بيت بومبيليو إلياده
تتمتع مدينة بوخارست بتراث عقاري متنوع، مثلها مثل أي عاصمة أوروبية شهدت العديد من المراحل التطورية. واحد من أكثر الأشياء المعمارية إثارة والتي ظهرت في المشهد البوخارستي في بداية القرن العشرين كان منزل بومبيليو إلياده
Steliu Lambru, 23.12.2018, 13:49
تتمتع مدينة بوخارست بتراث عقاري متنوع، مثلها مثل أي عاصمة أوروبية شهدت العديد من المراحل التطورية. منذ الربع الأخير للقرن التاسع عشر، والذي اتسم أولاً بتحقيق استقلال الدولة في عامي ألف وثمانمئة وسبعة وسبعين، ألف وثمانمئة وثمانية وسبعين، وكذلك إعلان الملكية في عام ألف وثمانمئة وواحد وثمانين، يبدأ التطور المعماري والتحول الحضري لمدينة بوخارست. واحد من أكثر الأشياء المعمارية إثارة، والتي ظهرت في المشهد البوخارستي في بداية القرن العشرين، كان منزل “بومبيليو إلياده Pompiliu Eliade”. المنزل الذي مرّ تقريباً خلال جميع المراحل التي يمرّ بها أي بناء: من جهود الإنشاء، ثم المغادرة، ثم الانهيار، ثم محاولات إهادة التأهيل. بالتعاون مع المحررة “سيلفيا كولفيسكو Silvia Colfescu”، قدمت لمحة سريعة حول تاريخ هذا المبنى الفريد.
“يقع المنزل في شارع قناة الاستقلال رقم سبعة وأربعين، على زاوية شارع “هاشديو Hașdeu“. تم بناؤه من قبل شخصية أدبية رومانية، “بومبيليو إلياده Pompiliu Eliade“، الأديب الروماني ذائع الصيت خلال زمنه، وصديق “بوغدان بيتريتشييكو هاشديو Bogdan Petriceicu Hașdeu“. يدين تصميم المنزل بفكرته لـ”هاشيدو” لأنه صديق إلياده، كون هذا التصميم أفضل لقاطنيه إذ يتكون من فسحة مركزية ثمانية الأضلاع وأربعة أجنحة باتجاه النقاط الأساسية. تم تصميم المنزل من قبل المعماري “هنري ساسكيند Henri Susskind“ وبناؤه من قبل رجل الأعمال “شيندل Schindl“، والذين قاما ببناء كلية الطب البيطري في الجهة المقابلة. “ساسكيند” الثري النمساوي الذي كان متزوجاً من سيدة رومانية، نسيبة الجنرال “ناستوريل هيريسكو Năsturel Herescu“. تم بناء المنزل كما بنت الشخصيات المعروفة في ذلك الوقت منازلها الجميلة من خلال الاقتراض. في ذلك الوقت، لا توجد ملكيات مصنوعة من لا شيئ. فقد بنى “سبيرو هاريت Spiru Haret” منزله في الشارع الأخضر من خلال قرض بنكي، وكذلك فعل “بومبيليو إلياده”. حيث سكن هناك مع زوجته وطفليه حتى مماته. وعندما مات، لم يعد بمقدور زوجته دفع أقساط المنزل، وأصبح المنزل من أملاك البنك.
الصداقة بين الشخصية المهيمنة لـ”هاشديو” والذكية لـ”بومبيليو إلياده” كانت سبباً لولادة هذه الجوهرة. “سيلفيا كولفيسكو”:
“المنزل رائع. هندسته المعمارية رومانسية، فاغنرية إلى حد ما، مثل قلعة. وعلاوة على ذلك/ يشبه قلعة “يوليي هاشديو Iuliei Hașdeu” في “كامبينا Câmpina“، مع معالم جديدة في فن الزخرفة. وعلى مسافة قصيرة هناك منزل آخر مشابه، ولكن على طول النهر، لم أرَ منزلاً مماثلاً في بوخارست. كما احتفظ المنزل بالسياج الأصلي لبضع سنوات خلت، أي أنه بقي صامداً لمئة عام، لكن البوابات اختفت بقدرة قادر، والتي هي بالنسبة للبعض مجرد صفقة للبيع كحديد عتيق. رحل “بومبيليو إلياده” في عام ألف وتسعمئة وأربعة عشر، بينما غادرت السيدة “إلياده” المنزل وانتقلت إلى “باريس” مع الأولاد. أصبح المنزل من أملاك البنك والذي لم يعرف كيف يتصرف به. تم الاحتفاظ به لبعض الوقت، في محاولة لتحويله إلى سكن طلابي. وفيما بعد، اشتراه “أنتون رادوليسكو” وهو قاضٍ، لديه ولدان، حيث اعتنت العائلة جيداً بالمنزل. في الأصل، لا يملك المنزل طبقات منفصلة، لكن “أنتون رادوليسكو” بنى أرضية وحوّل المنزل إلى مكان مريح للسكن. أعطى الشقة العلوية لابنته كمهر، وبقي مع زوجته وولده في الطابق الأرضي. تزوجت ابنته من الصحفي “جيورجي أوليمبيو إيوان Grigore Olimpiu Ioan“، الذي أنهى دراسته في باريس”.
بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، يبدأ المنزل بالانهيار مع تولي الشيوعية للسلطة. “سيلفيا كولفيسكو”:
“كان كل شيئ رائعاً. المنزل معتنى به بشكل جيد، وكان أحد أجمل المنازل في بوخارست، حتى جاء ما يسمى بالتحرير فوق رأسنا، والذي كان من بين عواقبه الأخرى، تجريد المالكين من ملكياتهم وملئها. تم استدعاء العديد من القرويين إلى المدن لتولي قيادة البلاد وتم توفير الإقامة لهم. كان عدد سكان بوخارست نحو خمسمئة ألف نسمة، وقفز فجأة إلى عدد أكبر بكثير. أين سيقيم هذا العدد الهائل من الناس إلا في منازل الناس الذين لديهم بعض المساحة الزائدة، كما كان في ذلك الوقت. أحس الآن بشيء بارد على ظهري عندما أسمع هذا التعبير. في المنزل الذي نتحدث عنه، كان هناك شخصيات غريبة مختلفة من بينها “سيّد”، إذا جاز التعبير، الذي أتى أقاربه من الريف مع عربة يجرونها في الفناء، وناشط في الحزب الذي كان أفضل ما عمله في حياته هو سرقة مخللات القاضي. لايمكن سكنى الفسحة ثمانية الأضلاع، لأن جميع الغرف الآن مشغولة. في الردهة، حيث كان يتم استقبال الضيوف لشرب الشاي ومناقشة قضايا هامة، تحولت إلى مكان لوضع المخللات. لكل عصر خصائصه. كانت هذه خصائص ذلك الوقت، حيث تُجر العربة في فناء المنزل الفاغنري وتُحفظ المخللات في الفسحة ثمانية الأضلاع”.
مع موت الملاّك، وأنسباؤهم، كان على الوريث الوحيد أن يبيع إحدى الشقق، وبعد عام ألف وتسعمئة وتسعة وثمانين، يبيع كامل العقار لرجل أعمال ويغادر إلى “باريس”. ومع خروج المالك الجديد، تم احتلال المنزل قسرياً وتم تخريبه بشكل تدريجي. لكن تم مؤخراً إجلاء من احتلوه وتسييجه. لكن آمال عاشقي الجمال تتجه الآن نحو مشروع، سيجعل الأمر يستحق العناء.