمام إلى مجال شنغن، والأمن الأوروبي، في المحور الداخلي- الخارجي الأساسي، علاوة على سياسة التماسك، والسياسة الزراعية المشتركة، والخوض في عمق السوق الموحدة، والانتهاء من آلية التعاون والتأكيد، ومعالجة ظاهرة الهجرة، ومكافحة التغيرات المُناخية، بالإضافة إلى الركيزة الاجتماعية وجوانب كثيرة أخرى….
لا يمكن فصل المصالح الأوروبية لرومانيا عن المصالح الأمنية، في المنظور الأطلسي والعالمي. فرومانيا، في الوقت الراهن، ليست مجرد مستفيد من حلف شمال الأطلسي، ولكنها أيضاً تشارك بشكل ملحوظ اتخاذ القرارات والسعي نحو تحقيق أهداف الحلفاء، سواء أكنا نتحدث عن تعزيز موقف الدفاع والردع لحلف شمال الأطلسي (الناتو) على الجناح الشرقي، أو في تحقيق توازن وتناسق بين المناطق الشمالية والجنوبية، عبر استضافتها لنظام الدفاع المضاد للصواريخ، بالإضافة إلى المساهمات الجادة جداً، التي قدمتها رومانيا في افغانستان، الدعم الممنوح للأمن السيبرانى في أوكرانيا – وفقا لما ذكره وزير خارجية رومانيا. وفي اشارة إلى السنوات العشر التي مرت على انضمام رومانيا إلى الاتحاد الأوروبي، أكد تيودور ميليشكانو أن التغييرات كانت ضخمة على مستوى المجتمع الروماني:
لقد سمحت هذه السنوات بتطور غير مسبوق لرومانيا من كافة وجهات النظر: تعزيز الديمقراطية، وتنمية القدرات المؤسسية والإدارية، وخصوصاً، الازدهار الاقتصادي. المواطنون الرومانيون يمارسون، اليوم، حقوقهم وحرياتهم المرتبطة بالمواطنة الأوروبية. التبادلات الثقافية، والوصول إلى شبكة أنظمة التعليم الأوروبية، ليست سوى مجرد أمثلة قليلة أود ذكرها. أما من وجهة نظر اقتصادية، فقد تضاعف الناتج المحلي الإجمالي لرومانيا تقريبا خلال هذه السنوات العشر من عضويتها في الاتحاد، وكان هذا في ظروف مواجهة الإتحاد الأوروبي، خلال الفترة الأخيرة، لأزمة اقتصادية ومالية صعبة بما فيه الكفاية على المستوى الأوروبي. رومانيا تقترح، بعد عشر سنوات من انضمامها إلى الإتحاد الأوروبي، تطويرَ قدرتها على استخدام جميع الأدوات التي يوفرها الاتحاد الأوروبي، بفعالية وكفاءة، لتقليص فجوات التنمية بين مختلف المناطق، ولضمان مستوى معيشة أعلى لجميع مواطنينها.
ومن وجهة نظر الدبلوماسية الثنائية، تعتزم رومانيا العمل على ثلاثة محاور هامة. أولا – تعاون أوثق وأكثر تنظيما مع بلدان الاتحاد الأوروبي المجاورة، مثل: بلغاريا، وهنغاريا – ولكن أيضا مع جمهورية مولدوفا ومع أوكرانيا. المحور الثاني – تعزيز العلاقات مع الدول الشريكة الإستراتيجية، مثل: فرنسا وألمانيا، وكذلك مع بريطانيا من منظور خروجها من الاتحاد الأوروبي، بجانب المصالح الأمنية المشتركة مع: بولندا وإسبانيا وإيطاليا. أما المحور الثالث – فهو تعميق الحوار الثنائي مع الدول الأخرى الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، مثل جمهوريتي التشيك وسلوفاكيا، ودول اتحاد البنلوكس الإقتصادي، الذي يضم الممالك الأوروبية الثلاث: بلجيكا وهولندا ولوكسمبغ، من ناحية، ومع ودول البلطيق من ناحية أخرى، ومع النمسا التي تولت الرئاسة الدورية نصف السنوية السابقة للإتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى فنلندا وكرواتيا كدول شريكة لرومانيا في الثلاثي الرئاسي، وكذلك الدول المشرحة لعضوية الاتحاد الأوروبي والدول الشريكة – أضاف رئيس الدبلوماسية في بوخارست.