الاستدامة في ريادة الأعمال
نظمت جمعية "سفارة الاستدامة" في بوخارست مؤتمر " سوستنلانديا" حول الاستدامة
Diana Baetelu, 23.10.2024, 14:20
نظمت جمعية “سفارة الاستدامة” في بوخارست مؤتمر ” سوستنلانديا” حول الاستدامة . الرسالة الرئيسية التي نقلها المشاركون إلى الحاضرين ودارت حولها المنافشات مفادها أن زمن الرأسمالية القديمة التي كانت تعطي رأس المال الأولوية المطلقة باعتباره محركا أساسيا لريادة الأعمال قد ولى إلى غير رجعة. وخلص المؤتمر إلى أن رجال الأعمال الذين يرفضون التكيف مع التحولات الراهنة والعمل وفق المعايير الجديدة سيخرجون من السوق لا محالة . وقد شدد المتحدثون على ضرورة أن تأخذ الشركات على عاتقها مسؤوليات إضافية تتجاوز الحسابات المالية الضيقة وأن تهتم بتحقيق أهداف جديدة تتماشى مع تحديات أزمة المناخ وتداعياتها على حياة البشر . أهداف سيصب تحقيقها في مصلحة المجتمعات البشرية والبيئة المحيطة المتضررة جراء تغير المناخ .
وقد صعدت إلى خشبة المسرح ثلاث شخصيات مشهورة عالميا في مجال الاستدامة إلى جانب مسؤولين في شركات رومانية كبرى.
جون إلكينغتون الذي يعتبر “الأب الروحي للاستدامة” والخبير في مجال مسؤولية الشركات ومؤلف أكثر من عشرين كتابا هي ثمرة خبرة تمتد لأكثر من نصف القرن كان واحدا من المتحدثين في المؤتمر. وتطرق جون إلكينغتون إلى مدى استدامة أساليب إدارة الأعمال التي تتبعها الشركات الرومانية : ” كانت رومانيا معورفة في الماضي بصناعة استخراج النفط وهي صناعة واجهت تحديات في الماضي وستواجه المزيد من التحديات في المستقبل. الزراعة هي قطاع آخر لا يزال يتعايش فيه المزارعون الذين يمارسون الزراعة المكثفة على الطريقة القديمة باستخدام المبيدات والأسمدة جنبا إلى جنب مع المزارعين الذين يتجهون نحو الزراعة العضوية”.
يبدو أن سوق الأعمال في رومانيا لا تزال تعمل بقاعدة اللعبة التي محصلتها صفر. وأردف جون إلكينغتون قائلا : “إنه أمر مفهوم في بلد كرومانيا واقتصاد كالاتصاد الروماني الذي كان حتى وقت غير بعيد ينظر إلى القيمة وسبل تحقيقها من زاوية مختلفة تماما. ولكن تبين في غضون ذلك أن الناس أدركوا ضرورة تغيير طريقة تحقيق الربح لجعلها أكثر فعالية وأكثر جاذبية للمستثمرين بما فيهم الأجناب . وبالتالي فقد بدأت الشركات تعمل على تغيير طريقة إدارة أعمالها .أما إذا نظرنا إلى مناطق أخرى في العالم فإن ما دفع الناس إلى تغيير طريقة إدارة الأعمال هي الكوارث الطبيعية وحالات طوارئ التي كانت لها آثار خطيرة على الأعمال.
“وفي كثير من الأحيان عملت شخصيا مع شركات كانت قد مرت بمثل هذه التجارب أو شاهدت شخصيا شركات تواجه مشاكل كبيرة. ولكن الأمور تغيرت ومن المحتمل أن تكون قد تغيرت في رومانيا أيضا بمعنى أن الشركات بدلا من أن تعتبر التغيير مجرد وسيلة لإدارة المخاطر بدأت ترى فيه فرصة سانحة للتغيير مواكبة لمتطلبات السوق كما بدأت تتساءل كيف يمكنها أن تتخذ تدابير استباقية مواكبة للتطورات المحتملة وكيف يمكنها خدمة فئات جديدة من المستهلكين والعملاء والمستثمرين ؟ لكن ليس الجميع يفكر بهذه الطريقة. فكثيرون ممن يديرون أعمالهم على الطريقة التقليدية الموجهة حصريا إلى تحقيق الربح لن يغيروا شيئا وسيسيرون على النهج القديم إلى أن يتركوا العمل وذلك فقط حينما يحالون إلى التقاعد أو يرحلون عن الدنيا . لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف يمكننا تسريع عملية وضع الشباب في مناصب مؤثرة وثم في مناصب صنع القرار وكلنا يعلم أن الشباب أكثر وعيا بما يجري في العالم من حولهم من تطورات .”
قامت بإدارة المناقشات تشارلي كوكس مؤسسة شركة بريطانية تساعد قيادات الشركات على استيعاب العقليات التي تحتاجها من أجل العمل على مواجهة تغير المناخ . وقد سئلت عن العوامل التي تحفز إصلاح طريقة إدارة الأعمال ووضع البيئة على رأس قائمة الأولويات قالت :” الدافع هو العامل الأول وهو مرتبط بالقيم الجوهرية للناس وأهدافهم ونسيجهم الأخلاقي. هناك عاملان آخران هما الخوف والأهمية اللذان يمكن اعتبارهما وجهين لعملة واحدة. فالخوف يؤدي إلى تفعيل الشعور بوجود تهديد ما أو بأن شيئا ما قد يحدث ما لم نقم بالتغييرات الضرورية . عندها تتساءل عما هي المخاطر التي قد تتعرض لها أعمالك إذا جلست متفرجا ولم تفعل شيئا ؟
“على سبيل المثال هناك شركات قديمة تم تأسيسها قبل ثلاثين عاما اعتقدنا أنها ستظل في السوق إلى الأبد ولكن الحقيقة أنها أصبحت متخلفة عن الركب في ضوء التقدم التكنولوجي . فالمهم هو تذكير الناس بأنهم إما أن يلتزموا بمتطلبات التجديد وإما أن يصبحوا متخلفين عن الركب. العامل الثالث هو الأهمية بمعنى مساعدة الشركات على الشعور بأنها ستظل مهمة وستكون طرفا في حركة التغيير شريطة أن تقوم هي الأخرى بالتغييرات الضرورية .بعبارة أخرى فبدلا من أن تصبح متخلفة عن الكرب ستكون لها فرصة الانضمام إلى مساعي التغيير. ولكن لتحقيق هذا الهدف لا بد من إعطاء قيادات الشركات البيانات والمعطيات الضرورية حول الاتجاهات الراهنة ذلك لكي تتأكد من أنها تسير في ذات الاتجاه الذي يسير فيه الجميع .”
واين فيسر وهو أحد أفضل مائة قائد فكري في كلية هارفارد شارك أيضا في المؤتمر حول الاستدامة الذي انعقد في بوخارست مؤخرا . ويعتقد فيسر أنه لا يمكن لأحد أن يغير العالم بمفرده ومع ذلك يستطيع كل منا أن يغير العالم الخاص به ضمن دائرة نفوذه الشخصي : “أعتقد أن التدابير والأعمال المحلية يمكن أن تكون هامة للغاية بهذا الصدد فإذا نظرنا إلى إنجازات بعض من رؤساء البلديات في مواجهة تغير المناخ ندرك أن أعمالهم كانت أكثر فعالية بكثير مما قامت به بعض الحكومات أو مؤسسات التعاون الدولي. وهذا مفهوم لأن رؤساء البلديات يمكنهم تقييم لتداعيات تغير المناخ محليا بشكل مباشر ولديهم ما فيه كفاية من السلطان لاتخاذ القرارات وتنفيذها على وجه السرعة .
”بعبارة أخرى فإن إدارة المشاكل وإيجاد وتطبيق الحلول سيكون أسهل عليهم بكثير . ورغم أن كافة مستويات صنع القرار يجب أن تعمل من أجل تحقيق أهداف مواجهة تغير المناخ ويجب أن تتعاون وتوحد جهودها فلا أعتقد أننا بحاجة إلى انتظار صدور التشريعات ذات الصلة لكي نشرع في العمل . أو كما يقال : ” دعونا لا ندع الكمال يقف عائقا أمام تحقيق التغيير”.