عامود الامتنان اللانهائي
العامود اللانهائي هو أشهر أعمال النحات الكبير كنستانتين برانكوش
Diana Baetelu, 10.04.2023, 08:44
أشهر أعمال النحات الكبير كنستانتين برانكوش هو العامود اللانهائي الذي يكون مع ثلاث منحوتات ضخمة أخرى هي بوابة القبلة ودرب الكراسي ومائدة الصمت مجموعة النصب التذكارية التي أقامتها الفنان في مدينة تارغو جيو إكراما لذكرى الأبطال الذين سقطوا في معارك الحرب العالمية الأولى التي دارت على ضفاف نهر جيو جنوب غربي للبلاد. على مر السنين تعددت التفسيرات لدلالات العامود اللانهائي ، هذا النصب المثير الذي يبلغ طوله ثلاثين مترا ليغلب الظن أن النحات أراد تخليد ذكرى شهداء الحرب في عمل فني منقطع النظير.
أدريان تودور الأستاذ في جامعة تارغو جيو كان من ضمن فريق المختصين الذين قاموا بترميم العامود اللانهائي في مطلع الألفية الثالثة .عن أهمية هذا النصب ودلالاته قال الأستاذ أدريان :
“النقاد يعتبرون العامود اللانهائي جوهر إبداع النحات ووصيته الفنية . فقال أحد النقاد إن العامود يحتوي على أعمال أخرى للفنان تتكشف عند النظر إليه من زاويا مختلفة . فإذا نظرنا إلى العامود من زاوية معينة نكتشف في أحد المكعبات الطير السحري وهو تمثال مشهور للفنان. أما إذا نظرنا إليه من زاوية أخرى فينكشف لنا الديك وهو تمثال أراد برانكوش أن يعرضه في الهواء الطلق أمام مقر منظمة اليونيسكو في باريس. العامود اللانهائي والذي أقيم في المنطقة التي ولد فيها برانكوش هو العمل الوحيد من نوعه الذي صنعه النحات من حديد الصلب وكان برانكوش نفسه يقول إن القدر شاء أن يقيم عمله الوحيد الذي أنجزه من تلك المادة في مسقط رأسه . وكان النحات قد أنجز عواميد أخرى ولكن من الخشب فقط ونصب أحدها وطوله تسعة أمتار في فناء منزل صديق له قرب باريس ثم نقله إلى ورشته وهو معروض حاليا في مركز بومبيدو.”
طرحت مسألة إنجاز العامود اللانهائي في أواخر الثلاثينيات من القرن الماضي بمناسبة ذكرى مرور عشرين عاما على نهاية الحرب العالمية الأولى . وقد أسند إنجاز العامود إلى برانكوش باقتراح من النحاتة الكبيرة ميليتسا باتراشكو التي كانت هي الأخرى قد نحتت نصبا تذكريا لبطلة الحرب العالمية الأولى إيكاترينا تيودوريو في بلدة ماراشيشتي. الأستاذ أدريان تودور :
“دعي برانكوش لإقامة نصب تذكاري في مدينة تارغو جيو إكراما لذكرى أبطال الحرب من الجنود و سكان المنطقة .ففي الرابع عشر من أكتوبر تشرين الأول من عام 1916 اتجه المسنون والنساء والأطفال بقيادة قائد الشرطة إلى منطقة الجسر على نهر جيو لمنع القوات الألمانية من التقدم .. الدعوة وجهت إلى برانكوش من قبل السيدة أريتيا تاتراسكو زوجة رئيس الوزراء غورغي تاتراسكو فوافق النحات على إنجاز النصب شريطة أن يمنح حرية تامة في تصميمه وإنجازه ..
ما لبث أن أطلق النحات العنان لإبداعه فتحولت الفكرة إلى أحد أروع إنجازاته :
“في ربيع عام 1937 حضر برانكوش إلى مدينة تارغو جيو للبحث عن مكان مناسب لنصب العامود .. واختار موقعا عند أطراف المدينة كان يمتلئ بالتبن وقت إقامة أسواق المواشي فيه فأطلق عليه سوق التبن .وقد التقط برانكوش صورة للمكان ورسم عليها العامود بالحبر . إنها شهادة ميلاد العامود اللانهائي .في نفس العام تم صب العامود الداخلي من الصلب في مصنع ريشيتسا وتم صب المربعات التي تكون العامود من حديد الصلب في معامل بيتروشان وأخيرا نقل العامود الداخلي والمربعات إلى تارغو جيو حيث قام النحات بتركيبها فوق قاعدة من الخرسانة في خريف عام 1937 .. كان الاسم الذي اختاره الفنان للعامود اللانهائي عامود الامتنان اللانهائي”
بينما كان يعمل على إنجاز العامود اللانهائي قرر برانكش أن يجعل منه النصب الرئيس ضمن مجموعة من النصب التذكارية الضخمة اعتبارا منه بأن نصبا واحدا لا يتناسب مع عظامة بطولة الجنود الذين سقطوا في الحرب . فنحت ثلاثة نصب أخرى هي مائدة الصمت ودرب الكراسي وبوابة القبلة ونصبها على طول خط خيالي أطلق عليه الفنان طريق الأبطال و يبلغ طوله 1275 مترا. ينطلق الخط من مائدة الصمت على ضفة نهر جيو ويتجه إلى الغرب مرورا بدرب الكراسي وبوابة القبلة وينتهي عند العامود اللانهائي”