تيودور أمان – مؤسس مدرسة الفن الرومانية
كان تيودور أمان أول رسام روماني كلاسيكي عظيم . كان رساما ونحاتا وأستاذا في مدرسة الفنون الجميلة التي قام بتأسيسها بنفسه بمساعدة الرسام الكبير غورغي تاتاريسكو
Diana Baetelu, 02.11.2024, 15:30
كان تيودور أمان أول رسام روماني كلاسيكي عظيم . كان رساما ونحاتا وأستاذا في مدرسة الفنون الجميلة التي قام بتأسيسها بنفسه بمساعدة الرسام الكبير غورغي تاتاريسكو ويعتبره النقاد رائد الفن الحديث في رومانيا لمساهمته في تحقيق انفتاح الثقافة المحلية على الثقافة الأوروبية والحداثة ولدوره الكبير في تطوير الفنون والمؤسسات ذات الصلة في إمارتي مولدوفا وفلاهيا المتحدتين.
عن مساهمة الرسام تيودور أمان في تأسيس مدرسة الفنون الجميلة في بوخارست تحدثنا مسؤولة متحف أمان دوينا شوتيو: “أتيحت لأمان فرصة مغادرة ولاية فلاهيا التي كان ولد فيها عام 1831 والتي كانت خاضعة لسيطرة الإمبراطورية العثمانية وعانت من تخلف شديد ليتجه إلى باريس وهو في التاسعة عشرة من العمر . فقد وصل إلى باريس التي كانت عاصمة للثقافة والفن في ذلك الوقت قادما من مجتمع متخلف للغاية ليكتشف عالما كان قد تطور وفق قواعد مختلفة وغريبة عليه تماما . لكنه تكيف مع البيئة الجديدة تلك لأنه كان ذكيا ومتعلما رغم تخلف المجتمع الذي قدم منه إذ كان وقت سفره إلى باريس يجيد لغات أجنبية وكان قد درس الموسيقى .
كان جادا للغاية واجتهد في الدراسة وحصل على نتائج ممتازة . كان من المقرر أن يعود إلى إمارة فالاهيا في عام 1855 ولكنه تلقى رسالة من الأمير باربو شتيربي نصحه فيها بألا يعود إلى الوطن بعد لأن الظروف لم تكن مواتية للفنانين . فقد بقي تيودور أمان في باريس حتى عام 1858 وتعمق في الدراسة حتى أصبح يتقن مختلف تقينات الرسم . فمن الواضح أن النموذج الذي احتذى به أمان هم رسامو عصر النهضة الذين كان ينبغي عليهم إتقان أكبر عدد ممكن من التقنيات. وقد عاد تيودور أمان إلى بوخارست في عام 1858 عاقدا العزيمة على تأسيس مدرسة للفنون الجميلة في بوخارست . كان قد رأى بأم العين أين وصل المجتمع الفرنسي ومعه الثقافة والفنون بفضل التعليم والتربية وأدرك أنه بدون تعليم لا يمكن لأي مجتمع أو شعب أن يتطور . فكانت أمينته الكبرى أن يؤسس مدرسة”.
عن مساعي تيودور أمان الرامية إلى تأسيس مدرسة الفنون الجميلة في بوخارست قالت دوينا شوتيو: “اعتبارا من عام 1858 قام أمان بمساع عديدة لدى السلطات مطالبا بدعمها من أجل افتتاح مدرسة للفنون الجميلة لكنه فشل . وبعد محاولات فاشلة متكررة شعر بحزن شديد لأنه كان يطالب فقط بقطعة أرض ليبني فيها مدرسة خاصة . وفي نهاية المطاف حصل على الموافقة في عام 1864 أي بعد اتحاد إمارتي مودلوفا وفالاهيا بقيادة الأمير ألكسندرو إيوان كوزا الذي كان قد أسس جامعة ومدرسة للفنون الجميلة في مدينة إياشي عاصمة إمارة مولدوفا منذ عام 1860.
في عام 1864 وقع الأمير كوزا على مرسوم تأسيس مدرسة الفنون الجميلة في بوخارست. والجدير بذكر أن الفنان تيودور أمان لم يكن وحيدا في مساعيه تلك بل أيده دائما وساعده صديقه وزميله الرسام غورغي تاتاريسكو الذي كان قد درس الرسم في روما ووقف إلى جانب أمان في مساعيه الرامية إلى تأسيس المدرسة . وفي عام 1864 افتتحت مدرسة الفنون الجميلة في بوخارست وعين أمان مديرا لها وبقي في ذلك المنصب حتى وفاته في عام 1891. افتتاح المدرسة كان إنجازا كبيرا لأن المؤسسة أتاحت للكثير من الشباب الموهوبين فرصة تطوير مهارتهم في مدرسة مختصة على أيدي فنانين كانوا درسوا الرسم في الغرب .”
عن الأستاذ تيودور أمان قالت ضيفتنا : “قلت مرارا أن اسم أمان كان سيبقى خالدا في تاريخ الفن في رومانيا كمؤسس لأول مدرسة لفنون الجميلة في بوخارست حتى بدون انجازاته الرائعة كرسام . كان مدرسا موهوبا بحسب الوثائق العائدة إلى النصف الثاني من القرن التاسع عشر والتي تصفه بالمدرس المتميز والناجح . كما أن هناك شهادات كثيرة تشير إلى حسن معاملته لطلابه . لقد أحبهم أمان وكأنهم أولاده فأحبوه وكأنه أبوهم .
لم يكن لديه أطفال وكان يعامل طلابه وكأنهم أبناؤه . ولكننا لا نتحدث هنا عن العلاقة الإنسانية بين الأستاذ ومريديه فحسب بل أيضا عن العلاقة التعليمية . كان أمان مدرسا عظيما لأنه حصل على تربية استثنائية جعلت منه مدرسا عظيما . من جانب آخر كان أمان مدرسا كثير المطالب ورفع سقف مطالبه إلى أعلى المستويات . ولكن جهوده لم تذهب هباء إذ إن أول الفنانين الرومانيين الكبار في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين درسوا الرسم على يد تيودور أمان”.
أحد أجمل المتاحف في بوخارست هو متحف تيودور أمان الذي أقيم في منزل الفنان . وقد قام أمان بتصميم مخططات المنزل بنسفه كما قام بتزيينه برسومات رائعة تعكس على أتم وجه شخصية الفنان المتميزة .