أعياد سعيدة أم أعياد كئيبة؟
اكتئاف الأعياد هو اضطراب للمزاج يمكن أن يصيب أي شخص في مرحلة ما من حياته
Diana Baetelu, 11.12.2023, 15:11
خمسة بالمائة من سكان العالم يعانون من الاكتئاب وهذه النسبة قد تكون أعلى مما تظهره الإحصاءات . ذلك أن هذه الحالة غير مشخصة بشكل رسمي لدى آخرن كثيرين بحسب ما جاء في مقال نشرته مجلة “فوربز” الأمريكية قدمت فيه بيانات أخرى لافتة حول هذا المرض النفسي الصامت والخطير للغاية . فقد أوضحت المجلة أن الاكتئاف يصيب سكان العالم بشكل غير متناسب بحيث تكون النساء وذوو البشرة السمراء فضلا عن شعوب أمريكا اللاتينية أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بغيرهم من الفئات السكانية . مئتان وثمانون مليونا من سكان العالم يعانون من الاكتئاب وهو مرض يعتبره بعض الدراسات مرضا وراثيا .. فقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة ستانفورد أن الأشخاص الذين يعاني أقاربهم من الاكتئاب يزيد خطر إصابتهم بنفس المرض ثلاثة أضعاف مقارنة بغيرهم .. كذلك يبدو أن النساء أكثر عرضة للأكتئاب مقارنة بالرجال بسبب حجم الواجبات التي تقع على عاتقهن من الأعمال المنزلية وتربية الأطفال والاعتناء بالمسنين بالإضافة إلى مسيرتهن المهنية والتي لا تترك لهن ما فيه كفاية من الوقت للراحة والاعتناء بأنفسهن ..شيء آخر مثير للقلق هو انخفاض عمر الإصابة بأولى نوبات الاكتئاب إلى اثني عشر عاما ..
موسم الأعياد الذي يترافق عادة مع ضغط اجتماعي متزايد يمكن أن يتسبب في انهيار عصبي حتى لدى أقوى الأشخاص . تحدثنا عن الاكتئاب الموسمي مع المعالجة النفسية أدينا كينا بيرتا فقالت :”اكتئاب عطلة نهاية السنة أو ما يسمى “اكتئاب أالعياد ” هو اضطراب للمزاج يمكن أن يصيب أي شخص في مرحلة ما من حياته وتتمثل أعراضه في الشعور بالحزن وعدم الرضى خاصة قبيل حلول عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة وكذلك بعد انتهاء موسم الإعياد . أعراض الاكتئاب الرئيسية إلى جانب الشعور بالحزن هي القلق والتوتر والشعور بالوحدة والعزلة الاجتماعية. أما الأسباب فمتنوعة وتشمل الضغط النفسي المرتبط بالاستعدادات لعيد الميلاد فضلا عن الضغط الاجتماعي المرتبط بالمناسبات الاجتماعية والعائلية وما أكثرها في موسم الأعياد . ومن بين أسباب الاكتئاب الموسمي أيضا الوحدة والذكريات الحزينة عن أحداث موجعة وقعت في موسم الإعياد. فما الذي يمكننا القيام به لتجنب اكتئاب الأعياد ؟ يمكننا أن نبدأ بتحديد أهداف واقعية لكي لا نقع في مصيدة التوقعات المبالغ فيها لأن الأعياد المثالية غير موجودة في الحقيقة والواقع ليس مثلما تصوره أفلام عيد الميلاد . على سبيل المثال إذا كان شراء مستلزمات العيد والهدايا من الأمور التي قد تثقل كاهلنا في هذه الفترة من السنة فبإمكاننا التخطيط لها بعناية مع تحديد ميزانية للمشتريات والالتزام بها فضلا عن وضع جدول زمني دقيق للأعمال التي يتوجب علينا القيام بها بما فيها المشتريات . أمر آخر يساعدنا على تجنب اكتئاب الأعياد هو المشاركة في الأعمال التطوعية والخيرية لأن ذلك قد يشعرنا بالسعادة والارتياح ويساعدنا على إضفاء مغزى إنساني أعمق على موسم الأعياد . كما علينا أن نخصص وقتا للعناية بأنفسنا وأن نتبع نمط حياة صحيا في موسم الأعياد بتناول الأطعمة الصحية وتخصيص وقت كاف للراحة وممارسة الرياضة .. فالنشاط البدني المنتظم يمكن أن يحسن مزاجنا لأنه يساعد على إفراز هرمون الإندورفين في الجسم “.
لماذا يصاب بعضنا بالاكتئاب في موسم يفترض أن يكون موسما للبهجة والاسترخاء وكيف يمكننا التمييز بين الاكتئاب الموسمي في فترة الإعياد والاكتئاف الحقيقي؟ :” الاكتئاب الموسمي يختلف عن الاكتئاب الحقيقي فالأخير يعرف أيضا بالاكتئاب الشديد وهو مرض عقلي أكثر خطورة يتميز باستمرار أعراض معينة لفترة طويلة ومن بينها الشعور بالحزن والكآبة إضافة إلى فقدان الاهتمام بالأعمال والأنشطة المعتادة والتغيرات في الوزن والنوم فضلا عن الإرهاق وصعوبة التركيز وحتى الأفكار الانتحارية. الاكتئاب الحقيقي لا يتأثر بالعوامل الموسمية كالأحوال الجوية على سبيل المثال ويصيب الفرد في أي وقت من السنة. ولكن ظهور هذه الأعراض عليك أو على أحد أقاربك في موسم الأعياد يجب أن يؤخذ على محمل الجد ولا بد من طلب المساعدة من أحد أخصائي الصحة العقلية كطبيب الأمراض النفسية أو العقلية للحصول على الدعم والعلاج المناسب. ليس مستبعدا أن يصاب بعض الأشخاص ببعض من أعراض الاكتئاب في موسم الأعياد وإن كانوا لا يعانون من الاكتئاب أصلا ذلك أن الاستعدادات للمناسبات العائلية والاجتماعية العديدة تضع ضعظا إضافيا عليهم أو تذكرهم بأحداث حزينة في حياتهم أوتشعرهم بالوحدة ما يمكن أن يؤدي إلى ظهور علامات الاكتائب لدى البعض أو تفاقم الأعراض إن وجدت إصلا لدى البعض الآخر . وكما قلت آنفا فإن علامات اكتئاب الأعياد يمكن أن تظهر حتى على الأشخاص الذين لا يعانون من الاكتئاب الحقيقي .لذا فمن الضروري أن نفرق بين الشعور بالانزعاج وعدم الرضى بشكل مؤقت في موسم الأعياد والاكتئاب الحقيقي الذي يقتضي استشارة الطبيب والحصول على العلاج المناسب.”
ما الذي يمكننا القيام به لتحسين مزاجنا في موسم الأعياد؟ : “إذا كنت تعاني من الاكتئاب الموسمي إليك بعض النصائح التي قد تساعدك. احترم احتياجاتك العاطفية واستمع إلى جسدك وعقلك. إذا كنت تشعر بالحاجة إلى الراحة أو لبعض الوقت لنفسك فامنح نفسك ذلك الوقت دون أن تشعر بالذنب.. ثم خطط لأنشطة خارج المنزل حتى في الأيام الباردة أو خاصة في الأيام الباردة لأن قضاء الوقت في الخارج يمكن أن يحسن مزاجك بشكل كبير فاستمتع بالضوء الطبيعي قدر المستطاع .”
“اتتع روتينا يوميا منتظما يتضمن ساعات النوم الكافية والطعام الصحي وممارسة الرياضة. تناول الأطعمة الغنية بالعناصر الغذائية مثل الفواكه والخضروات والبروتينات الخالية من الدهون والحبوب الكاملة. النشاط البدني المنتظم يمكن أن يساعد على إفراز هرمون الإندورفين الذي يحسن المزاج. التواصل أيضا مهم للغاية فحدث الأصدقاء وأفراد العائلة عن مشاعرك لأن مشاركة الأفكار يمكن أن تساعدك على الحصول على الراحة النفسية والدعم. إبق على تواصل مع الأشخاص الذين تحبهم بشكل مباشر أو عبر الإنترنت. قم بإعداد قائمة بالأنشطة التي تسعدك كالقراءة والاستماع إلى الموسيقى والطبخ والرقص وحاول ضم تلك الأنشطة إلى برنامجك اليومي . أما إذا انتابتك الأفكار السلبية فعليك أن تستخدم تقنيات التفكير الإيجابي أو تقنيات اليقظة الذهنية التي تساعد على التغلب على الأفكار السوداء . ولكن إذا استمرت الأعراض لمدة أطول أو تفاقمت فعليك استشارة أخصائي الصحة العقلية للحصول على الدعم والمساعدة على إدارة الاكتئاب الموسمي.”