مشاريع اجتماعية في حي “فيرينتار” في بوخارست
يعتبر حي فيرينتار أفقر حي في بوخارست والأكثر إشكالية ويشتهر بأعمال العنف المنزلي وظاهرة الدعارة وتعاطي المخدرات والاتّجار بها والفقر والأمية
Luana Pleşea, 11.04.2018, 13:51
فما هي فرص الأطفال والمراهقين المولودين والمترعرعين في هذا الحي لِعَيْشِ حياة طبيعية عادية؟ تقام في حي “فيرينتار” بعض المشاريع الاجتماعية لمساعدة الأطفال والمراهقين وأيضا البالغين الغجر الذين يعيشون هنا. يونوتس أوبريا ممثل محترف ومنذ ستة أعوام بدأ بالتطوع تنظيم دورات مسرحية في نادي التربية البديلة الذي يعد من بين برامج المنظمة غير الحكومية (POLICY CENTER FOR ROMA AND MINORITIES) أو باللغة العربية – “مركز السياسات للغجر والأقليات”. وقد تم تأسيس هذا النادي للأطفال والمراهقين الذين يعيشون في المناطق العشوائية في “فيرينتار” ويتعرضون لأوضاع خطيرة.
بدأ يونوتس أوبريا مشاركته في هذا البرنامج أولا بالصدفة ونجح مع مرور الوقت في تجاوز الاختلافات الثقافية والتقرب من هؤلاء الأطفال والمراهقين الذين أصبح المسرح بالنسبة لهم نوعا من العلاج. فقال يونوتس أوبريا، يهذا الخصوص:
“لقد جئت إلى هنا بمجموعة من القيم الخاصة بي وبمعارفي وتربيتي وأدركت أنني وصلت إلى مكان لا يناسب قيمي لأن من وجهة النظر هذه العالم مقلوبة. ففي بيئتي التي انحدر منها تعتبر التربية أمرا طبيعيا جدا يجب أن تحصل عليه. هنا بالعكس، من الصعب جدا إقناع الأطفال والمراهقين وأولياء أمورهم على حد سواء الذين أعمل معهم بأن التربية قد تكون طريقة وحلا للإخراج من مأزق. وبكل صراحة، أنا لا أعرف إذا نجحت في إقناعهم بهذا ولكني أظهر كل يوم أمامهم وأكرر لهم نفس الأمور. هذا الشيء هو الشيء الوحيد الذي أستطيع القيام به والإصرار عليه. ولكن لا أحدا يضمن لي أي نوع من النجاح … ولا أحدا يضمن لي أنني غيرت شيئا هنا”.
ومع ذلك، فقد بدأت بوادر النجاح تظهر بالإضافة إلى التأكيد على قيم عمل يونوتس الذي قال:
“أكبر مثال على ما يشعرني بالرضا هي نيكوليتا. فمنذ البداية لاحظت عندها موقفا معينا تجاه الحياة وموقفا معينا تجاهي وتجاه المسرح وهذا الأمر جعلني أعتقد بأنها ستكون صاحبةشخصية قيادية. رأيت موقف الآخرين تجاهها وكيف تحدد موقفها تجاه الآخرين. فهي تعطي لي آمالا كبرى لأنها بدأت تكتب وتقرأ وتؤلف الموسيقى كما بدأت أيضا تؤلف المسرحيات. وهي مجرد مثال ولكن هناك في الفرقة أطفال بدأو الآن بعد مرور بعض السنوات يكتشفون مواهبهم المختلفة ويجدون مكانا لهم داخل الفرقة. وعلى سبيل المثال، أحد الأطفال يقوم بعمل المخرج الفني وطفل آخر يهتم بالملصقات وصورة الفرقة والآخر مسئول عن الانضباط خلال التدريبات… فكل واحد منهم يكتشف دورا معينا له في الفرقة وجميع هذه الأمور تجعلني أكمل عملي وأمشي إلى الأمام”.
ومن الجدير بالذكر أن المراهقة نيكوليتا غيتسا، التي تعد من بين أعظم نجاحات يونوتس أوبريا، تبلغ الثامنة عشر من عمرها، وكانت قد بدأت تذهب إلى دورات المسرح حتى قبل وصول يونوتس إوبريا إلى حي فيرينتار. وكانت تشعر حتى منذ أيام طفولتها بأنها تهوي المسرح، وقد أثبتت موهبتها في هذا المجال. ولكنها عاشت حياة صعبة عندما كانت طفلة، وبدأت العمل منذ ثلاثة أعوام، حيث أخبرتنا بقولها:
“الآن أستطيع أن أقول أنني سعيدة إلى حد ما لأني طورت نفسي كثيرا، من طفلة بغيضة لا تحب أحدا ولا أحدا يحبها أصبحت إنسانة لها ومعارف أصدقاء تترك انطباعات جيدة في الأماكن التي ترتادها و!! هذا الأمر بالنسبة لي تغيير جوهري. وأستطيع أن أقول إنني عندما أرى أن يونوتس فخور بي يجعلني أشعر بأني فخورة بنفسي أيضا. وإذا دفعني لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر بأن أكتب القصص بدأت بهذا ولاحظت أنني أعبر عن نفسي بهذه الطريقة وأخرج ما بداخلي كشخصية. كثيرا ما أكتب روايات أنشرها على شبكة التواصل الاجتماعي فيسبوك وروايات لإخراج مشاكلي الشخصية وإحباطاتي من داخلي أو ما يبدو لي أنه غيرني… وزيادة عن ذلك، أهوي الموسيقى وأريد الاتجاه إلى مجالي الموسيقى والمسرح”.
دانييلا فلاستشيانو، تبلغ 34 من العمر. ولدت وترعرعت في حي فيرينتار، وتشارك منذ ثمانية أعوام في مساعدة الذين يحتاجون إلى الدعم وساهمت شهر يونيو/حزيران 2016 في إنشاء مركز اجتماعي في الحي مفتوح لجميع أهل فيرينتار. وهنا تقوم مع الأطفال بأعمال ترفيهية وتساعدهم في كتابة واجبتهم المدرسية و نتظم حفلات وتجمع التبرعات. وترغب الآن في جمع النقود اللازمة لتنظيم رحلة للأطفال إلى معسكر صيفي. فتعمل مع حوالي 25 طفلا أكثرهم بأعمار تتراوح بين 6 – 12 سنة. وتنوي أن ترافقهم حتى النهاية وأن تراهم – إذا كان من الممكن-ملتحقين في المدارس الثانوية والكليات.
ويأتي إلى هذا المركز الاجتماعي بالغون وكثير منهم لا يحملون أوراق ثبوتية أو لديهم أولاد يتعاطون المخدرات. المشكلة الرئيسية؟ الفقر، طبعا. وتقول دانييلا فلاستشيانو بهذا الخصوص:
“بسبب الفقر لا يدفع الناس تأميناتهم الصحية فلا يمكنهم الذهاب إلى الطبيب أو إلى المستشفى. ليس لديهم أي دخل. هم مرضى وفقراء. لم أقم أنا بتغيير حي “فيرينتار”ولن أغيره ولكني أعتبر أن كل واحد يستطيع أن يفعل شيئا ولو بسيطا. أحيانا في استطاعتنا مساعدة شخص في الحصول على أوراق ثبوتية أو المشاركة في بعض المشاريع التي أطلقتها منظمات غير حكومية أخرى… فالآن 5 مسنين يتلقون طعاما مرة في الأسبوع من منظمة أخرى. على الأقل هذا… أن أعرف أن شخصا يذهب بأكياس محملة بالطعام إليهم… هذا أفضل من لا شيء. أو عندما لا يملكون أي ورقة ثبوتية ونحن نساعدهم في الحصول على شهادة الميلاد والبطاقة الشخصية كي يتمكنو من استلام النقود الخاصة بالمساعدات الطبية أو المعاشات التقاعدية “
كما علمنا من دانييلا أيضاً، عن بعض المنظمات غير الحكومية في حي “فيرينتار” التي تقدم خدمات استشارية للمحتاجبن، وللمرافقة من أجل الحصول على أوراق ثبوتية. ماذا تستدعي الحاجة لإحداث تغيرات أكثر في حي “فيرينتار”؟ تجيبنا على هذا السؤال، دانييلا قائلة:
“لا أعرف من أين أبدأ… فرص عمل للناس كي يستطيعو العيش. مدارس مجهزة بشكل أفضل وأكثر كي لا يسقط السقف على رؤوس الأطفال… لدينا بعض المدارس في الحي… ولكنها على مستوى …..مدارس فيرينتار…الأطفال يذهبون إليها ولكنني لا أرى أنهم يتعلمون الكثير من الأشياء. أعتقد أننا بحاجة لمعلمين أكثر كفاءة وإلى عيادات طبية بالإضافة إلى الحاجة لمستشفى لأنه بالنسبة لحي فيرينتاري هذا يعد شيئا من الصعب الحصول عليه…”