الصلبان الحجرية في بوخارست
تواجدت الصلبان الحجرية في بوخارست منذ القدم في الأحياء السكنية وعند مفترق الطرق
Diana Baetelu, 02.10.2023, 14:32
تواجدت الصلبان الحجرية في بوخارست منذ القدم في الأحياء السكنية وعند مفترق الطرق إما لإحياء ذكرى أحداث هامة في تاريخ العاصمة وإكرام ذكرى الأموات أو للإشارة إلى كون ذلك المكان ملكية خاصة . يبلغ عدد الصلبان الحرجية اليوم خمسين صليبا وأقدمها هو صليب الأمير ليون حاكم إمارة فلاهيا ما بين عامي 1629 و1632 والذي صنع من الخشب تمجيدا لانتصار الأمير على ماتي باسراب في عام 1631. لكنه تهالك مع مرور الزمن فأعيد إنشاؤه من الحجر في عهد نجل الأمير- رداو ليون ما بين عامي 1664و1665. صليب الأمير برانكوفيانو الأب كان أيضا من خشب وقت إقامته بأمر من نجله كنستنتين في عام 1713 في المكان الذي قتل فيه والده في عام 1655 أثناء تمرد الجنود والمرتزقة عليه .. المؤرخ تشيزار بيتري بويوماتش مسؤول متحف بوخارست ومنسق مشروع ثقافي حول الصلبان القديمة في العاصمة فسر لنا وظيفة تلك المعالم ومغزاها : “الشدائد والمشاق التي ابتليت بها إمارة فالاهيا في العصر ما قبل الحديث دفعت سكانها لإقامة معالم ذات وظيفة رمزية مزدوجة هي الحماية من ويلات جديدة في المستقبل والتذكير بالمآسي التي حلت بهم في الماضي كما هو على سبيل المثال الصليب الحجري الذي أقامه قائد الجيش ماتي موغوش في إقطاعه مطلع القرن الثامن عشر امتنانا على بقائه وأفراد عائلته على قيد الحياة أنثاء وباء الطاعون الذي كان يخيم على بوخارست آنذاك . وقد اكتسب ذلك الصليب رمزية عميقة في العقلية الجماعية حتى أصبح أحد أبرز المعالم من نوعه في بوخارست ما دفع المطران غريغوريوس الثاني لبناء كنيسة حول الصليب للتذكير بفظائع الطاعون والمجاعة التي أعقبته . وقد وضع الصليب فيما بعد في مذبح الكنيسة لكن من الصعب رؤيته اليوم . معالم مماثلة أقيمت قديما للتذكير بوباء الطاعون موجودة أيضا في عاصمة النمسا فيينا على هيئة عامود من حجر تحيطه تماثيل ومنقوشات وقد إقيم بأمر من الإمبراطور في نهاية القرن السابع عشر بعد نهاية وباء الطاعون وأطلق عليه عمود الرحمة . وفي مدينة أراد غرب رومانيا أقيم عامود مماثل في منتصف القرن الثامن عشر هو عمود الطاعون الذي تحيطه تماثيل الثالوث الأقدس. معالم أخرى من هذا النوع أقيمت أيضا في مدن غرب رومانيا وفي المجر وألمانيا وفاء بوعود بإنشائها قطعت أثناء انتشار وباء الطاعون في أوروبا على أمل التخلص منه .”
كانت الصلبان الحجرية تحمل رمزية قوية ما يفسر تأثيرها الكبير على العقلية الجماعية ونمط حياة سكان بوخارست . المؤرخ تشيزار بيتري بويوماتش يروي لنا قصة أحد تلك الصلبان — شريط :”أحد أشهر الصلبان في بوخارست هو صليب نيوفيت ومع ذلك لا يعرف قصته إلا قلة قليلة من الناس. لقد شيد الصليب بأمر من المطران نيوفيت ليكون حجر الحدود بين أراضي المطرانية وكرومها وبين أراضي دير الأمير ميهاي المجاور عقب انتهاكات متكررة لأراضي المطرانية من قبل كهنة الدير . فقد اختار المطران موقع الصليب على الحدود القديمة للمطرانية قبل انتهاكها من قبل الكهنة . لكن الرياح لم تجر بما تشتهي سفن المطران إذ إن كهنة الدير أقنعوا سكان المنقطة بإخفاء الحدود الحقيقية للمطرانية. وعليه أطلق المطران لعنة على سكان المنطقة لعلهم يصارحونه بالحقيقة . وقرئت اللعنة الرهيبة في الكنيسة أثناء قداديس أيام الأحاد الثلاثة الأولى من فترة صيام عيد القيامة فخرج سكان المنطقة عن صمتهم ودلوا لجنة التحقيق المكلفة بحسم القضية على الحدود الحقيقية للمطرانية “.
تحتضن ساحة الجامعة في وسط العاصمة صلبانا حديثة الصنع أقيمت تكريما لشهداء ثورة عام 1989 ومن بينها صليب باسرابيا . مسؤول متحف بوخارست تشيزار بيتري بويوماتش يوري لنا قصة هذه المجموعة النحتية :
“صنع صليب باسرابيا من خشب وجلب إلى بخارست من قبل طلاب في جمهورية مودلوفا أثناء مسيرة الوحدة التي أجريت في السابع والعشرين من مارس آذار عام 1992احتفاء بذكرى اتحاد المنطقة مع مملكة رومانيا في عام 1918 .صليب باسرابيا يرمز لوحدة الأمة وهو الأول ضمن مجموعة الصلبان التي نصبت في ساحة الجامعة وتتضمن ثمانية صلبان أخرى من الحجر.تعرف المجموعة بنصب أبطال ثورة عام 1989 وتشهد في شهر ديسمبر كانون الأول من كل عام مراسم تكريم ذكرى شهداء الثورة .”