نظرة المجتمع إلى العنف ضد المرأة
العنف ضد المرأة المصنف كأحد أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي واقع مأساوي تعرفه البلدان الأوربية كافة
Diana Baetelu, 25.01.2023, 18:00
العنف ضد المرأة المصنف كأحد أشكال العنف القائم علة النوع الاجتماعي واقع مأساوي تعرفه البلدان الأوربية كافة . السلطات الرومانية اتخذت على مدى السنوات الماضة تدابير لمواجهة هذه الظاهرة ومن بينها إقرار تشريعات تقضي بمعاقبة العنف القائم على النوع الاجتماعي وحماية النساء باعتبارهن الفئة الأكثر عرضة له . فقد أصبح بإمكان النساء الحصول على أوامر منع الاقتراب إضافة إلى إجبار مرتكبي الجرائم المرتبطة بالعنف ضد المرأة بارتداء أساور التبتع . ويعتقد الخبراء تلك التدابير أدت إلى زيادة عدد شكاوى العنف التي رفعتها الضحايا إلى السلطات في الفترة الأخيرة .. وقد أظهرت إحصائيات الشرطة الرومانية للأشهر الستة الأولى من عام 2022 أن أكثر 18500 من النساء تعرضن لمختلف أشكال العنف والاعتداء وبينها 18جريمة قتل و13محاولة قتل إضافة إلى 12500 إصابة . ومع ذلك يعتقد الخبراء أن الإحصاءات المتوفرة لا تعكس الواقع بدقة كونها محصورة في العنف الجسدي غير أن القانون يشير أيضا إلى أنواع أخرى من العنف .. يونيلا بالانوتسا الأستاذة في كلية العلوم السياسية في جامعة بوخارست والمشاركة في صياغة أسئلة الاستطلاع حول العنف ضد المرأة لعام 2022 حدثتنا عن هذا الاستطلاع
“موضوع هذه الدراسة هو العنف ضد المرأة وكما أوضحنا في مقدمة الدراسة حاولنا تسليط الضوء على موقف المجتمع من هذه الظاهرة انطلاقا من تعامل الأوساط الأكاديمية أوالسياسية معها وطريقة تفسيرها .. رومانيا صادقت على اتفاقية استنبول التي تنص على تشكيل لجنة مراقبة وتقييم دولية تقوم بإعداد تقارير عن الدول الموقعة بشكل سنوي . وفيما يتعلق بالتقرير حول برومانيا فإن إحدى النقاط التي تشير إليها اللجنة بإلحاح باعتبارها نقطة ضعف تتعلق بتوفر الإحصاءات …حيث يؤكد التقرير والذي نشر على الإنترنت عدم توفر إحصاءات كافية حول العنف ضد المرأة وهو ما تعلمه السلطات الرومانية جيدا و يمثل إحدى أكبر الصعوبات التي نواجهها . أما النقطة الثانية التي يشير إليها النقرير فتتعلق بعدم إدراج معيار النوع الاجتماعي في المعايير التي أخذتها السلطات بعين الاعتبار عند تعديل القانون وصياغة السياسات العامة . “
الدراسة حول العنف ضد المرأة والتي أجريت بتنسيق من جمعية فيليا غير الحكومية المعنية بحقوق المرأة وبتمويل من السفارة الألمانية في بوخارست هي ث ثاني دراسة من نوعها منذ عام 2003 عندما أجريت الدراسة الأولى التي دارت حول حالات العنف الأسري فقط .. ورغم ذلك تتيح الدراسة مقارنة نتائجها بنتائج الدراسة السابقة بحسب الأستاذة الجامعية يونيلا بالانوتسا:
“أعتقد أن المقارنة بين نتائج الدراستين تسمح لنا بالقول بأننا حققنا فعلا قفزة متميزة على صعيد توعية المجتمع بالعنف ضد المرأة وحشد التعاطف مع ضحايا العنف ضد المرأة ورفضه .. أهم التغيرات تتعلق بمدى التسامح مع حالات الاعتداء الجسدي بيد أنه من سوء النية والظن ألا نعتبر الضرب والصفع على الوجه وحتى الإهانة أشكالا للعنف ..فنتائج الدراسة تظهر أن المجتمع يعترف بأن الصفع والضرب والإهانة تمثل أشكالا للعنف مشيرة إلى أن نسبة السكان الذين يرفضون هذه الممارسات ارتفعت إلى أكثر من ثمانين بالمائة مقارنة بعام 2003 … أما أشكال العنف الأخرى الأقل انتشارا فإن نسبة السكان الذين يرفضونها زادت سبعة بالمائة مقارنة بعام 2003 .. زيادة ليست بكبيرة ولكنها مهمة . على سبيل المثال واحد من بين كل أربعة رومانيين لا يستنكر عدم السماح للمرأة بإنفاق مالها كما تشاء ولا يشجب عدم السماح لها بالخروج لوحدها أو الانضمام إلى مجموعة من الصديقات والأصدقاء ..”
تشير نتائج الدراسة إلى أن 19% من المستطلعة آراءهم لا يستنكرون اغتصاب امرأة إذا ما وافقت على الذهاب إلى منزل رجل فيما لا يستنكر 12% منهم تعرض امرأة للاغتصاب إذا ما ارتدت ملابس مثيرة ..الأستاذة الجامعية يونيلا بالنوتسا :
“الموقف من الاغتصاب يبين بوضوح الصور النمطية الراسخة في المجتمع .. لاحظنا أيضا أن الإجابات الأكثر إثارة للقلق ترتبط بتدني مستوى التعليم وانتشار القيم الذكورية والنماذج الأبوية في المجتمع .. على سبيل المثال تبين أن معظم الأفراد الذين شاركوا في الاستطلاع يعتبرون الاغتصاب أمرا غير مقبول وفي غاية الخطورة إلا أن تعرض امرأة للاغتصاب إذا ما وافقت على الدهاب إلى منزل رجل أمر أقل خطورة في نظرهم كما لو أن العلاقات الاجتماعية بما فيها الخروج مع رجل والذهاب معه إلى مكان عام أو حتى إلى منزله أو منزل المرأة يعني ضمنيا أن تلك المرأة ستتعرض للاغتصاب لامحالة وينبغي عليها أن تتوقع ذلك .. للأسف الشديد لا تزال نسبة كبيرة من الرومانيين ممن نتفاعل معهم يعتبرون أن النساء أنفسهن يتقبلن الاغتصاب .. هناك شيء آخر مقلق وهو رد فعل المستطلعة آراؤهم على العلاقات الجنسية بين فتاة قاصر ورجل بالغ .. فقد تبين أن العلاقة الجنسية بين قاصر وبالغ تعتبر أقل خطورة في نظر هؤلاء من اغتصاب امرأة من قبل رجل مجهول الهوية .. بيد أن القانون يعتبر اغتصابا العلاقات الجنسية التي تفرض على الضحية رغما عنها بصرف النظر عن عمرها ..”
الاستطلاع حول العنف ضد المرأة لعام 2022 أجري بهدف توفير معطيات وبيانات إضافية حول مدى انتشار العنف القائم على النوع الاجتماعي بكافة أشكاله في رومانيا والاستفادة منها في صياغة السياسات العامة