دورية النحل في مدينة بوخارست
يمكن اعتبار بوخارست خلية نحل ضخمة. فبين الجدران الخرسانية أو بين أوراق الأشجار الكثيفة توجد أقراص عسل
Diana Baetelu, 02.10.2024, 15:30
يمكن اعتبار بوخارست خلية نحل ضخمة. فبين الجدران الخرسانية أو بين أوراق الأشجار الكثيفة توجد أقراص عسل . فالنحل يأخذ من فتحات تهوية المباني السكنية والمؤسسات وكذلك من الأشجار والحدائق وحتى من المقابر مآو آمنة مناسبة لصنع الشمع. قراص العاملون في خدمة الطوارئ يتلقون مرارا اتصالات هاتفية يطالب فيها المواطنون المساعدة من أجل التخلص من هذه الحشرات .
ولهذا السبب قامت مجموعة من النحالين المتطوعين بإنشاء دورية أطلقوا عليها دورية النحل بهدف حماية الناس من النحل وأيضا لحماية النحل من الناس. الدورية تسهل التواصل بين المواطنين ومربي النحل المتطوعين الذين يقومون باستخراج أسراب النحل غير المرغوب فيها أو تلك التي تستقر في أماكن غير مناسبة في المدينة بحسب ماريان باتراشكو مؤسس الدورية:”كل حالة نواجهها لها خصائصها التي تميزها عن غيرها وإن بدت كل الحالات متشابهة للوهلة الأولى.
بصورة عامة يجلس النحل على أغصان الأشجار على ارتفاع منخفض ولكن في بعض الأحيان يجلس على ارتفاع عال. ذات مرة استدعينا إلى كاتدرائية وحدة الأمة بعد أن لاحظ عمال البناء وجود أعشاش نحل خلف العناصر الزخرفية على ارتفاع خمسين مترا. فما كان لنا إلا أن نشهد بوجود النحل في ذلك المكان ليس إلا . لم يكن بإمكاننا كسر الخرسانة لاستخراج النحل فتركنا النحل حيث كان لأنه لا يؤذي أحدا . فنحن مربو نحل وليس قتلة نحل. لكن كانت دهشتنا كبيرة ونحن نشاهد تلك الأعشاش على ارتفاع خمسين مترا.
كذلك هناك عائلات نحل كثيرة في مبنى البرلمان حيث تصنع الشمع والأقراص بلا كلل. وفي بعض الأحيان ترحل أسراب منها فيأخذها زملاؤنا في الدورية . في أحد المبانى في شارع فيكتوريا كان هناك قرص عسل ضخم بلغ ارتفاعه مترا وثمانين سنتمترا . فكان النحل يعيش هناك منذ خمس سنوات على الأقل بحسب سكان العمارة ولم يزعج أحدا. وفي منزل مهجور في قرية بلومبيتا وجدنا عشرين قرص عسل وفي مكان آخر بالقرب من بوخارست وجدنا أقراص عسل في نافذة بيت مهجور وفيها حوالي مائة كيلوغرام من العسل . ومن المؤسف جدا أن هذا العسل القيم والمفيد يضيع ولا يستثمر. “
النحل الذي يعيش في بوخارست يكون أكثر سعادة وارتياحا من النحل الذي يعيش في الريف رغم حركة المرور الخانقة في العاصمة . الخبراء يفسرون ذلك بالإشارة إلى جودة الطعام الذي يحصل عليه النحل في بوخارست . فالمساحات الخضراء في المدينة ليست مسمومة بالمبيدات الحشرية أو مبيدات الأعشاب.
وقال ماريان باتراشكو أن بيئة المدن أصبحت صديقة لعائلات النحل أكثر من بيئة الريف وتوفر لها الغذاء والرحيق باستمرار من الأزهار الموسمية التي تزرع في حدائقها وساحاتها العامة طوال السنة والتي تسقى من الربيع حتى أواخر الخريف “. وأضاف يقول : “جودة حياة النحل أفضل في المدن الكبرى مقارنة بالمناطق الريفية لأن البلديات تعتني بالمساحات الخضراء وتزرع فيها الزهور الموسمية وتسقيها وهو ما لا ينطبق على المناطق الريفية. والحقيقة أن المدينة أصبحت بمثابة جنة للنحل عكس المناطق الريفية حيث تستخدم المبيدات بشكل مفرط هذا بالإضافة إلى الجفاف وتداعيات تغير المناخ التي تعاني منها المناطق الريفية فكل هذا أدى إلى تردي ظروف الحياة في الريف بالنسبة للنحل لتصبح المدينة هي البديل .”
نصيحة دورية النحل لسكان بوخارست ألا يحاولوا طرد النحل بأنفسهم بل أن يطلبوا المساعدة: شريط “يجب عليهم إخطار السلطات. دوريتنا تعمل في بوخارست وقطاع إلفوف الزراعي المحيط بالعاصمة منذ ست سنوات ولدينا موقع على شبكة الإنترنت. النحل يمكن أن يكون صديقا لنا شريطة أن نعامله بصداقة وأن نتذكر دائما أنه إذا انقرض النحل فإن الحياة على كوكب الأرض سنزول . لذا فإذا كنتم بحاجة إلى المساعدة اتصلوا بالسلطات أو مربي النحل أو بخدمة الطوارئ على الرقم 112.
خلال فترات التطريد نتلقى ما بين ثلاثين وأربعين اتصالا يوميا وقد يصل عدد الاتصالات إلى مائة في بوخارست وقطاع إلفوف فقط في أوقات الذروة وفي تلك الفترات يكون أهم شيء بالنسبة لنا ألا تتعرض حياة النحالين وعناصر فرق التدخل للخطر.. فالتطريد ظاهرة طبيعية كما هو استقرار النحل في مكان آخر. لكن هل لديكم علم بأن يكون النحل قد سبب مشاكل في مكان ما؟ طبعا لا .فالنحل لا يزعج أحدا ما لم يزعجه أحد.”
يعتقد ماريان باتراشكو أن عسل النحل يمكن أن يصبح علامة تجارية للعاصمة: “كانت المنطقة المطلة على نهر الدانوب موطننا للنحل منذ القدم فقد أشار هيرودوت في كتاباته إلى كثرة وكثافة أسراب النحل في المنطقة . وفي القرون الوسطى كان عسل النحل والشمع يقدمان جزية بدلا من المال وكانت ثلاثة من كل خمسة منازل تملك خلايا نحل .أما الآن أو منذ ثلاثين عاما على الأقل فنلاحظ أن الناس يخشون النحل بشكل غير مبرر . لذا فأقول مرة أخرى إن النحل جزء من حياتنا ويجب أن نعامله بشكل طبيعي وأن نتعلم كيف نتعايش معه .ʺ
تذوقت إحدى زبونات الدورية العسل “البري” الذي يصنعه نحل بوخارست وقالت إنه لذيذ جدا.