الرومانيون ورحلاتهم في القرن التاسع عشر
في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، يمكن وصف الروماني بأنه خامل من قبل الكاتب ديميتري راليت: وهكذا، من الواضح أن الروماني قد ورث من أجداده الداتش عدم الحركة من بلاده
Christine Leșcu, 03.02.2019, 11:45
لن يستغرق الأمر وقتاً طويلاً، حتى يتخلص الروماني من هذه العادة، وبدءاً من العام ألف وثمانمئة، يذهب المزيد والمزيد من صغار الأرستقراطيين، وكذلك أيضاً بعض كبار السن، لاكتشاف غرب أوروبا أولاً، ثم العالم بأسره. وقد كتب العديد منهم مذكراته وانطباعاته، لكن الأول الذي أصبح مشهوراً، بسبب جريدة الرحلات، كان الأرستقراطي “دينتشيو غوليسكو” من خلال –مذكرات رحلتي- المطبوعة في أعوام ألف وثمانمئة وأربعة وعشرين، ألف وثمانمئة وخمسة وعشرين، ألف وثمانمسة وستة وعشرين”. بدأت الرحلة في “ترانسلفانيا”، لأنه سيعبر من هناك إبى “هنغاريا”، “النمسا”، “إيطاليا”، “ألمانيا”، ومن ثم “سويسرا”. وقبله، كان الباحث “غيورغي آساتشي”، أول روماني ارستقراطي فتي يصل إلى “فيينا”، في عام ألف وثمانمئة وسبعة، وبعدها إلى “روما”، كي يتم أبحاثه المطلوبة. يبدأ معهم أدب رحلات غني، لأبطال مجهولين معروفين قليلاً، لكن ممتعين. تم جمع هذه النصوص من قبل البروفيسور الجامعي “ميرتشيا آنغيليسكو”، في مجلد ” الرومانيون الرحّالة ورحلاتهم في الرقرن التاسع عشر”. “ميرتشيا آنغيليسكو”:
“كان القرن التاسع عشر بالنسبة لنا، القرن الذي حدث فيه العديد من الأشياء، بشكل عام، والتي احتاجت من قرنين إلى ثلاثة قرون كي تحدث لدى شعوب أخرى. لقد أنجزنا العديد من الأمور في ذاك القرن، لقد كان هناك العديد من الرحالة المشهورين، الذين قالوا أشياء مهمة، والتي ستفكر فيها بشكل آلي. بالمقابل، تم إهمال البعض الأقل شهرة، ولكنهم الأكثر إمتاعاً. على سبيل المثال، هناك سيدة ذات حياة مثيرة، إنها “أوتيليا كوزموتسا”، ابنة رجل دين روماني من شمال “أرديال”، والتي تزوجت نحو العام ألف وتسعمئة مع موظف رسمي في الامبراطورية النمساوية-الهنغارية. لكنها امتلكت مواهب فنية متعددة. ذهبت إلى ألمانيا لدراسة الرسم، لكنها وقعت هناك في حب اليابان. غادرت إلى اليابان بمنحة حكومية، على أن تلتزم بأن تكون مراسلة من هناك. أرسلت بضع مراسلات مثيرة جداً للاهتمام حول الحياة والثقافة اليابانية. لكنها بعثت أيضاً مراسلات من “باريس”، حيث التقىت على ما يبدو بـ”برانكوش Brâncuşi “.
امتدت روح الانتعاش من العام ألف وثمانمئة حتى الحرب العالمية الأولى. إذا كانت البدايات خجولة، في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وخاصة في الجزء الأول منه، كان العديد من الرومانيين يقومون بالفعل برحلات حول العالم، إما للاسترخاء، أو للمغامرة، أو لأغراض علمية. وصل “ديمتري غيكا كومانيشت” إلى أفريقيا، ودار “باسيل أسّان Basil Assan ” العالم، فيم وصل “إميل راكوفيتسا” حدود القارة القطبية الجنوبية. من بين هذه الأسماء الشهيرة ، يمكن استخراج بعضها الأقل شهرة، ولكن بمساهمات قيّمة. لقد جمع “ميرتشيا آنغيليسكو” أعمال أولئك أيضاً.
“كان بعضهم بكل بساطة مغامرين يظهرون ثم يختفون، كيف هم، حلفاء، بعض الجنود في وحدة عسكرية أجنبية، الذين كانوا يتواجدون في أفريقيا في العام ألف وتسعمئة، وبالتالي، من المحتمل، بداعي الملل بدأوا يبعثون إلى البلد مراسلات مختلفة، ثم اختفوا بعد ذلك. كانت مهنتهم خطيرة جداً. خلال عامي ألف وتسعمئة وثلاثة-ألف وتسعمئة وأربعة، غادر صحفي يساري من “غالاتس” إلى أفريقيا كي يزيد من ثرائه بعمله في الزراعة، بعد أن أفلست صحيفته. بقي هناك بضعة أعوام، وفشل فشلاً ذريعاً، وبالطبع، هي خبرة تستحق أن يُكتب حولها. بالنسبة لمن هو غير معتاد على أدب الرحلات، من المثير للاهتمام أن يكتشف أن الرومانيين، الذين كانوا يمتلكون سمعة الخمول والالتصاق ببلدهم، في القرن الثامن عشر أو بداية القرن التاسع عشر، أن يتحولوا في بضع عشرات من السنين إلى مغامرين مشهورين في البر والبحر”.
إذا كان اكتشاف أوروبا الغربية في البداية، جعل مسافرينا يشعرون بأنهم غير مرغوبين، فقد اكتشف الرومانيون خلال الوقت شيئًا آخر. “ميرتشيا آنغيليسكو”:
“لقد ربحنا في القرن التاسع عشر منذ البداية، مكاناً أوروبياً. لقد أدركنا، في الواقع، أننا أوروبيين، وأننا تبنينا الثقافة الآوروبية بشكل واعٍ. وكله يبدأ بفضل الرحالة، تحديد أوجه التشابه و المناطق الحضارية التي يجب ملؤها بالحضارة الأوروبية”.
ولأجل هذا، كان في السابق هناك حاجة إلى نوع من الصدمة الناتجة عن الرحلات. صدمة تعيدنا إلى الوعي، ولكن مع حقيقة، أن التحديث أو الأوربة كانتا في متناول اليد، وأن الرومانيين يشكلون جزءاً من الغرب، وليس من الشرق الذي استوعبنا لقرون. ندين لكل القرن التاسع عشر، وكذلك لرحّالته، تغطية الفجوات مع أوروبا الغربية، بوتيرة سريعة جداً.