لقاء مع السفير دان ستوينيسكو
نستضيف سعادة السيد/ دان ستوينيسكو، سفير رومانيا في تونس، الذي وجه تحية عبر أثير إذاعتنا للعالم العربي والإسلامي بمناسبة عيد الأضحى المبارك
Bashar Kishawi (بشار القيشاوي), 04.09.2017, 16:53
ضيف اليوم، هو سعادة السيد/ دان ستوينيسكو، سفير رومانيا في تونس، (المولود في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 1980، في مدينة كونستانتسا الساحلية)، جنوب شرقي رومانيا، والتي تعد بيئة متعددة القوميات والعرقيات والثقافات والديانات، لتشكل نسيجاً اجتماعياً فريداً من نوعه، ليس في رومانيا فحسب، بل وربما في أوروبا، ونموذجاً للتعايش السلمي، يحتذى به، بحيث أصبح مضرباً للمثل. لذلك، كان لهذه البيئة التعددية، دور في تشكيل الدبلوماسي الشاب، المختص في العالم العربي والهجرة، الذي عمل كمحاضر في جامعة بوخارست والمعهد الدبلوماسي الروماني. ومن المعروف عن ضيفنا، طوال مسيرته المهنية، أنه كان من أشد المدافعين عن حقوق الرومانيين في الشتات، ومن دعاة الحفاظ على اللغة والثقافة والهوية الرومانية في الخارج.
السفير دان ستوينيسكو، كان قد شغل خلال الفترى من 17 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 إلى 7 يوليو/ تموز 2016، منصب الوزير المفوض أو المنتدب للعلاقات مع الرومانيين في الشتات، في حكومة رئيس الوزراء السابق، التكنوقراطي/ داتشيان تشولوش.
السفير دان ستوينيسكو، تخرج في عام 2003 من كلية “أوستن” في ولاية تكساس، الولايات المتحدة الأمريكية، وحصل على درجة البكالوريوس في الدراسات الدولية، وفي عام 2005 حصل على درجة الماجستير في مجال العولمة والتنمية من جامعة وارويك في المملكة المتحدة. كما واصل دان ستوينيسكو دراساته العليا، بعد التخرج، في مجال الهجرة القسرية، وتابعها بدراسات حول الهجرة واللاجئين في الجامعة الأمريكية في القاهرة (2006)، كما حصل على شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية من جامعة بوخارست (2009). أما موضوع أطروحته، فكان “القومية العربية الحديثة والهوية الإسلامية بعد عام 1987”. أما اهتماماته الأكاديمية، فتشمل العالم العربي، والشرق الأوسط، والقومية العربية والهوية الإسلامية. وبالمثل أيضاً أجرى دورات في كلية الأمن والدفاع الأوروبية في بروكسل، وفي معهد “كلينغندايل” الهولندي للعلاقات الدولية في لاهاي، وفي معهد “ماتياس روميرو” في سيوداد دي مكسيكو، وفي معهد “الصيفي” للغة العربية في بيروت. وله العديد من المؤلفات والمقالات حول الوطن العربي والعالم الإسلامي.
شغل منصب دبلوماسي في مدريد وفي بيروت، وكان رئيس اتحاد المعاهد الأوروبية الوطنية للثقافة EUNIC))، لفترتين على التوالي، كممثل للمعهد الثقافي الروماني. وخلال الفترة 2009-2010 عمل في قسم العلاقات مع الرومانيين في كل مكان في إطار وزارة الشؤون الخارجية. وابتداءً من سبتمبر/ أيلول 2015 كان مسؤولا عن المدارس الرومانية في أسبانيا، وعن الشؤون الثقافة والعلاقات متعددة الأطراف في سفارة رومانيا في اسبانيا، ومن هذا المنصب عُين وزيراً منتدباً للعلاقات مع الرومانيين في كل مكان، في 17 نوفمبر / تشرين الثاني 2015، في إطار حكومة رئيس الوزراء الأسبق/ داتشيان تشيولوش.
أما قبل دخوله المجال الدبلوماسي، فقد عمل في مصر في إطار مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين (UNHCR) وكذلك في المنظمة الدولية للهجرة (IOM) في القاهرة. كما عمل أيضاً في عدد من المجلات والصحف المرموقة في رومانيا، وجمهورية مولدوفا، وبريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى لبنان ومصر. وعمل كذلك كمتطوع ومنسق لمشاريع منظمات غير حكومية، مثل منظمة الأمل الأفريقي في مصر. في عام 2000، كان من بين مؤسسي رابطة الشباب الرومانيين في الشتات، ثم أنشأ مركز التربية الديمقراطية.
سعادة السفير، مرحباً بكم!
“أشكركم على الدعوة، كما أن من السعادة بالنسبة لي أكون اليوم بجانب مستمعيكم الكرام، مستمعي قسم اللغة العربية في إذاعة صوت رومانيا العالمي”.
وكذلك بالنسبة لنا، فمن دواعي سرورنا أن نستضيفكم، لكونكم أحد أنشط سفراء رومانيا في المنطقة العربية، كما نشكركم، لأنكم بين حين وآخر، ترسلون لنا، أو تنشرون على صفحتنا في موقع “فيس بوك” للتواصل الإجتماعي، جميع الأنشطة التي تجرونها هناك.
“ليست فقط سفارة رومانيا في تونس، بل العديد من السفارات الرومانية في العالم العربي، نشيطة جداً، من جميع وجهات النظر. أما أنا فمتواجد هنا، في تونس، منذ قرابة أربعة أشهر، من شهر أبريل/ نيسان هذا العام. وأريد أن أمنح روحاً ودفعة جديدة لأنشطة السفارة، واضعاً تحت تصرف البلد خبرتي في المجال الدبلوماسي، وكذلك في العالم العربي”.
تعلمون جيداً أن تونس، كانت البلد الذي انطلق منه ما يسمى بالربيع العربي، وهذا يعني أن تونس تحظى بأهمية كبيرة بما فيه الكفاية بالنسبة لبلدان المنطقة، وكذلك بالنسبة للمجال الأوروبي… حضرتكم، كسفير لرومانيا في تونس — حتى وإن كنتم فقط منذ شهر أبريل/ نيسان، كيف ترون – وأنا أعني هنا – الوضع بعد الربيع العربي؟ وإذا كانت تونس قد تخطت هذا الربيع العربي، أو هذه المرحلة الإنتقالية، وإذا كانت تسير في المسار الصحيح؟
“تونس هي الدولة التي انطلق منها الربيع العربي، أو ثورة الياسمين في عام 2011. تونس الآن، أصبحت نموذجاً للإصلاحات الديمقراطية، التي يمكن أن تحدث في العالم العربي. إنها دولة منارة بالنسبة لهذه الإصلاحات، ورومانيا مستعدة لتقاسم خبراتها مع تونس، في المسار الإنتقالي نحو الإصلاحات الديمقراطية، وهذا ما تفعله رومانيا في هذا الإتجاه. إبتداءً من ثورة الياسمين، منحت دعماً للجانب التونسي، في عدة مجالات، ونتحدث هنا عن مجال إصلاح القضاء، كما نتحدث أيضاً عن الإصلاح على مستوى الإدارة، الإصلاح على مستوى السلطات الإنتخابية التونسية. وفي الوقت الراهن، تعمل رومانيا وتونس، على تأسيس لجنة مشتركة، ونتمنى في الأشهر المقبلة أن تجتمع اللجنة المشتركة هنا في تونس العاصمة، وسنعمل مع الجانب التونسي في عدة قطاعات: من الإقتصاد إلى التربية والثقافة، من الإصلاح الإداري إلى مسائل تتعلق بوزارة الداخلية وقوات الدرك إلى مسائل متعلقة بالبحث العلمي. نحن موجودون هنا، لنتعلم أيضاً من خبرة تونس، لأن تونس، بلد عريق، يمتد تاريخه على آلاف السنين، بلد يحظى بشعب يحظى بمستوى تعليمي عال جداً. إنها دولة يمكن لرومانيا بدورها أن تتعلم منها. فعلى سبيل المثال، في اللجان الفرعية القطاعية، ضمن إطار اللجنة المشتركة، رومانيا مهتمة جداً بالتعلم من الخبرة في خط السياحة التي تحظى بها تونس. ولكن هذا ليس سوى مثال بسيط، من بين مشاريع أخرى متعددة، يمكن أن نحظى بها مع أصدقائنا التونسيين. تونس هي دولة يجمعنا معها الكثير، على مر التاريخ. وخصوصاً أننا كنا مع تونس، ابتداءً من خضوعنا لسيطرة الإمبراطورية الرومانية، حيث كنا نمثل محافظة داتشيا، بينما كانت تونس جزءاً من محافظة أفريقيا. كما كنا معاً أيضاً تحت سيطرة الإمبراطورية العثمانية. نتقاسم الكثير من الخبرات على المستوى الثقافي، ونشعر بأننا أشد قرباً، وخاصة في السنوات الأخيرة، الطلبة التونسيون، يمثلون جسراً متيناً جداً، يربط رومانيا بتونس”.
مثلما سبق وتحدثت في بداية المقابلة عندما قدمتكم، حضرتكم من مواليد مدينة كونستانتسا، التي تمثل مجالاً متعدد الثقافات، أخذاً بالمنظور هذا الأمر، هل كان له — بشكل ما — تأثير على اختياركم لمهنتكم كدبلوماسي لاحقاً؟
“بكل تأكيد، المكان الذي ولدت فيه، مدينة كونستانتسا، تمثل مجالاً متعدد العرقيات، ومتعدد الثقافات ومتعدد المعتقدات، حيث تعيش عدة مجتمعات عرقية في سلام وانسجام. إنه مجال يتواجد فيه مجتمع مسلم منذ عدة قرون، ويعيش في وئام وسلام مع المجتمع المسيحي في رومانيا. إنه مجال للتقارب، وخصوصاً أننا موجودون في منطقة البحر الأسود، التي تمثل منطقة للتقارب بين الثقافات، بين الشرق والغرب. أما المدينة، فهي مدينة ساحلية، وميناء رئيسي، وبالتأكيد يوجد تأثير على أسلوب تفكير كل مواطن. أما اهتمامي بالعالم العربي، أتى من خلال تجربتي أثناء المرحلة الطلابية، فقد درست في الولايات المتحدة. أما عندما كنت في الولايات المتحدة، حظيت بفرصة للعمل مع عدة أساتذة من المهمتين بالشرق الأوسط، وللمرة الأولى سنحت لي الفرصة أن أذهب إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في عام 2002، إلى مصر، عبر برنامج تطوعي، لتدريس اللغة الإنجليزية للاجئين السودانيين، الذين كانوا في ذلك الوقت، في بداية الألفية الحالية، متواجدين بأعداد كبيرة في القاهرة، أخذاً بالإعتبار، الحرب في السودان، وهكذا أصبحت مهتماً بالعالم العربي”.
في نفس الوقت، أريد القول، أنني لاحظت أيضاً، أن لديكم العديد من المؤلفات والمقالات والدراسات المنشورة، فيما يتعلق بالمجال العربي والإسلامي، حيث تتحدثون حتى عن قضايا راهنة.
“نعم، أنا أعتقد أن من المهم أن تدرس المجال العربي والمجال الإسلامي، من وجهة نظر أكاديمية، أن تفهم بشكل أفضل تاريخ وثقافة هذا المجال، من أجل أن تفهم السياسية والأحداث التي تجري في هذه اللحظة، في المجال. فدون ثقافة متينة، ودون معرفة متينة لهذا المجال العربي، لا يمكن فهم الدينامية السياسية في الوقت الراهن. لقد حاولت أن أدرس بتعمق أكثر فأكثر، هذا المجال سواءً في الولايات المتحدة، أو في بريطانيا، وكذلك أيضاً في الجامعة الأميريكية في القاهرة، حيث حظيت بفرصة للعمل مع أساتذة ذائعي الصيت، بالإضافة إلى جامعة بوخارست، وأشجع جميع الشباب في رومانيا وفي الخارج، الذين يريدون التعرف، بشكل أفضل، على الوضع السياسي في العالم العربي، أن يحظوا، في الأساس، بمعرفة جيدة لدين وثقافة المجال العربي”.
وجدت فيما لاحظت وقرأت عنكم، أنكم تولون أهمية كبرى للحفاظ على الهوية الوطنية، سواءً أكانت هوية الشعب الروماني، أو شعوب أخرى، وأعتقد أن هذا الأمر يتضح من خلال ما كتبتم حول الهوية العربية، والهوية الإسلامية، وتحدثتم حتى عن الهوية الفلسطينية.
“أنا أعتبر أن الهوية مهمة جداً، مهمة جداً، للتعرف على أي شخص، وهي علامة شخصية يجب الحفاظ عليها، كما أن الثقافة واللغة تشكلان بدورهما جُزءاً من الهوية. بصفتي وزيراً للعلاقة مع الرومانيين في أنحاء العالم، فهمت مدى أهمية الحفاظ على اللغة والثقافة والهوية الوطنية، من منظور الحقيبة التي توليتها في الفترة بين 2015-2016. وبالمثل، أعتبر أننا نحن الرومانيون، وبشكل عام، أوروبا، يمكننا أن نتعلم الكثير من التجرية التاريخية للعالم العربي. أعتبر أن حواراً عابراً للمتوسط يعتبر جوهرياً حتى نتفاهم بشكل أفضل، وحتى نتقرب أكثر، ولخلق تقاربات بين أوروبا والعالم العربي. ذكرتم الهوية الفلسطينية، أعتبر أنها مسألة يجب تنميتُها، لأن لديها تاريخ مطول، أما المعرفة الجيدة بهذا التاريخ، فهي ضرورية جداً لرؤية المستقبل معاً”.
رابط التسجيل الصوتي للحلقة:
https://soundcloud.com/radioromaniainternational/gew3acasrvbb