أعمال الأمير نيكولاي في المنفى
ولد الأمير نيكولاي في شهر آب أغسطس عام 1903 وكان الشقيق الوحيد للعاهل الروماني كارول الثاني الذي بلغ سن الرشد
Diana Baetelu, 21.05.2024, 12:31
ولد الأمير نيكولاي في شهر آب أغسطس عام 1903 وكان الشقيق الوحيد للعاهل الروماني كارول الثاني الذي بلغ سن الرشد في حين توفي شقيقه الأصغر ميرتشا وهو طفل. ترعرع الطفل نيكولاي على يد والدته الملكة ماريا التي منحته قدرا كبيرا من الحرية فكان طفلا كثير الحركة و النشاط وأحب الرياضة والسيارات منذ نعومة أظفاره.أرسل وهو مراهق إلى كلية إيتون البريطانية المرموقة حيث تلقى تربية بريطانية بكل المقاييس تركت بصمات عميقة على شخصيته . لم يكن معروفا لعامة الناس ربما لأنه قضى معظم حياته في المنفى بعيدا عن الوطن. لكن مشاركته في مجلس الوصاية الذي تولى إدارة شؤون البلاد أثناء فترة غياب الملك كارول الثاني ما بين عامي 1927 و1930 أتاحت للجمهور فرصة التعرف عليه وعلى أنشطته العامة بشكل أفضل ..
زواج الأمير نيكولاي من إيوانا دوليتي رغم أنف الأسرة المالكة كان السبب الذي دفع الملك كارول الثاني إلى إرسال شقيقه إلى المنفى بعد وقت قصير من عودته إلى رومانيا واعتلائه العرش مجددا فقد رفض الملك الاعتراف بالزواج رفضا قاطعا غير أنه كان هو الآخر قد تزوج من امرأة لم تقبلها الأسرة المالكة ولم توافق على زواجه منها . فقد غادر الأمير نيكولاي رومانيا في مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي واضطر للبقاء بعيدا عن الوطن بسبب تولي الشيوعيين السلطة في رومانيا بعد الحرب العالمية الثانية.
حياة الأمير نيكولاي في المنفى هي موضوع كتاب بقلم ديانا مانداكي بعنوان “الأمير نيكولاي . المنفى والتنافسات ” اعتمدت المؤلفة في كتابته على وثائق تاريخية في الأرشيفات الرومانية والأجنبية. وقالت الكاتبة ديانا مانداكي عن شخصية الأمير نيكولاي وتأثيره في مجتمعات الرومانيين في المنفى:”كان نيكولايرجلا قويا وكان عصبيا وذا مزاج متقلب وفي الوقت نفسه كان مهذبا وحسن السلوك بفضل التربية البريطانية التي تلقاها أثناء تواجده في المملكة المتحدة للدراسة بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى. ربما تجدر الإشارة إلى أن مدرس الأمير نيكولاي قام أيضا بتدريس أبناء الملك جورج الخامس ابن عم والدته الملكة ماريا وكان لذلك المدرس الفضل الكبير في تكوين شخصية الأمير وإرشاده في لحظات معينة من الحياة. المؤرخ نيكولاي إيورغا الذي كان يكن مشاعر تقدير صادقة للأمير نيكولاي قال إنه يرفع قبعته وينحني أمام الأمير احتراما له لقبوله المشاركة في مجلس الوصاية لأنه بذلك قد ضمن استقرار السلاسة الملكية أثناء غياب العاهل كارول الثاني وهو مجلس كان لا بد منه في وقت كان فيه ولي العهد الأمير ميهاي لا يزال قاصرا غير مؤهل لاعتلاء العرش. وكان مجلس الوصاية يتكون من بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية ميرون كريستيا ورئيس محكمة العدل العليا جورجي بوزدوغان والأمير نيكولاي الذي انضم إليه بطلب من والدته الملكة ماريا . صحيح أن الأمير نيكولاي كان جاهزا أخلاقيا لتولي مثل هذا المنصب الرفيع رغم صغر عمره الذي لم يتجاوز الخامسة والعشرين علاقيا ومع ذلك كان من الصعب عليه أن يتخلي عن حياته الشخصية من أجل جل أحل التفرغ لوظيفة في منتهى الأهمية “.
غادر الأمير نيكولاي رومانيا في عام 1937لكنه كان نشيطا في العمل الدبلوماسي في المنفى في مدينة البندقية أولا حيث استقر لفترة من الوقت وثم في مدينة لوزان بسويسرا . ديانا منداكي:”في الأربعينيات أجرى الأمير نيكولاي لقاءات مع دبلوماسيين رومانيين لبحث قضايا سياسية هامة بالإضافة إلى الشؤون العسكرية وتطورات الحرب العالمية الثانية حيث أصر على ضرورة أن تغير رومانيا سياستها الخارجية من أجل الانضمام إلى الحلفاء . وكان الأمير يفكر في تشكيل لجنة للرومانيين الأحرار الأمر الذي لم يكن ممكنا في دولة محايدة كسويسرا التي كانت حظرت الأنشطة السياسية أيا كانت .ومع ذلك أجرى الأمير لقاءات مع دبلوماسيين أجانب من ممثلي الدول الحليفة ومن بينهم سفير الولايات المتحدة ليلاند هاريسون الذي كان تعرف على قضية نيكولاي منذ اعتماده سفثيرا في بوخارست عام 1937 . ربما هذا ما يفسر كثرة لقاءات الأمير بالسفير الأمريكي وأيضا بالوزير البريطاني المفوض في برلين . والحقيقة أن الأمير كان يسعى إلى مراجعة الدستور الروماني أو صياغة دستور جديد ولهذا الغرض استعان بخبير قانوني سويسري بعد أن أبلغ السلطات السويسرية بذلك .لكن السلطات السويسرية طالبته بوقف اللقاءات السياسية تلك وإن كانت تتخذ أحيانا شكل مآدب العشاء والاجتماعات الخاصة”.
بعد تولي الشيوعيين السلطة في رومانيا كثف الأمير نيكولاي من نشاطه في المنفى مركزا على مجال الثقافة في محاولة منه لتوحيد صفوف الرومانيين في المنفى :”بعد عام 1947 حول الأمير نيكولاي أنظاره نظاره إلى بلدان أخرى ومن بينها فرنسا على خلفية ارتفاع عدد الرومانيين فيها بعد تنصيب الحكومة الشيوعية في بوخارست ورحيل الملك. ميهاي كما اهتم بالرومانيين في إسبانيا الذين كان مظمهم من العناصر السابقة في الحرس الحديدي اليميني المتطرف في السنوات ما بين الحربين العالميتين كما اهتم بالرومانيين في إيطاليا. وقد لعب الأمير نيكولاي دورا هاما في تلك الفترة وكان يبث رسائل بمناسبة يوم المملكة الرومانية المصادف للعاشر من مايو أيار من كل عام على أثير إذاعة مدريد أو إذاعة روما وأقام فعاليات ثقافية للرومانيين المنفيين في محاولة لتوحيد صفوفهم . كما زار الجاليات الرومانية في إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وجمعياتهم ومنظماتهم .تحدث إلى الصحافة في إيطاليا وإسبانيا حول وضع الرومانيين في الوطن غي ظل الحكم الشيوعي لكنه ركز على الفعاليات الثقافية لأنه كان يعتبرها وسيلة للدعاية. إبان الحرب الباردة قام الأمير بتنظيم أسابيع ثقافية رومانية في ألمانيا الاتحادية وإسبانيا ودعم المكتبة الرومانية في فرايبورغ وأسس مؤسسة الأميرة إيوانا الثقافية بعد وفاة زوجته.”
توفي الأمير نيكولاي عام 1978 في مدريد ودفن في لوزان. وقد نقلت رفاهت وزوجته إيوانا دوليتي إلى رومانيا مؤخرا وأعيد دفنها في المقبرة الملكية بدير كورتيا دي أرجيس .