رومانيا ومعاهدة وارسو
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تم تقسيم أوروبا إلى جزئين
Diana Baetelu, 22.01.2024, 15:22
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية تم تقسيم أوروبا إلى جزئين هما أوروبا الوسطى والشرقية التي احتلها الاتحاد السوفييتي وتحولت إلى منظومة شيوعية استبدادية من جهة وأوروبا الغربية الديمقراطية من جهة أخرى .كما أقيم جدار برلين الذي قسم ألمانيا إلى جزئين أحدهما شيوعي توتاليتاري والثاني ديمقراطي حر فضلا عن تقسيمه العالم إلى كتلتين متناحرين تماما كانا ينظران إلىأحدهما الآخر هما بعداء شديد تجسد في تأسيس منظمتين عسكريتين متناحرتين – حلف وارسو وحلف الأطلسي.
رومانيا التي كان الجيش الأحمر قد احتلها عام 1945 وحولها إلى دولة تحكمها نظام شيوعي استبدادي انضمت هي الآخرى إلى معاهدة تأسيس حلف وارسو التي وقعت في العاصمة البولندية عام 1955 إلى جانب سبع دول اشتراكية أخرى هي ألبانيا وبلغاريا وتشيكوسلوفاكيا وألمانيا الشرقية وبولندا والمجر فضلا عن الاتحاد السوفياتي. إلا أن انضمام البلدان الاشتراكية إلى معاهدة وارسو لم يكن طوعيا وإنما عن طريق الإكراه بدليل أن مساعي المجر للخروج منها عام 1956 أدت إلى غزوها من قبل قوات المعاهدة . ومع ذلك انسحبت ألبانيا من حلف وارسو عام 1968 بعد تبني النظام الشيوعي في تيرانا المواقف المتشددة للشيوعيين الصينيين فيظل خىفاتهم مع السوفييت .
في عام 1968 تعرضت تشيكوسلوفاكيا لغزو قوات كل من الاتحاد السوفييتي وبلغاريا وألمانيا الشرقية وبولندا والمجر كان الهدف منه وقف برنامج الإصلاحات الذي بادر به الأمين العام للحزب الشيوعي ألكساندر دوبتشيك وهي إصلاحات لم ترق للقيادة السوفييتية في موسكو باعتبارها ليبرالية غربية التوجه .. أما رومانيا فاعتبرت غزو تشيكوسولفاكيا وسمة عار في جبين معاهدة وارسو وأعلنت رسميا رفضها المشاركة فيه ما رفع أسهم زعيمها نيكولاي تشاوشيسكو وزاد من هيبته بشكل كبير. ومع ذلك ثارت مخاوف من احتمال أن تتسع عمليات قوات وارسو في تشيكوسلوفاكيا إلى رومانيا ويوغسلافليا . في عام 1992 أجرى مركز التاريخ المروي للإذاعة الرومانية مقابلة مع ضابط الاستخبارات نياغو كوسما الذي أكد أن رومانيا كانت تترقب غزوا لقوات حلف وارسو بعد أحداث تشيكوسلوفاكيا بعد وصولها معلومات بهذا الشأن من عميل لها في قيادة حلف وارسو هو ضابط في الجيش البولندي :”الضابط البولندي كان قد جاء إلى رومانيا في عام 1939 مع عائلته وهو طفل والتحق بمدرسة ابتدائية وتعلم اللغة الرومانية بل اعتبر نفسه رومانيا وكان يقول إن رومانيا وطنه الثاني. في العشرين من يوليو تموز 1968 طالب الضابط البولندي باجتماع عاجل مع العقيد الروماني بيكيل وقال له إن الزعيم السوفييتي بريجنيف مع رئيس الكي جي بي أندروبوف وقيادات الجيش السوفييتي يخططون لعزو كل من تشيكوسلوفاكيا ورومانيا ويوغوسلافيا لعدم رضاهم عن سياسات دوبتشيك وتشاوشيسكو وتيتو. وأوضح الضابط البولندي أن فريقا من ضباط هيئة أركان معاهدة وارسو يعمل على وضع تفاصيل خطة العزو . كما قال أن الغزو سينفذ على ثلاث مراحل. أولاها في تشيكوسلوفاكيا والثانية في رومانيا بعد ثلاثة أسابيع على الأولى وأخيرا في يوغوسلافيا. وأكد الضابط البولندي أن قوات سوفيتية كانت في طريقها إلى تشيكوسلوفاكيا.”
الجيوش والتحالفات العسكرية غالبا تعكس مستوى التطور المادي والروحي للبلدان المعنية فأي مقارنة بين جويش معاهدة وارسو وقوات حلف الأطلسي كانت تظهر بوضوح تفوق التحالف الغربي لجودة أسلحته ومعداته وإن كانت الكتلتان متساويتين في العدد والعتاد . وجاء حل حلف وارسو في عام 1991 على خلفية التحولات السياسية الكبرى التي شهدتها أوروبا الوسطى والشرقية عام 1989 ليؤكد مرة أخرى فشل الأنظمة الشيوعية سياسيا واقتصاديا وعسكريا.الدبلوماسي الروماني فاسيلي شاندرو تحدث في عام 1994 عن الاجتماع الأخير لزعماء الجمهوريات الاشتراكية السابقة :
“ترأس الاجتماع رئيس الوزراء المجري جوزيف أنتال ونوقشت عدة قضايا ومن بينها مستقبل العملية الأوروبية بشكل عام والأمن الأوروبي وتأسيس تراكيب الأمن والتعاون في أوروبا فضلا عن مراجعة طبيعة معاهدة وارسو ووظائفها ونشاطها وبحث إمكانية إعادة هيكلتها . الزعيم السوفييتي جورباتشوف فطرح في الاجتماع عددا من القضايا كما تحدث عن الوضع في أوروبا وأفق معاهدة وارسو مركزا بشكل خاص على وضع ألمانيا. فقد تقرر تشكيل لجنة حكومية مهمتها تحليل وظائف وأنشطة معاهدة وارسو على أن تجتمع اللجنة في براغ في وقت لاحق . أو كما هو معروف تم التراجع عن عقد اجتماع اللجنة وفي نهاية المطاف اجتمع وزراء الخارجية لبلدان الحلف في براغ ووقعوا على الاتفاق الذي تم بموجبه حل معاهدة وارسو رسميا في الأول من يوليو تموز عام 1991.”
.