رومانيا في مجال شنغن
تغيرت حدود شنغن الخارجية اعتبارا من الأول من يناير كانون الثاني الجاري مع بدء سريان مفعول قرار مجلس العدل والشؤون الداخلية الصادر في الثاني عشر من ديسمبر 2024
Diana Baetelu, 06.01.2024, 15:30
تغيرت حدود شنغن الخارجية اعتبارا من الأول من يناير كانون الثاني الجاري مع بدء سريان مفعول قرار مجلس العدل والشؤون الداخلية الصادر في الثاني عشر من ديسمبر 2024 والقاضي بانضمام رومانيا وبلغاريا إلى منطقة شنغن وبذلك أصبحت حدود شنغن الخارجية هي حدود رومانيا مع صربيا وجمهورية مولدوفا وأوكرانيا.أما في بلغاريا فأصبحت حدود شنغن الخارجية هي الحدود مع صربيا ومقدونيا الشمالية وتركيا. ويجدر ذكر أن الحدود مع تركيا هي الأكثر تعقيدا من ناحية التعامل مع الهجرة غير الشرعية ولذلك كانت أحد أسباب تأخر النمسا في الموافقة على انضمام البلدين على مدى السنوات الماضية .
كان الانفعال شديدا حتى اللحظة الآخيرة في كل من بوخارست وصوفيا بانتظار الإعلان الرسمي لقبولهما في مجال شنغن بالحدود البرية أيضا رغم أن النمسا كانت قد وقعت في بودابست في نوفمبر تشرين الثاني الماضي على اتفاق بهذا الشأن وكانت الحكومة النمساوية قد صرحت بأنها لن تستخدم مجددا حق النقض ضد انضمام البلدين في مجلس العدل والشؤون الداخلية للاتحاد الأوروبي. المفاجأة جاءت في اللحظة الأخيرة من هولندا التي بادر الراديكاليون اليمينيون في حزب الحرية بالبرلمان الهولندي بخطوة لمنع قبول البلدين في مجال شنغن بالحدود البرية أيضا لكنهم فشلوا في الحصول على مؤيدين لمبادرتهم .
فالنتين نوميسكو أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بابيش بولياي في كلوج نابوكا : ” منذ فترة طويلة ورومانيا تستحق الانضمام إلى مجال شنغن. كان ينبغي أن نشاهد قبولها كعضو ذي حقوق كاملة في مارس آذار عام 2011 بمجرد وفائها بالشروط التقنية المطلوبة .ولكن للأسف الشديد كان السياق السياسي غير موات لرومانيا أوروبيا وإقليميا إذ خشيت هولندا والنمسا ودول أخرى صعود الأحزاب المتطرفة المناهضة للهجرة وتداعيات ذلك على الانتخابات المقبلة وحاولت تسوية حساباتها السياسية الداخلية على حساب رومانيا وبلغاريا. لذلك أود القول بأنه لا ينبغي توجيه اللوم إلى رومانيا لتأخر انضمامها إلى مجال شنغن لأنها استوفت المعايير المطولبة منذ أكثر من ثلاثة عشر عاما الأمر الذي أقرت به المفوضية الأوروبية ذاتها “.
تطرق الأستاذ ناوميسكو إلى الآثار الإيجابية لانضمام رومانيا إلى مجال شنغن بشكل كامل أي بحدودها البرية أيضا : “من الناحية الجيوسياسية فإنه من الأهمية بمكان أن بلغاريا انضمت إلى مجال شنغن بالتزامن مع رومانيا لأن ذلك يغلق بشكل جزئي الممر الذي يربط اليونان أي جنوب الاتحاد الأوروبي بأوروبا الوسطى . فهذا الممر سيكون له دور اقتصادي هام للناقلين وسائر العملاء الاقتصاديين وليس للاقتصاد الروماني فسحب بل أيضا لاقتصاد المنطقة واقتصاد الاتحاد الأوروبي.
معنى ذلك أن العديد من الشركات ستستفيد من تقصير وقت عبور أراضي هذه البلدان بعد إلغاء المراقبة الجمركية على حدودها الداخلية. هذه هي الآثار على المدى القصير والمتوسط أو على مدى السنوات المقبلة للانضمام إلى مجال شنغن بشكل كامل . ومعنى ذلك أن الترابط الاقتصادي سيكون أقوى وأن المزيد من المستثمرين سيأتون إلى رومانيا والمنطقة نتيجة انخفاض التكاليف .ما عدا ذلك لن تكون هناك تغييرات أخرى لكن من الواضح أن رومانيا استعادت هيبتها التي تضررت من تأجيل قبولها في مجال شنغن “.
الانضمام إلى منطقة شنغن بشكل كامل لن يؤدي إلى إلغاء الطوابير عند المعابر الحدودية فحسب بل سيغير قواعد اللعبة في الاقتصاد بصورة عامة نتيجة انخفاض تكاليف نقل البضائع وزيادة فعالية النقل وفقا لـمبدأ “الوقت يعني المال”. معنى ذلك أن شركات النقل ستوفر ملايين اليورو سنويا وأن المنتجات الرومانية ستصل إلى الرفوف الأوروبية بشكل أسرع وبتكاليف أقل.
بعبارة أخرى فإن القدرة التنافسية لرومانيا في الأسواق الأوروبية قد تحسنت فيما أصبحت البلاد أكثر جاذبية للمستثمرين الأجانب. وفي الوقت نفسه تتحول المناطق الحدودية إلى مراكز اقتصادية إقليمية . كما أن إلغاء المراقبة على الحدود سيؤدي إلى تنامي التجارة المحلية في حين أن التعاون عبر الحدود سيخلق فرص العمل والنمو الاقتصادي.
بعد انضمام رومانيا إلى مجال شنغن في الأول من يناير كانون الثاني الجاري ستستمر المراقبة العفوية على الحدود لمدة ستة أشهر كإجراء أمني اختباري . هذا يعني أن الفحوص على الحدود ستقتصر على عشرة أو خمسة عشر بالمائة من المراكب والأشخاص وهي إجراءات أصبحت اعتيادية داخل مجال شنغن بعد استئناف الفحوص على الحدود بشكل مؤقت في مخلتف بلدان شنغن على خلفية تنامي الهجرة إلى بلدان الاتحاد الأوروبي وأيضا على خلفية الحرب الهجينة التي تخوضها روسيا والتي تشكل خطرا على أمن الاتحاد الأوروبي.