قانون جديد لحماية الأطفال المنفلصين عن آبائهم
أقرت الحكومة الرومانية مؤخرا مشروع قانون يهدف إلى تنظيم عمل المؤسسات المعنية بحماية الأطفال المعرضين لخطر الانفصال
Diana Baetelu, 08.02.2023, 15:17
أقرت الحكومة الرومانية مؤخرا مشروع قانون يهدف إلى تنظيم عمل المؤسسات المعنية بحماية الأطفال المعرضين لخطر الانفصال أو الهجر لا سيما أولائك الذين يعيشون في مجتمعات ضعيفة تحاتج إلى مساعدة دائمة من قبل السلطات .. فالأوضاع المعيشية الصعبة تدفع بالعديد من أفراد المجتمعات الضعيفة لمغادرة رومانيا بحثا عن رواتب أفضل في بلد آخر وفي معظم الحالات يتركون أطفالهم في رومانيا في رعاية الأسرة الموسعة .وعلى الرغم من أن الانفصال بين الأباء والأطفال يعرض التوازن العاطفي للطفل للخطر إلا أن كثيرين من الآباء يضحون به من أجل العمل في الخارج ..انقطاع العلاقات الأسرية يشوه الأطفال روحيا ويولد لديهم الشعور بأنهم غير محبوبين من قبل آبائهم ويتسبب في ظهور اضطرابات سلوكية لدى الطفل من صعوبة التعلم وصعوبة إقامة علاقة طبيعية مع أفراد الأسرة الموسعة والميل إلى التمرد .. المدرسة لا تعرف كيف تتعامل مع هذه الأزمات فما بالك بأفراد الأسرة الموسعة ..لذا فإن الطفل الذي يعيش منفصلا عن والديه تتغير شخصيته بشكل كبير لذا فقد يجد الوالدان لدى عودتهما إلى رومانيا طفلا مختلفا عن الذي عرفاه قبل سنوات.
القانون الجديد يتدخل لمعالجة هذه الظاهرة بالذات بحسب المتحدث باسم الحكومة دان كاربونارو الذي أوضح أن القانون يحتوي على تدابير لمنع انفصال الطفل عن والديه تشمل أيضا تقديم مساعدات عاجلة للأسر الضعيفة.. كما ينص القانون على تأسيس المرصد الوطني للطفل وهو منصة رقمية ضمن النظام المعلوماتي الوطني ستوفر للسلطات المحلية إحصاءات دقيقة حول الأسر الضعيفة التي يواجه أطفالها خطر الانفصال عن الآباء ..من جانب آخر يقضي الفانون بتوفير خدمات إعادة التأهيل للأطفال ذوي العاهات إضافة إلى العلاج النفسي للأطفال الذين يحتاجونه اعتبارا من السلطات بأن النمو العاطفي المتوازن في مرحلة الطفولة أمر يجب أن يعامل ببالغ الجدية مع اتخاذ التادبير اللازمة قبل فوات الأوان لمنع المآسي التي عاش الفرد في ظلها في مرحلة الطفولة من مطاردته مدى الحياة ..
خبراء علم النفس يميزون بين الخوف من الانفصال وقلق الانفصال .. إيلينا ماريا دوميتريسكو المعالجة النفسية المختصة بالاضطرابات المعرفية والسلوكية تفسر:
“الحاجة إلى الأمان تظهر في اليوم الأول من الحياة وتولد لدى الرضيع ومن ثم لدى الطفل الصغير الشعور بالخوف من الانفصال عن الأشخاص الذين يتربط بهم ويقدمون له الرعاية كونه في حالة تعلق شديد بهم .. إنها عملية طبيعية نمر بها في المراحل الأولى من وجودها ..لكن المهم أن نتخطى هذه المرحلة بخير وهذا يتوقف على مدى تلبية الأشخاص المهمين في حياتنا لاحتياجاتنا المادية والعاطفية في المراحل الأولى من حياتنا .. “
بعبارة أخرى فإن إبداء الوالد حبه للطفل يمثل عاملا حيويا للنمو السليم والمتوازن .. فمن الواضح أن تعرض الطفل لاضطرابات عاطفية مرتبط بوجوده في مجتمع ضعيف يخير والديه ما بين تقديم الدعم المادي له بأي ثمن وبين الحفاظ على وحدة الأسرة رغم سوء أوضاعها المعيشية .. إنها دوامة عاطفية لا يعرف أحد سبيلا للخروج منها .. المعالجة النفسية إيلينا ماريا دوميتريسكو تقول إن الطفل المحروم من حب الوالدين سيعاني حتما من اضطرابات سلوكية :
“بعض الأحداث في حياة الطفل فضلا عن عدم تلبية والديه احتياجاته بشكل صحيح تولد لدى الطفل الشعور بعدم الأمان وتحول خوفه من الانفصال إلى قلق وهذا دليل على تناقص قدرة الطفل على تفسير الواقع بشكل صحيح والسيطرة عليه . وبالتالي فإن رغبة الطفل وقدرته على استكشاف البيئة المحيطة و تطوير مهارات جديدة فضلا عن قدرته على مواجهة بعض التحديات أوطلب المساعدة سيبقى محدودة .. فالطفل المنفصل عن أسرته يعاني ليس من التباعد الاجتماعي بينه وبين الأشخاص الذين يحبهم فحسب بل أيضا من التباعد العاطفي . الأمر الذي يؤدي إلى انخفاض قدرته على مواجهة حالات عدم اليقين والسيطرة عليها ويولد لديه شتى القلائق والمخاوف ..”
تجدر الإشارة إلى أن في محافظة تولتشا شرقي رومانيا وحدها استفاد أكثر من 300 طفل باتوا عرضة لخطر الانفصال عن الأسرة من مشروع أوروبي تقوم مؤسسة سيرا رومانيا بتنفيذه ..وهذا العدد أكبر مما كان متوقعا ما يعني أن تطوير مثل هذه البرامج أمر لا بد منه .. وفي غضون ذلك دعونا نبقى بجانب أطفالنا .