إجراءات استثنائية في ظل ظروف استثنائية
في عام 2022 بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في رومانيا مستوى قياسيا تجاوز عشرة مليارات يورو

Diana Baetelu, 14.04.2025, 15:30
في عام 2022 بلغ حجم الاستثمار الأجنبي المباشر في رومانيا مستوى قياسيا تجاوز عشرة مليارات يورو بزيادة اثي عشر فاصلة ثلاثة بالمائة عما كان عليه في العام السابق . وقد تم بلوغ هذا المستوى في سياق معين وبعد تخفيف القيود المفروضة لمواجهة جائحة كورونا وصمود البيئة الاستثمارية في رومانيا على الرغم من التوترات الجيوسياسية وأزمة الطاقة. وكانت مجالات الاستثمار الرئيسية الصناعة والتجارة والخدمات المالية والتأمينية.ولكن منذ ذلك الحين أخذ الاستثمار الأجنبي في التراجع .
في عام 2023 قدر حجم الاستثمار الأجنبي المباشر بنحو ستة مليارات وستمائة مليون يورو وفي العام التالي انخفض بنحو مليار يورو . وتشير تقارير البنك المركزي الروماني إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة انخفضت في شهر ينايركانون الثاني من العام الجاري بمقدار النصف مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.
فعدم استقرار الساحة السياسية بالإضافة إلى الظروف الجيوسياسية السلبية أدت إلى استمرار المنحنى النزولي لحجم الاستثمار الأجنبي المبشار .. في هذه الأثناء قامت وكالات التصنيف الائتماني بعتديل النظرة المستقبلية لرومانيا نزولا من مستقرة إلى سلبية وإن كانت رومانيا لا تزال ضمن فئة البلدان الموصى بالاستثمار فيها ولكن في المرتبة الأخيرة قبل النزول إلى الفيئة غيرالموصى بها للاستثمار.
يقول الخبراء إن الحاجة إلى تدابير استثنائية لتدارك الوضع باتت ملحة ومن بينهم الأستاذ الجامعي ميرتشيا كوشيا:” دخلنا مرحلةً تنذر بمستقبل قاتم للاقتصاد الروماني وقدرته على جذب رأس المال الأجنبي. فبالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي المتوقع استمراره أيضا بعد انتخابات مايو الرئاسية إلى حين اتضاح الصورة يضا أيضنشاهد كذلك هذه التطورات الجيوسياسية السلبية التي تجد رومانيا معزولة برأيي إلى حد ما في الوقت الحالي.
لقد أقلقتنا تصريحات السفارة الأمريكيةفي بوخارست التي نقلت عن نائب الرئيس الأمريكي وصف رومانيا بالدولة ذات الديمقراطية غير المتطورة التي تتخذ قرارات خاطئة . وبذلك نكون قد أصبحنا البيضة الفاسدة في هذه المنطقة من وجهة نظر الإدارة الأميركية الجديدة . أما الحرب في أوكرانيا فحتى لو اتجهت إلي سلام من نوع معين فإنها ستجعل حدودنا تقع على مقربة من روسيا .
أعتقد أن رومانيا تدخل مرحلة صعبة فيما يتعلق بالاستثمار الأجنبي وهذا يتطلب تدابير استثنائية برأيي “.
الظروف الاستثائية تقتضي إجراءات استثنائية بحسب الأستاذ ميرتشيا كوشيا :”أول تلك الإجراءت هي التسهيلات الاستثنائية التي أعتقد أنه ينبغي منحها للمستثمرين الأجانب بشكل مؤقت . إنها تسهيلات لم تمنح حتى الآن لا فيما يتعلق بالضرائب ولا فيما يتعلق بتخصيص الأراضي لهم لكنها تسهيلات من شأنها زيادة جاذبية رومانيا للاستمثار الأجنبي مقارنة بالدول المجاورة.
ثانيا نحتاج إلى حشد ما يسمى بالدبلوماسية الاقتصادية أو الدبلوماسية التجارية.
وثالثا نحتاج إلى الدعاية بالمعنى الإيجابي للكلمة وذلك لإظهار أن رومانيا دولة غنية بالموارد مقارنة بدول أخرى وتستحق اهتمام المستثمرين رغم الصعوبات المؤقتة التي تشهدها كارتفاع العجز في الميزانية أو صعوبة جذب الأموال.”
وقد ذكر البروفيسور ميرتشيا كوشيا في هذا السياق بقطاعات تصنيع المنتجات الزراعية والطاقة والسياحة- : “نحن في حالة خمول وننتظر أن يأتي المستثمر ويسألنا: هل تريدون استثمارات؟ فهذا التعامل خاطئ أما التعامل الصحيح فهو أن نكون نحن من يطلب الاسثمارات وفي هذه المرحلة بالذات لا بد لنا من أن نتصل بالإدارة الأمريكية الجديدة بشكل عاجل لتوضيح الأمورو ولإثبات أن رومانيا دولة ديمقراطية وأن الصعوبات التي تواجهها في طريقها إلى الحل”.
تزايدت في الآونة الأخيرة المخاوف من المخاطرة وليس في رومانيا فقط بحسب الأستاذ الجامعي دانييل دايانو الخبير الاقتصادي ووزير الاقتصاد والمالية الأسبق :”سبق أسبنعيش في ظل حالة عدم يقين متزايد تعيق القدرة على التنبؤ. فإدارة ترامب اتخذت خطوات مفاجئة في جوانب عديدة من علاقتها مع روسيا التي تخوض حربا مع أوكرانيا. كما أن هناك أيضا حربا تجارية أداتها الرسوم الجمركية المرتفعة التي تؤثر سلبيا على العلاقة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
لذا فمن المرجح للغاية أن نشهد أيضا حربا للعملات لأنه كلما توترت العلاقات التجارية تحاول الدول استخدام سعر الصرف كوسيلة لتعزيز الصادرات وكبح الواردات.
كل هذا يزيد من الغموض التي يقتنف بالتطورات القادمة ويعيق القدرة على التنبؤ بها وينضاف إلى الشكاوى التقليدية لأوساط الأعمال التي تطالب دائما بقوانين مالية مستقمرة وعدم تعديل السياسات الاقتصادية بما يؤثر على خطط أعمالها.لكن التغيرات التي نشهدها مخلة بالنظام القائم .فما يحدث الآن بعد عودة الرئيس ترامب إلى البيت الأبيض يغير النظام الذي كان سائدا في أوروبا ما بعد الحرب “.