شهادة تحرير العبد ماتي أوبريا
شهدت أوروبا في عام 1848 موجة من الثورات عرفت بربيع الأمم
Diana Baetelu, 18.01.2025, 15:30
شهدت أوروبا في عام 1848 موجة من الثورات عرفت بربيع الأمم انطلقت من فرنسا وامتدت إلى العديد من البلدان حتى وصلت إلى إمارتي مولدوفا وفالاهيا الرومانيتين حيث تماهت مع عملية الم الأكانت تأكيد الأمة الرومانية والوعي الوطني. كانت العبودية ظاهرة مألوفة في الإمارتين على مر العصور أسوة بالقنونة مع وجود أوجه تشابه واختلاف بينهما . وكان معظم العبيد في الإمارتين الرومانيتين من الغجر قبل الذين كانوا يعتبرون ملكا لأسيادهم بحيث كان يحق للأسياد أن يتصرفوا فيهم كما شاءوا وكان قانون العقوبات الذي صدر عام 1818 في إمارة فالاهيا يقضي بأن “جميع الغجر يولدون عبيدا في حي أن “الغجر الذين لا سيد لهم يصبحون تلقائيا ملكا ملك للدولة”.
توجد لدى المتحف الوطني للتاريخ مجموعة من الوثائق الرمسية حول وضع الغجر العبيد وتحريرهم ومن بينها “شهادة التحرير من العبودية للمدعو ماتي أوبريا”. أندريا شتيفان الخبيرة لدى المتحف الوطني للتاريخ حدثتنا عن الوثيقة وأهميتها : “شهادة التحرير من العبودية التي صدرت للمدعو ماتي أوبريا هي واحدة من الشهادات على عملية تاريخية استمرت لعقود ابتدأ من منتصف القرن التاسع عشر في الإمارتين الرومانيتين وتمثلت في سلسلة من الإصلاحات أدت في نهاية المطاف إلى تحرير العبيد الغجر بعد أن كان استعباد الغجر في الإمارتين قد أصبح مشكلة اجتماعية حادة في منتصف القرن التاسع عشر وكان لا من حلها”.
عن ثورة عام في 1848 الإمارتين وتأثرها بالأفكار السياسية والاجتماعية والثقافية لسائر اللثورات في أوروبا آنذاك حدثتنا أندريا شتيفان مستحضرة ما جاء في بيان الثوار في إمارة فالاهيا من أهداف متعلقة بتحرير العبيد:
“بيان الثورة الذي صدر في الحادي والعشرين من يونيو حزيران عام 1848 والذي تضمن برنامج الثوار الرومانيين أشار بصريح العبارة إلى ضرورة تحرير العبيد . وهنا يجدر الإشارة إلى أن معظم الثوار كان من المثقفين الذين درسوا في الجامعات الغربية ون أ تبنوا قيم التنوير ولذلك كان أولائك يشعورن بحرج شديد لاستمرار العبودية في بلادهم وكانوا يعتبرون الاستعباد ممارسة عفا عليها الزمن وغير إنسانية .وجاء في نص البيان ما يلي : “إن الشعب الروماني يرفض لاإنسانية الاستعباد وينأى بنفسه عن هذه الظاهرة التي تمثل وصمة عار في جبينه .”
قرر الثوار تشكيل لجنة تحرير العبيد في إطار مساعيهم الرامية إلى القضاء على العبودية:
“علينا أن نأخذ في الاعتبار أن الثوار كانوا تحت ضغط شديد من جهة وكانوا بأمس الحاجة إلى الظهور في مظهر المعتدلين المقبولين للجميع من جهة أخرى . فأولائك المثقفون الذين درسوا في فرنسا كانوا ينتمون إلى النخب الاجتماعية والثقافية وفي الوقت نفسه كان كثيرون منهم من ملاك الإقطاعيات وكان استغلال العبيد العاملين في إطقاعياتهم يدر أموالا كثيرة عليهم . وبالتالي فبعد خمسة أيام فقط من إعلان بيان الثورة أي في السادس والعشرين من يونيو حزيران عام 1848 تم تشكيل لجنة مكلفة بتنفيذ الإصلاح الاجتماعي اللازم للقضاء على العبودية فأطلق عليها لجنة تحرير العبيد.وبالإضافة إلى مهمة تحرير العبيد كلفت اللجنة لمهمة إصداروثائق التعويض للعبيد المحررين .”
عن شهادة تحرير العبد أوبريا ماتي الموجودة لدى المتحف الوطني للتاريخ فقالت أندريا شتيفان: “إنها نموذج مطبوع صدر للعبد ماتي أوبريا الذي كان يبلغ العاشرة من العمر وكان ملكا للإقطاعي يون غيكا – أحد ثوار عام 1848 وأحد أكثر المناضين حماسا من أجل تحرير العبيد.”
أشارت أندريا شتيفان إلى سلبيات عملية تحرير العبيد إبان ثورة عام 1848 في الإمارتين الرومانيتين :”لم تنجح ثورة عام 1848 في تحقيق التقدم المرجو في تحرير العبيد لأن القانون الذي أقرتها الحكومة المؤقتة التي تولدت من رحم الثورة كان أيضا قانونا مؤقتا عابرا انتهى مفعوله مع توقف تلك الحكومة عن العمل .”
آثار تشريعات عام 1848 حول تحرير العبيد تبعات امتدت إلى القرن العشرين ومنه إلى يومنا هذا : “تركت العبودية آثارا عميقة ومعقدة للغاية على مجتمع الغجر بعضها قصير المدى تمثل في تحرير العبيد بشكل فعلي والبعض الآخر بعيد المدى تجلى إبان الحرب العالمية وخاصة أثناء ما يسمى بمحرقة الغجر وثم في زمننا هذا في ميل المجتمع الحالي إلى تهميش الغجر .”