شارع باتيشتي في بوخارست
في وسط بوخارست مقابل مبنى الجامعة وخلف المسرح الوطني يقع أحد أقدم وأشهر شوارع العاصمة
Diana Baetelu, 14.11.2023, 14:27
في وسط بوخارست مقابل مبنى الجامعة وخلف المسرح الوطني يقع أحد أقدم وأشهرالشوارع في العاصمة. إنه شارع باتيشتي الذي يتوسط أحياء سكنية قديمة علامتها الفارقة هي معالم الفن المعماري العائدة إلى أواخر القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين التي كانت قديما منازل الوجهاء . معالم نجت لحسن الحظ من عمليات الهدم التي محت أحياء عديدة أخرى في إطار عملية التخطيط العمراني إبان الحقبة الشيوعية كما من التعديلات غير الملهمة التي شوهت العديد من الملامح الأصيلة للأحياء القديمة على مر العصور ليحافظ شارع باتيشتي على معالمه القيمة إلى أن أعلن منطقة تاريخية محمية .
اسم الشارع قد يكون مشتقا من لقب “باتيليشتي ” التي يعتقد أنه أطلق قديما على سوق للمواشي كانت تقع بجوار مستقعات طينية . كما ليس مستبعدا أن يكون هذا الاسم هو اسم خادم أجنبي مخلص ومجتهد كان يعمل في القصر الأميري في مطلع القرن السابع عشر هو باتيستا فيليلي الذي كوفئ ببعض الأراضي بجوار شارع باتيشتي الحالي .مؤرخة الفن أوانا ماريناكي لديها المزيد من التفاصيل حول تاريخ شارع باتيشتي :” يقال إن المنطقة التي يقع فيها شارع باتيتشي كانت مغطاة ببرك ماء امتدت من حي إيكواني الحالي إلى شارع باتيشتي وهي برك تكونت من مياه أحد روافد نهر دامبوفيتشا الذي يعبر العاصمة . وكانت تلك البرك تكبد سكان المنطقة أضرارا كبيرة بسبب تراكم الوحل في الطرقات وتعثر حركة المرور بما جعلهم عالقين وسط الوحل . ويقال إن التجار في نهاية القرن الثامن عشر كانوا ينصحون بعضهم البعض بتجنب منطقة باتيليشتي وإلا ستتعثرعرباتهم في المستنقعات وسيضطرون لضرب الثيران لإجبارها على الخروج من الوحل.”
مع انتشار الأسواق وتطور التجارة والحرف في العاصمة ازدادت أهمية شارع باتشيتي كشارع للتجار والحرفيين : “يقال أن الكثير من الجزارين افتتحوا محالا في شارع بتاشيتي حيث كانوا يذبحون المواشي ويغسلون اللحوم ويقطعونها قبل عرضها للبيع . كما انتشرت في المنطقة محال صناع المعاطف والسترات من فرو الخراف وكان الحرفيون يستخدمون مياه البرك لتصنيع الجلود .. بطبيعة الحال كانت روائح كريهة تفوح من ورش أولئك الحرفيين . وكان سكان المنطقة يشتكون منها ويخشون انتشار الأمراض المعدية بحسب ما تشير إليها وثائق عائدة إلى النصف الأول من القرن التاسع عشر.”
في النصف الثاني من القرن التاسع عشر دخلت بوخارست مرحلة التحديث فابتعد سكانها عن نمط الحياة الشرقي ليحتضنوا نمط الحياة الغربي . فقد تغير وجه المدينة بشكل كبير وازدهرت الأعمال التجارية واكتسب بعض التجار ثروات كبيرة سرعان ما تجلت في المنازل الفخمة التي انتشرت في المدينة ولا نزال نشاهد بعضا منها في شاوارع المركز التاريخي ومن بينها شارع باتشيتي الذي امتلأ هو الآخر بمنازل فخمة ابتداء من نهاية القرن التاسع عشر وحتى بداية القرن العشرين :”لا بد من توضيح أن شارع باتيشتي يعد من بين المناطق التاريخية المحمية نظرا لقيمة المعالم التي شيدت فيه ولا تزال قائمة حتى اليوم . وهنا أود أن أشير على وجه خاص إلى المنازل الرائعة التي شيدت هناك في نهاية القرن التاسع عشر . نحن نعرف أسماء المالكين كما لدينا وثائق تحمل توقيعات المهندسين المعماريين الذي وضعوا المخططات وكان من بينهم المهندس السويسري لويس بلانك الذي يصادف عام 2023 الذكرى العشرين بعد المائة لوفاته. من أبرز المعالم التاريخية في شارع باتيشتي تجدر الإشارة إلى منزل العائلة فيليبيسكو وكذلك المقر السابق للسفارة الأمريكية و منزل المصرفي هيرمان شيابر الذي شيد في عام 1900 . كان شايبر صهر المصرفي موريسيو بلانك الذي كان يسكن هو الآخر في منزل فخم يعد أيضا من بين إنجازات المهندس المعامري السيوسري لويس بلانك . كذلك يجدر ذكر قصور عائلة بوامبا أريجتويانو فضلا عن قصور عائلة كاليماكي.”
ليس المظهر الخارجي في منتهى الأناقة وحده ما تتميز به تلك المنازل وإنما التصميمات داخلية الفاخرة والتي لا يزال بالإمكان مشاهدة بعض منها رغم مرور الوقت : ” المساكن التي تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر تمثل الأسلوب الفني للعصر الجميل ويحتفظ بعض منها بواجهاتها الأصلية المزينة بعناصر معمارية كلاسيكية . لكن التصميمات الداخلية التي أتيحت لي مشاهدتها تظهر مزيجا انتقائيا من الأساليب الفنية العائدة إلى مختلف العصور التاريخية بدلا من أسلوب فني واحد ذلك أن الأسلوب الانتقائي كان العديد من المهندسين المعماريين في نهاية القرن التاسع عشر يفضلونه على الأساليب المعمارية الأخرى . لذلك نلاحظ في بعض المنازل وجود صالونات مزينة على الطراز الكلاسيكي الفرنسي جنبا إلى جنب مع غرف جلوس وتدخين أو مكتبات مزينة على أطرزة أوروبية أخرى فضلا غرف جلوس على الطريقة شرقية علما أن الموضة العثمانية كانت لا تزال منشترة في المجتمع الروماني في منتصف القرن التاسع عشر. مع مرور الوقت أعيد تصميم بعض الغرف لتحويها إلى صالونات لاستقبال الضيوف على الطريقة الرومانية الحديثة . لذا فإن زيارة تلك المنازل يمكن اعتبارها درسا مفيدا في تاريخ التصميمات الداخلية في القرن التاسع عشر .”