حول الهوية الوطنية والثقافة في عام الذكرى المئوية
في العام الذي يصادف الذكرى المئوية للوحدة الرومانية الكبرى في 1 دسمبر/كانون الأول عام 1918، والذي يصادف أيضا العام الأوروبي للتراث، يتمحور استطلاع استهلاك الرومانيين الثقافي حول تصورات الرومانيين الخاصة بالهوية والحفاظ على التراث وبالممارسات الثقافية
Christine Leșcu, 12.06.2018, 18:09
في العام الذي يصادف الذكرى المئوية للوحدة الرومانية الكبرى في 1 دسمبر/كانون الأول عام 1918، والذي يصادف أيضا العام الأوروبي للتراث، يتمحور استطلاع استهلاك الرومانيين الثقافي حول تصورات الرومانيين الخاصة بالهوية والحفاظ على التراث وبالممارسات الثقافية الحالية. دراسةٌ سنوية تصدر من المعهد الوطني للبحث والتأهيل الثقافي توفر لنا نتائج قد تفاجئ الذين كانوا يتوقعون أن مستوى معرفة الرومانيين بأهمية هذه الذكرى المئوية أعلى من الواقع. (Carmen Croitoru) مديرة المعهد الوطني للبحث والتأهيل الثقافي ، قالت لنا:
المعطيات المرتبطة بتصور الناس في المناسبتين لا تتفق مع المتوقع. حقيقة أن أكثر من نصف الرومانيين لا يستطيعون أن يجدوا أنفسم بموضوع الذكرى المئوية لا تفاجئنا، وإنما تشير إلى أفق انتظار غير مهيأ مسبقا. بالنسبة لنا، من الواضح أن المعطيات ناتجة عن شيء آخر ولذلك لا نلوم أبدا الرومانيين الذين لا يقرؤون ولا يعرفون المناسبات والتائهين من ناحية ثقافة. من الواضح أن الاتجاه الإيجابي لا يمكن أن يتنج عن غياب الأهداف الإستراتجية والإدراكية.
في استطلاع هذه السنة، سجل الباحثون الإجابات العفوية المقدمة عند سؤال: ما هو أول شيء تفكر فيه عندما تسمع كلمات الذكرى المئوية للوحدة الكبرى؟ 47% من المجيبين قالوا لا أعرف، و8% فضلوا ألا يجيبوا بينما عبر 45% منهم عن آراء مختلفة في ما يخص اتحاد ترانسيلفانيا مع المملكة الرومانية في 1 دسمبر/كانون الأول عام 1918. وبالتالي، يقول أصحاب الدراسة أن رأيا واضحا لا يوجد في التصور العام بشأن معنى هذه مناسبة. في هذه الظروف، ما هو دور الذكرى المئوية كرمز في كيفية بناء الناس لهويتهم المحلية أو القومية؟ تجيب (Anda Becuț Marinescu)، مديرة البحث في المعهد الوطني للبحث والتأهيل الثقافي ، قائلة لنا:
في هذا السياق، أهمية الذكرى المئوية مرتبطة بأحداث ذات أهمية لمجتمع محلي معين. على سبيل المثال، توجد في مختلف المدن معالم تذكارية للأبطال المقتولين في الحرب من ذلك المكان. بقدر ما تجري أحداث حول هذا النوع من المعالم التذكارية، قد يتفاعل الناس معها. يمكن أن تكون هذه الأحداث احتفالية، لأن الاحتفالات تحتل المرتبة الأولى من حيث الأفضليات، أو يمكن أن تكون تذكارية.
فعلا، يفاجئنا استطلاع الاهتلاك الثقافي لهذه السنة بأن 65% من الرومانيين يربطون هويتهم خصوصا بالانتماء إلى القرية أو المدينة التي يعيشون فيها. ويحتل الانتماء إلى الوطن المرتبة الثالثة بما يخص الهوية. ويقول عالم الأنثروبولوجيا (Vintilă Mihăilescu) إن هذه المفاجأة سارة.
كان مثيرا للاهتمام التعرف على الذات– ماذا تمثل أولا: رومانيا أو أولتيانيا أو قرية معينة؟ واختصار معظم الإجابات هو: أنا إنسان من ساكني هذه المنطقة. ويظهر كذلك الانتماء إلى الهوية الأوروبية – بنسبة 6% أو 7% – الذي لم يظهر سابقا. ولكنني أرى أن هذه النهضة للروح المحلية أمر مهم جدا. تتم إعادة تقدير الخصوصيات المحلية وهذا الأمر يسرني.
في هذه الظروف، من المتوقع أن يكون التراث المادي المحلي أولوية للرومانيين. ويأكد ذلك المجيبون: 82% يعتبرون أن التراث الثقافي مهم بالنسبة لهم شخصيا، و78% يعتبرون أنه مهم للمجتمع المحلي. ولكن 31% فقط من المجيبين على المستوى الوطني قالوا إنهم زاروا مرة واحدة في السنة على الأقل مكانا مهما من ناحية ثقافية. ومجيبا لسؤال من يزور فعلا هذه الأماكن الثقافية، يفيد الاستطلاع أن الزوار بشكل عام هم من إيناث بين سن ال50 وال64 بمستوى تعليم متوسط وبدخل أسري صاف أعلى من المتوسط.
ولكن تظهر أوضح التناقضات بشأن التصورات الخاصة بالتراث غير المادي أي التقاليد الشعبية. 90% من الرومانيين يعتبرون أن العادات والتقاليد تحتل موقعا مهما في المجتمع الروماني و82% يعتقدون أن احترامها يساهم في بناء مستقبل أفضل لمجتمعهم ولكن 50% يعتقدون كذلك أنها تمنع تطور المجتمع. وتعتقد (Anda Becuț Marinescu) أن تفسير ذلك هو التوتر بين القديم والجديد، بين الحفاظ على التراث والحاجة إلى الحداثة، ويضيف (Vintilă Mihăilescu) قائلا:
هذا هو الواقع. عندنا احترام للتقاليد، ولكن تقدير الحداثة يفوقه. هذا الأمر طبيعي. إذا ذهبتم إلى قرية وأردتم أن تعيدوا الحياة التقاليد المحلية القديمة، فلا تتوقعوا أن كل الناس سيتحمسون. قد يكون لطفاء، ولكن سيسخرون منكم في أنفسهم ولن يفعلوا شيئا. يوجد تناقض بين التقليدية والحداثة. قد يتقاربا في المستقبل ولكننا يجب أن نعي الفرضية التي يثبتها هذا الاستطلاع.
إضافة إلى ذلك يجب أن تعي السياسة الثقافية واستراتيجيات الاتصال هذه الصورة العامة للرومانيين بعد قرن من الوحدة الكبرى.