ولاية جديدة في البيت الأبيض
عودة الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية رئاسية ثانية هو الحدث الذي تابعه العالم ببالغ الاهتمام
Diana Baetelu, 03.02.2025, 15:30
عودة الجمهوري دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لولاية رئاسية ثانية هو الحدث الذي تابعه العالم ببالغ الاهتمام في محاولة لتحديد ملامح السياسة الخارجية للإدارة الأميركية في الفقرة القادمة في الملفات ذات الأهمية الجيوستراتيجية العالمية . وقد بدأت الأمور تتضح مع إلقاء دونالد ترامب خطاب التصيب لتؤكد ما كان الجميع يتوقعه وهو أن السياسة الأمريكية القادمة ستلتزم بشعار “لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى” الذي أطلقه ترامب في ولايته الأولى. فما لبث أن وقع الرئيس ترامب منذ يومه الأول في البيت الأبيض عددا من الأموار التنفيذية التي تتماشى مع رؤيته هذه. كما أكد ترامب أن السياسة الأمريكية الرسمية لن تقبل إلا بجنسين اثنين هما الذكر والأنثى ووعد مجددا بالعمل على تخفيض التضخم وقال أن أمن أمريكا سيكون على رأس أجندته السياسية .
وتحدث ترامب أيضا عن فرض قيود على الهجرة أيا كان نوعها وأعلن حالة الطوارئ على الحدود مع المكسيك وألغى حق اللجوء وحق الحصول على الجنسية الأمريكية بالولادة لأبناء المهاجرين غير الشرعيين. من جانب آخر أعلن دونالد ترامب عن فرض رسوم جمركية على الواردات غير أنه لم يتخذ أي تدابير فورية من هذا القبيل – كما تعهد في حملته الانتخابية ولكنه طالب بإجراء تقييم للشراكات التجارية قائلا بأنه ينظر في إمكانية فرض رسوم جمركية بنسبة خمسة وعشرين بالمائة على كندا والمكسيك اعتبارا من الأول من فبراير شباط القادم. كما أعلن عن سحب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية ومن اتفاقية باريس حول المناخ فضلا عن حالة الطوارئ في مجال الطاقة في الولايات المتحدة وطالب وزارة الطاقة باسنئاف إصدار تصاريح تصدير الغاز الطبيعي المسال.
هل كانت هذه الإجراءات متوقعة؟ يوليا جوجا- الأستاذة المساعدة في جامعة جورج تاون :”يقول ترامب :”أميركا أولا” و”لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى” وإن كان تطبيق هذه الرؤية سيؤدي إلى تكاليف إضافية للحلفاء على المدى القصير والأهم من ذلك أن تطبيق هذه الرؤية سيكون له آثار على السياسة الخارجية والأمن الدولي بشكل عام ولكنه سيؤدي أيضا إلى تكاليف إضافية للولايات المتحدة نفسها على المدى البعيد . ولكن ترامب يفكر بطريقة تعاملية وعلى المدى القصير فقط من أجل تحقيق المزيد من الفوائد لبلاده خلال ولايته. ولكن الأمور معقدة حتى من الناحية التجارية لأن الضرائب الإضافية والتعريفات الجمركية التي يريد فرضها على الاتحاد الأوروبي والصين ولاعبين آخرين على الساحة الدولية ستؤدي إلى زيادة أسعار السلع والخدمات في السوق الأمريكية “.
في أوروبا فاقمت عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض من مخاوف الأوروبيين من تدهور العلاقات عبر الأطلسي. فهل ستختلف سياسة الرئيس دونالد ترامب تجاه أوروبا عن سياسة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن؟ وزير الخارجية الروماني إميل هوريزيانو في مقابلة مع راديو رومانيا: “من المحتمل أن نشهد تغييرات في الرؤية ولكن المصالح الجيوسياسية للولايات المتحدة لا يمكن أن تتجاهل المصالح والقيم التي تتشاركها أمريكا مع حلفائها التقليديون الأوروبيين بل ستأخذها في الاعتبار . نحن نعلم أن الاهتمام يمكن أن يصب في أكثر من اتجاه كما نعلم أن أحد أهم مصالح الولايات المتحدة يتعلق بمنطقة المحيط الهادئ والصين. ثم هناك بعض المساعي المتعلقة بالعلاقات مع جيران الولايات المتحدة .ولكن من جانب آخر أعتقد أن كتلة جيوسياسية بأهمية وثقل الاتحاد الأوروبي يسكنها أربعمائة مليون نسمة ولها قوة اقتصادية لا تقارن سوى بقوة الولايات المتحدة لا يمكن تجاهلها بصرف النظر عن التغييرات المحتملة.”
أما فيما يتعلق بالحرب في أوكرانيا والتي ستدخل قريبا عامها الرابع قال إميل هوريزيانو أنه لا يمكن في هذه اللحظة تحديد تطوراتها : “نحن لا نعرف كيف ستكون عليه تطورات الحرب في أوكرانيا. لقد استثمرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي مليارات الدولارات في هذه الحرب وربما استثمرت فيها الولايات المتحدة أكثر من الاتحاد الأوروبي. ولكن المبالغ التي استثمرها كل منهما في الحرب في أوكرانيا هي في الواقع استثمارات في مصالحه الخاصة والحيوية على المدى البعيد وهذا ينسحب على الولايات المتحدة أيضا لأن انتصار روسيا سيؤدي إلى إعادة ترتيب الأمور على الصعيدين الإقليمي والدولي بشكل غير متوقع وسلبي وخطير للغاية . هناك وعود قدمها الرئيس ترامب بهذا الصدد لذا فدعونا نر إلى أي مدى يمكن الوفاء بها. هناك في الإدارة الأمريكية مستشار جديد للساحة السوفييتية السابقة وهو خبير له خبرة استثنائية وكانت تصريحاته تصب دائما في اتجاه المصالح التقليدية للحلفاء الغربيين. كما أن هناك جهازا دبلوماسيا يحتفظ بكفاءته وقوة نفوذه وتعقله بغض النظر عن التغيرات التي قد تطرأ على مستوى القمة في بعض القطاعات أو المجالات”.
لم يتطرق دونالد ترامب في خطاب التنصيب إلى الأزمات الأمنية في أوكرانيا والشرق الأوسط لكنه وعد بأنه سيكون صانعا للسلام . وقال ترامب :”سنقيس نجاحنا ليس بالمعارك التي نفوز بها فحسب بل أيضا بالحروب التي سننهيها وأهم من ذلك بالحروب التي لن ننخرط فيها “.