درس التربية الدينية في المدارس الرومانية
التربية الدينية – التي يتم تدريسُها خفي التعليم ما قبل الجامعي، مِنَ الصف التمهيدي إلى الصفِ الثانيَ عشر- كانت، كَمَادَةٍ مِنَ المواد الدراسية، مَحَلَ نِزاعٍ بالنسبة لبعضِ أولياء الأمور وجُزْءٍ مِنَ المُجتَمَعِ المدني، المُدَعِينَ بالحريةِ الدينية
România Internațional, 22.10.2014, 18:23
هناك أولياءُ أُمُورٍ يُرِيدُونَ سحبَ أطفالِهِمْ مِنْ درس التربيةِ الدينية، مُبَرِرِينَ قرارَهُمْ بِانْتِمَائِهِمْ إلى دِينٍ آخرَ غيرَ دِينِ الأغلبية أو بِكَوْنِهِمْ لا أدْريِينَ، أو قائلين بأن بعضَ الدُروس في الكتابِ المَدرسي قد تُسِيءُ للطفل. ولكنْ، هل ذلك مسموحٌ به في القانون؟ وإنْ كان الأمرُ كذلك، إلى أَيِ مَدَى يُمْكِنُ تطبيقُه بِسُهولة؟ بادرتِ الجمعيةُ العِلمانيةُ الإنسانية، باختصار آسور، بِحَمْلَةٍ لِتَوْضِيحِ هذه الأمور. بِوَسْعِ أولياءِ الأمور، مِنَ الناحية القانونية، سَحْبُ أطفالِهِم مِنْ دَرْسِ التربية الدينية. ولكنْ، هل تُتِيحُ المدرسةُ لَهُمْ خَيارا بَديلا؟ هل يَستطيعون مُتابعةَ درسٍ آخَرَ أو هل يُمْكِنُهُمْ، على الأقل، قضاءُ تلك الساعةِ في صالةٍ أخرى، تحت مُراقَبة، إذا كانوا صِغارا؟ للعثور على جوابٍ لهذه الأسئلة، تَحَدَثَتِ الجمعيةُ العِلمانيةُ الإنسانية إلى أولياءِ الأمور والكوادر التعليمية على حِدَة. فيما يلي، تَقُولُ لنا مونيكا بيليتسوي ، المُديرةُ التنفيذيةُ للجمعية، ما تم اكتشافُه:
” العديدُ مِنْ أولياءِ الأُمور كانوا مُندهشين، لأنهم لم يَكُونُوا يَعْلَمُونَ ما كان منصوصا عليه في القانون، وأنه بِوَسْعِهِمْ سحبُ أطفالِهم مِنْ دَرْسِ التربية الدينية. هؤلاءِ الذين اختاروا، بِشَكْلٍ عام، سَحبَ أطفالِهِمْ مِنَ الدرس إما كانوا يَعْتَنِقُون دِينا آخر، إما كانوا غيرَ مُوافِقِينَ على المواضيع التي كانت تُدرَسُ في تلك الساعة. في بدايةِ كُلِ عامٍ دراسي، نظمنا حملاتٍ إعلاميةً حول نُصوص القانون في عِدَةِ مدارسَ وحتى مَعَ المُدِيرِين. البعضُ مِنْهُمْ مُوافِقون ولكنَ البعضَ الآخرَ يقولون إننا لَمْ نَفْهَمْ نحن جيدا القانون. أكثرَ مِنْ ذلك، هناك مُديرون لبعض المدارسِ يقولون إنهم لا يَستطيعون السماحَ للأطفال بِعَدَمِ مُتابَعَةِ دَرْسِ التربية الدينية عندما يجري هذا في مُنْتَصَفِ اليوم، إذ ليست لَدَيْهِمْ قاعاتٌ يُمْكِنُهُمْ إرسالُهُمْ إليها للبقاءِ فيها أثناء ذلك الدرس. حتى وإنْ تَمَ سَحْبُهُمْ مِنْ درس التربية الدينية، هُمْ مُضْطَرُونَ إلى البقاء في الصف. ثمةَ أولياءُ أمورٍ يتفاهمون مع المُعَلِمِينَ كَيْ يبقى أطفالُهُمْ في المكتبة اثناء تلك الساعة”.
في نفس الوقت، تعترف الكوادرُ التعليميةُ وكذلك ممثلو مفتشيات بِحُرِيَةِ أولياءِ الأمور والأطفالِ في عَدَمِ مُتابَعَةِ دَرْسِ التربية الدينية، رغم أنها مادةٌ إجباريةٌ في قانون التعليم وليستْ اختيارية. ميهاييلا غيتسيو، مُعَلِمَةُ التربية الدينية في المدرسة الثاوية يون نيكولتشي ببوخارست:
” التربيةُ الدينيةُ تُعَدُ، إلى جانب مَوادَ أخرى، مِنَ المواد الإجبارية. إنَ ما اُعتُبِر بأنه اختياريٌ هو في الحقيقة فرصةٌ ممنوحةٌ للأطفال لعدم المُشارَكَةِ في درس التربية الدينية إذا كانوا مِنْ طائفةٍ أُخرى أو لهم دِينٌ آخر. إذن، يُمْكِنُهُمْ المشاركةُ في درس التربية الدينية الخاصِ بِهِمْ، في المكان الذي يُنَظَمُ فيه ذلك الدرس. هناك برنامجٌ مُحَدَدٌ للعبادة الأرثوذوكسية وبَرنامجٌ آخرُ لطائفةِ الروم الكاثوليك، إلى جانب غيرِها مِنَ البرامج. كافةُ هذه البرامجِ مُوافَقٌ عليها مِنْ وِزارةِ التربية. في حالِ عَدَمِ رغبة أولياءِ الأمور في مُتابعة أطفالِهم لدرسِ التربية الدينية، طبعا لَهُمُ الحقُ في سَحْبِهِمْ مِنْ ذلك الدرس بِناءً على الحُرية الدينية، لأنَ قانونَ التعليم مُتطابِقٌ مع دستور رومانيا. لذا، مِنَ الواضح أَنَ المُعَدَلَ العامَ للفَصلِ الدراسي يُحسَبُ بِمُعَدَلٍ ناقِص”.
على سبيل المثال، التلاميذُ الروم الكاثوليك أوِ المُسْلِمون بوسعِهِم الانسحابُ مِنْ درس التربية الدينية إذا كانتْ هذه المادةُ تُدْرَسُ فِي مَدرستِهم طبقا للطائفة الأرثوذوكسية المَسيحية. يجوزُ للتلاميذ عَدمُ المشاركةِ، ولَكِنْ إذا ليس لَدَيْهِمْ مَكانٌ يُمكِنُهُم الذهابُ إليه، يَبْقَوْنَ في قاعة الصف. مُعَلِمَةُ التربية الدينية، ميهاييلا غيتسيو:
” عِندي تلميذٌ مُسْلِم. لا يَمْنَعُنَا أحدُ عندما نَدْرُسُ عناصرَ مُتعلقةً بِدينِهِ ألا يُقَدِمَها لنا. لَمْ ينسحبْ. وكلما رأى ذلك ضروريا، تَدَخَلَ في درسنا. لا أقوم أنا بِِحِسابِ مُعَدَلِهِ، وإنما يأتي هو بالعلاماتِ التي يحصُل عليها أثناء دَرس التربية الدينية كما يَدْرُسُهَا هو”.
لتفادي مثلِ هذه الأوضاع، اقترحتْ جمعيةُ ASUR عدمَ وضعِ درس التربية الدينية بين الدروس الأخرى ونقلُه في بدايةِ الدروس أو فِي آخرِها. وبالتالي، يُمكِنُ للطفل أَنْ يغادرَ المدرسةَ في وقتٍ مُبكِر أو أَنْ يأتيَ إليها في وَقْتٍ مُتَأَخِر، للتخلص مِنْ مُشكلة المُراقَبة. هذه المبادرةُ تحظى بدعمِ مُمَثِلِي أولياء الأمور. ميهاييلا غونا، رئيسةُ اتحادِ جمعيات أولياء الأمور:
” أعتقد أنه خَيارٌ صحيح جدا لأنَ هناك الكثيرَ مِنَ الحالات عندما لا يَسْحَبُ أولياءُ الأمور أطفالَهم مِنْ درس التربية الدينية، مهما كانتْ دوافعُهُمْ، فقط لأنَ الطفلَ يبقَى مُدَةَ ساعةٍ غيرَ مُرَاقَب. وبالتالي، كانوا يَختارون أَنْ يُشاركَ في الدرس لِسَبَبٍ بسيط، لأنَ الطفلَ يستطيعُ البقاءَ في قاعةِ الصف. أعتقد أنه مِنَ الطبيعي أن تُتَاحَ، أثناء درس التربية الدينية، لِمَنْ لا يُريد المشاركةَ فيه، الفرصةُ للمشاركةُ في درسٍ اختياري آخَر”.
بدلا مِنْ دَرس اختياري، اقترحت جمعيةُ آسور استبدالَ درسِ التربية الدينية بدرسٍ حَوْلَ تَاريخِ الأديان، كَيْ يتعرفَ التلاميذ على تنوع المُعتقداتِ الدينية. ميهاييلا غونا تدعُم هذه المُبارَدةَ، خاصةً وأنها تعتقد أن، بهذا الشكل، يُمكِن تجنبُ تدريسِ بعض الجوانب الصادمة بالنسبة للأطفال الصِغار:
” أجد أنه مِنَ المُثير أكثرَ أنْ نَتَعَلمَ تاريخَ الأديان أو أشياءَ أُخرى بدلا مِنْ طُقوس غسل المَيِت، مثلا، أو أَنْ تُجبِرَ الطفلَ للذهاب إلى الكنيسة. أريدُ أن يتعلمَ هؤالاءِ المزيدَ عما يَعْنِيهِ الدينُ عموما وأقلَ عَنِ العقائد. الكثيرُ جدا مِنَ الأطفال يَخافون أنا لربَ سيُعاقبُهم إذا لا يقولون أو لا يفعلون بعضَ الأشياء. الدِينُ يجب النظرُ إليه بِشَكْلٍ مُخْتَلِفٍ، في رَأْيِي”.
مُرَكِزَةً على أَنَ عناصرَ مِنْ تاريخِ الأديان تُدْرَسُ أثناء دَرْسِ التاريخ العام وكذلك أثناء درسِ التربية الدينية، أضافتِ المعلمةُ ميهاييلا غيتسيو:
“الدينُ يقترحُ قِيَمًا ويُطَوِرُ فضائلَ ويُوَجِه الأطفالَ نحو التَقَرُبِ مِنْ أمثالِهِمْ. ومن جِهَةٍ أخرى، يستحيلُ التحدثُ عَنِ الفضائل دُون التحدُثِ عَنِ الخطايا. تقول جمعيةُ آسور بأنه لا ينبغي التحدثُ عَنِ العقوبات والجَهَنَمِ أوِ الموت. في العوائل التقليدية، عندما يكون الأجدادُ على وشك الموت، كان الأطفالُ يُحْضَرُونَ أمامَهم لِطَلَبِ المَغْفِرَة. هذا شيءٌ يُعَدُ جُزءا مِنْ طبيعة الحياة. يُمكِن لأولياءِ الأمور أَنْ يتَكلموا مَعَ أطفالِهم عَنْ هذه القضايا التي سيوُاجِهُونها عاجلا أو آجِلا في عائلاتِهم نفسِها”.
أكانتِ الأسبابُ مُؤيدةً أو مُعارِضَةً لتدريسِ التربية الدينية في نظام التعليمِ العِلماني والعام، إن النِقاش حول هذه القضيةِ يزداد حِدة أكثرَ فأكثر. والدليل على ذلك المبادرةُ البرلمانيةُ الحديثةُ في استبدالِ درس التربية الدينية بدرسٍ للأخلاق والثقافة الوطنية.