آفاق الاقتصاد في عام 2023
تحذيرات المؤسسات المالية الدولية من احتمال انزلاق اقتصادات كثيرة إلى الركود تخيم على العالم في بداية عام 2023 الذي من المتوقع أن يشهد تباطؤا لنمو الاقتصاد العالمي
Corina Cristea, 16.01.2023, 18:19
تحذيرات المؤسسات المالية الدولية من احتمال انزلاق اقتصادات كثيرة إلى الركود تخيم على العالم في بداية عام 2023 الذي من المتوقع أن يشهد تباطؤا لنمو الاقتصاد العالمي. من جانب آخر يتوقع النبك الدولي أن تقوم الدول بتشديد سياساتها النقدية للحد من ارتفاع التضخم في حين أن الظروف الاقتصادية ستتردى بسبب الاضطرابات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا. كما نبهت المؤسسة المالية إلى ضرورة اتخاذ تدابير عاجلة على الصعيدين العالمي والوطني لاحتواء تداعيات تباطؤ الأنشطة الاقتصادية وتراكم الديون لدى الدول الصاعدة والنامية. كما يتوقع الخبراء أن ينخفض حجم الاستثمارات إلى ما دون معدلات العشرين سنة الماضية. في مقابلة مع محطة سي بي إس التلفزيونية الأمريكية قالت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا إن المؤسسة تتوقع دخول ثلث الاقتصاد العالمي حالة الركود في حين أن نمو اقتصاد الصين سيكون أدنى من نمو الاقتصاد العالمي وذلك للمرة الأولى منذ أربعين عاما:
“عام 2023 سيكون عصيبا لمعظم اقتصادات العالم مقارنة بالأعوام الماضية لأن ثلاثة اقتصادات كبرى هي الولايات المتحدة والاتحاد الاوربي والصين تتباطأ بشكل متزامن. الولايات المتحدة التي تملك سوق عمل قوية هي الأكثر قدرة على الصمود وقد تتفادى الركود لكن معنى ذلك أن الاحتياطي الفيدرالي قد يكون مضطرا لاتباع سياسة أكثر صرامة فيما يتعلق بالفوائد ولمدة أطول من الوقت وذلك للحد من ارتفاع معدل التضخم. أما الاتحاد الأوربي فقد تضرر من الحرب في أوكرانيا بشكل كبير. وفيما يتعلق بالصين فإن الاقتصاد الصيني سيستمر في التباطؤ خلال العام الجاري بما يترتب على ذلك من تداعيات على العالم أجمع. أما فيما يتعلق بالأسواق الصاعدة واقتصادات الدول النامية فالوضع هناك أسوأ بكثير بسبب ارتفاع معدلات الفوائد إضافة إلى ارتفاع سعر صرف الدولار الأمريكي. لذا فإن الوضع سيكون كارثيا بالنسبة لهذه الاقتصادات”.
أوضحت جورجييفا أن صندوق النقد الدولي يتوقع أن يتراجع معدل نمو الاقتصاد العالمي إلى اثنين فاصلة سبعة بالمائة هذا العام بعد أن سجل نموا قدره ثلاثة فاصلة اثنان بالمائة في العام الماضي. الاستاذ الجامعي والخبير الاقتصادي ميرتشا كوشيا عرض لوضع الاقتصاد الروماني في مقابلة مع راديو رومانيا قائلا:
“نمو الاقتصاد الروماني يعتمد على الخدمات والاستهلاك وأيضا على الزراعة إلى حد ما. آخر الدراسات التي أجرتها جامعة هاوارد تشير إلى أن رومانيا تحتل مركزا متقدما هو التاسع عشر بين بلدان العالم من حيث مدى تنويع الاقتصاد وتحديثه. لكن هذه التقديرات مشكوك فيها حيث من الصعب أن نعتبر رومانيا بلدا متطورا في الوقت الذي تتراجع فيه القوة الشرائية ويترفع عجز الحساب الجاري والعجز في الميزانية العامة بما يقوض التنمية. ولكن بين هذا وذاك من المؤكد أن رومانيا تحتاج إلى إصلاح عاجل لأنها غير قادرة على مواجهة التغيرات الهامة التي يشهدها العالم”.
يعتقد البروفيسور كوشيا أن نمط التنمية العالمية الحالي سيتغير بشكل جذري في عام 2023 على خلفية بروز لاعبين دوليين جدد مثل الهند من جهة واستمرار الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة والتي باتت تطوراتها ترجح كفة الولايات المتحدة من جهة أخرى. في الوقت نفسه فإن الدول التي ستعمل على استثمار مواردها الداخلية شكل أكبر لتقليص اعتمادها على الواردات ستكون رابحة. أما رومانيا فيبدو أنها تسير في الاتجاه المعاكس بحسب الأستاذ الجامعي ميرتشا كوشيا:
“حجم الواردات مرتفع للغاية في حين أن الإنتاج المحلي متعثر وخاصة إنتاج السلع التي يكون الطلب عليها كبيرا مثل المواد العذائية. من جانب آخر تنعدم التدابير الاقتصادية الرامية إلى التحديث وإعادة الهيكلة والتي من شأنها أن تساعد القطاع الحقيقي للاقتصاد الروماني وهو القطاع الخاص بل على العكس تفرض على القطاع الخاص رسوم وغرامات إضافية لتغذية الميزانية العامة. هذا يعني أن اقتصاد رومانيا بات عرضة لصدمتين كبيرتين أولاهما الصدمة الخارجية الناتجة من وضع الاقتصاد الأوربي الذي لم يعد يسجل نموا ويواجه صعوبات شتى ليس بسبب مشكلات هكيلية فسحب بل أيضا بسبب اعتماده على الطاقة المواد الأولية المستوردة. أما الصدمة الثانية فداخلية وستنتج بسبب عدم تطبيق تدابير اقتصادية جذرية والاكتفاء بالمقبال بتدابير سطحية تهدف فقط إلى تخفيف الضعط على بعض الفئات الضعيفة. ولكن مثل هذه التدابير لا تؤدي إلى التنمية وإنما تساعد فئات معينة على البقاء على قيد الحياة على حساب فئات أخرى”.
سجلت رومانيا في الأشهر ال11 الأولى من العام الماضي عجزا قياسيا للميزان التجاري زاد عن 31 مليار يورو في الوقت الذي لا تزال فيه العلاقات التجارية مع دول الاتحاد الأوروبي تسود تجارة رومانيا الخارجية حيث تمثل أكثر من 72 % من إجمالي الصادرات ونحو 70% من الواردات.